شهد القطاع الطبي حالة من الغضب والاحتقان هذه الأيام بين رأسي القطاع الأطباء ووزارة الصحة، بعد الخلافات التي ظهرت بينهما بسبب قرار الامتناع عن العلاج مدفوع الأجر وتقديم الخدمات الطبية مجانًا، والذي أقرته الجمعية العمومية الطارئة للأطباء نهاية الشهر الماضي على خلفية الاعتداءات المتكررة على الأطباء من قبل أمناء الشرطة من ناحية، ورفض وزير الصحة هذا القرار فضلاً عن عدم التسجيل ل"دفعة تكليف 2016" من ناحية أخرى، ما أدى إلى إضراب الأطباء عن التكليف حتى تتم الاستجابة لمطالبهم وتعديل المواد. بدوره قال الدكتور إيهاب طاهر، أمين عام نقابة الأطباء، إن الجمعية العمومية التي تحدث عنها وزير الصحة وادعى أنها مسيسة كانت الأكبر فى تاريخ نقابة الأطباء، وتعد تصريحات عماد الدين إهانة لجموع الأطباء، لأنها أثارت غضب وحفيظة الأطباء نظرًا للتقليل من شأن عموميتهم الأخيرة.
وأضاف طاهر ل"المصريون"، أن قرار الجمعية العمومية الذي تحدث عنه الوزير والخاص ب"العلاج المجاني" للمواطنين الذي تم تنفيذه خلال الأيام الماضية بلغ نسبة 60% على مستوى مستشفيات الجمهورية، وذلك استجابة من الأطباء لقرار جمعيتهم العمومية الذي اتخذته عقب الاعتداءات الأخيرة من قبل أمناء الشرطة على الأطباء.
وأكد أن هناك أطباء تلقوا تهديدات من قبل إدارات المستشفيات التي يعملون بها بناء على تعليمات وزير الصحة، الذي طالب بتحصيل الرسوم من المرضى مقابل الحصول على الخدمة الطبية المجانية التي فى الأساس حق له، لافتًا إلى أن هناك إجراءات تأديبية من قبل النقابة ضد هؤلاء المتعسفين ضد قرارات الجمعية العمومية.
وأوضح طاهر، أن هناك بعض المستشفيات بمحافظة أسيوط، منها منفلوط المركزى ومستشفى البدارى والساحل، وديروط المركزى والصحة النفسية بأسيوط، رفضت المشاركة فى تنفيذ قرار العلاج المجاني، وسوف يتم اتخاذ الإجراءات القانونية والتأديبية اللازمة ضد هذه المستشفيات التى امتنعت عن تقديم الخدمة مدفوعة الأجر والعلاج المجانى للمواطنين.
وانتقد أمين عام نقابة الأطباء ما اعتبره تحريضا من وزير الصحة ضد العلاج المجاني، ومطالبته بتحصيل رسوم من المرضى بموجب الكتاب الدورى رقم 1 الصادر من مكتب وزير الصحة، والذى يحاول تخويف الأطباء من علاج المرضى مجانًا مؤكدًا: "نحن ننفذ قوانين ولوائح الدولة التى تنص بوضوح على أن العلاج بالطوارئ "مجانا" لمدة 48 ساعة، وأن العلاج بالعيادات الخارجية "مجانا" من 8 صباحا حتى 2 ظهرًا "وأي علاج بأجر لا يبدأ إلا بعد الساعة 2 ظهرًا، وهو "اختيارى" وننفذ تعليمات هذا الكتاب الدورى نفسه (رقم 1)، والذى يحرض فيه الوزير ضد العلاج المجاني.
وتابع أن قرارات الجمعية العمومية مستمرة، حتى الاستجابة لمطالب الأطباء ومحاكمة أمناء الشرطة، الذين اعتدوا على الأطباء فى مقار عملهم بالمستشفيات فى الفترة الأخيرة، فضلاً عن تأمين المنشآت الصحية، واتخاذ إجراءات رادعة ضد تجاوزات هؤلاء، على حد قوله.
وفى سياق متصل قالت الدكتورة منى مينا وكيل نقابة الأطباء، إن تصريحات وزير الصحة الأخيرة المسيئة وغير المسئولة ضد الأطباء والقرارات التعسفية التي يمارسها عليهم، أدت إلى اتخاذ النقابة إجراء ضد الوزير واستدعائه للتحقيق معه أمام لجنة آداب المهنة فضلاً عن عدم التزامه بقرارات الجمعية العمومية.
وأضافت مينا ل"المصريون"، أن وزير الصحة، وفى سابقة تاريخية من نوعها اتخذ إجراءات تعسفية وانتقامية من الأطباء تمثلت فى أن يتم استخراج تراخيص مزاولة المهنة بمركز التدريب القومي بالعباسية، ما يترتب عليه حضور الطبيب للنقابة بدار الحكمة لإنهاء إجراءات التسجيل، ثم يذهب منطقة العباسية لإنهاء إجراءات الترخيص، ثم يعود مرة أخرى للنقابة لتسليم الترخيص حتى تتم إجراءات استخراج بطاقة الهوية "الكارنيه"، بالإضافة إلى تصريحاته ضد الأطباء بسبب قرار الجمعية العمومية والخاص ب"العلاج المجاني". وأوضحت أن هذا الإجراء يكبد شباب الأطباء الكثير من المشقة والتكاليف المالية، بعدما كانت نقابة الأطباء تستقبل موظفي التراخيص التابعين لوزارة الصحة بمقر النقابة بدار الحكمة، حتى يتم إنهاء إجراءات التسجيل للأطباء الجدد واستخراج تراخيص مزاولة المهنة فى مكان واحد كما هو متبع منذ سنوات على حد قولها.
وتابعت وكيل نقابة الأطباء، أن النقابة خاطبت وزير الصحة للتراجع عن هذا القرار والسماح لموظفى التراخيص بالحضور لإنهاء الإجراءات بمقر النقابة، إلا أن الوزير تجاهل خطاب النقابة، وبناء عليه تم التواصل مع بعض موظفى الوزارة الذين أفادوا بأن الوزير لن يتراجع عن قراره. بدوره قال الدكتور راجح ياسر السياجى، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن غلق باب تسجيل الدفعة الجديدة للأطباء دون الوصول لحل مشترك بين الدفعة والوزارة يهدد بفراغ الوحدات الصحية من الأطباء بنهاية شهر مارس الجارى. وأضاف السياجى ل"المصريون" أن عدد من سجلوا قبل غلق الباب 500 طبيب فقط من أصل 7300 طبيب تكليف، موضحًا أن ال500 طبيب معظمهم نيابات فى المستشفيات الجامعية ولن يتم توزيعهم على الأماكن التى تتطلب احتياجات من الأطباء، لافتا إلى أن هناك تعنتا من وزارة الصحة ضد الأطباء والمرضى وأن وزير الصحة ينتهج سياسة غريبة فى التعامل مع الأطباء، ولأول مرة نرى وزيرا مسئولا عن صحة المواطنين يتعنت ضد الأطباء والمرضى ويعاقب الأطباء على تقديم العلاج بالمجان للمواطنين، فضلا عن رفض التكليف، على حد وصفه. وتابع عضو مجلس نقابة الأطباء، أن عدم الاستجابة إلى مطالب الأطباء، سوف يؤدى إلى انهيار الرعاية الصحية للمواطنين، بالإضافة إلى الفراغ فى المستشفيات وعدم تقديم الخدمة الطبية للمرضى، على حد قوله. من جانبه، قال الدكتور أحمد صفوت أحد الممثلين لدفعة تكليف مارس 2016، إنهم امتنعوا عن التسجيل لحين تحقيق كل مطالبهم، مشيرًا إلى أن الوزارة لم تستجب إلا لبعض الطلبات فقط. وأعلن صفوت فى تصريحات صحفية عن الدخول فى إضراب مفتوح عن تسجيل الرغبات لحين تحقيق كل مطالبهم، مشيرًا إلى أن عدد الذين سيشاركون فى الإضراب 7300 طبيب. وأضاف أن مطالبهم تتمثل فى10 نقاط، التوزيع الجغرافي، حيث طالبوا بإعادة النظر فى توزيع النطاقات الجغرافية لكل محافظة، وإعادة تطبيق التوزيع الجغرافى حسب محافظة الجامعة أو السكن كما كان، وأن يتم التنسيق الإلكترونى على مرحلتين، الأولى بالإدارات وليس بالمديريات والثانية تنسيق داخلى على الوحدات ومكاتب الصحة بعد التوزيع على الإدارات باحتياجات معلنة. ولفت صفوت إلى أن القرار رقم 40 لسنة 2016، الصادر عن الوزير بتعديل قواعد التكليف الخاصة بدفعة 2016، وحرمانهم من الكثير من حقوقهم التي تمتع بها أطباء الدفعات السابقة، ما ترتب عليه إعادة فتح الباب للوساطة والمحسوبية، فيما يخص توزيعهم على جهات التكليف الأساسية والخارجية.
كان الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة والسكان، أصدر قرارا جديدا يقضى بتعديل نظام تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض والفنيين الصحيين والفئات الطبية الفنية المساعدة، وفقًا للتوزيع الجغرافى وهو ما اعترض عليه أطباء مارس دفعة 2016.
من ناحية أخرى قررت نقابة الأطباء إحالة 6 أطباء مديري عدد من المستشفيات فى عدد من المحافظات هم كل من والدكتور نحميا أوسلى عزيز مدير مستشفى ساحل سليم المركزى الدكتور فوزى أحمد نفادى مدير مستشفى البدارى المركزي، ومديرى مستشفيات شربين المركزى ودكرنس العام وطلخا المركزى، الدكتور نصر توفيق مدير مستشفى بولاق الدكرور العام، إلى لجنة التحقيق بآداب المهنة، بسبب ممارسة الضغوط على الأطباء وعدم تطبيق العلاج المجاني.