يلجأ عدد كبير من المواطنين هربا من ضيق الحياة وتعثر الظروف الاجتماعية والاقتصادية إلى تعاطي المخدرات وإدمانها، لا سيما بين فئة الشباب. فصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي التابع لوزارة التضامن الاجتماعي المصرية أعلن أن معدل الإدمان وصل إلى 2.4%، كما وصل معدل التعاطي إلى 10.8%. وأشارت الوزارة إلى أن 80% من الجرائم "غير المبررة" تقع تحت تأثير تعاطى المخدرات؛ كجرائم الاغتصاب ومحاولة الأبناء التعدي على آبائهم. خبراء أكدوا أن نسبة الإدمان في مصر مرتفعة بشكل كبير وهي تمثل خطورة على المجتمع المصري، وأنه لا نتائج ملموسه لما تقوم به الدولة لمواجهة تلك الظاهرة التي تحتاج إلى تكاتف وتعاون من جميع المؤسسات للحد منها، في حين أكد آخرون أن علاج الإدمان غير منظم وليس كافياً لذلك الكم الكبير من المدمنين، لا سيما أن عدد المدمنين ازداد إلى ثلاثة أضعاف نسبته في السنوات الثلاثة الأخيرة. - النسبة في زيادة المدير السابق لإدارة علاج الإدمان بالأمانة العامة للصحة النفسية، واستشاري الطب النفسي، تامر العمروسي، أكد أن نسب الإدمان في مصر في تزايد مستمر. وأضاف في حديثه ل"الخليج أونلاين"، أن وزارة الصحة أجرت بحثاً قومياً عن الإدمان استمر لمدة 6 سنوات وصدر في عام 2013، أكد أن المدمنين الذين يحتاجون إلى العلاج الفوري وصل عددهم إلى 3.4 مليون مدمن، وأن تلك النسبة في ازدياد. وأوضح أن الوضع يتحول من الأسوأ إلى الأكثر سوءاً، مشيراً إلى أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة دفعت المواطنين إلى الإقبال على الإدمان. وألمح إلى أن تقارير الأمانة العامة للصحة النفسية، المسؤولة عن المراكز الحقوقية الحكومية المعالجة للإدمان، تُشير إلى أن عدد المقبلين على علاج الإدمان خلال السنوات الثلاثة الماضية زاد بنسبة 100% إلى 300%؛ أي إن بعض المراكز كانت تستقبل 500 حالة شهرياً والآن تستقبل أكثر من 2500 شخص. - قصور في العلاج كما أشار العمروسي إلى أن عدد المرضى المقبلين على علاج الإدمان كبير جداً، متابعاً: "ولكن العلاج في مصر غير كافٍ وغير منظم". 20% من السيدات المصريات مدمنات المخدرات،سيدات مصريات، الادمان ولفت إلى أنه لا يمكن إصدار إحصاءات دقيقة بشأن مراكز العلاج الخاصة؛ لأن هناك عدداً كبيراً من المراكز غير المرخصة، ويشرف عليها ويُديرها المتعافون من الإدمان. وتابع المدير السابق لإدارة علاج الإدمان بالأمانة العامة للصحة النفسية قائلاً: "ورغم أهمية تلك المراكز وكثرة المقبلين عليها إلا أن إدارة المتعافين لتك المراكز من دون أطباء متخصصين أمر غير جيد، ودفع الحكومة مؤخراً إلى إغلاق كثير منها". وبيّن أن هناك قيوداً كبيرة تفرضها الحكومة على إنشاء مراكز لعلاج الإدمان؛ ما دفع الأطباء إلى العزوف عن فتح تلك المراكز، موضحاً أن القطاع الحكومي لا يقوم بدور ملموس في تلك القضية، كما أن القطاع الخاص يداه مكبلتان ولا يستطيع القيام بالدور ذاته. - علاج الظاهرة وأشار العمروسي إلى أن القضاء على تلك الظاهرة يكمن في خفض العرض وخفض الطلب، موضحاً أن خفض العرض يجب أن تقوم به وزارة الداخلية والأجهزة الرقابية لخفض كمية المخدرات التي تدخل مصر. وتابع قائلاً: "أما حفظ الطلب فهو دور وزارة التضامن الاجتماعي للقيام بحملات للتوعية بخطورة الإدمان، مع ضرورة وجود مراكز أكثر تجهيزاً وترتيباً لإدارة الأزمة". وأوضح المدير السابق لإدارة علاج الإدمان بالأمانة العامة للصحة النفسية أن هناك لجاناً كاملة تشكلت، وجهداً حكومياً وتعاوناً بين الوزارات للحد من تلك الظاهرة إلا أن نتائجه غير ظاهرة، لافتاً إلى أن مواجهة المشكلة تحتاج لجهود أكبر. - يرتفع بين السيدات من جانبه، لفت الباحث بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان، محمود صالح، إلى أن نسبة تعاطي السيدات في مصر للمخدرات وصلت إلى 20%، وأن تلك النسبة غير مسبوقة. وأشار إلى أن نسبة الإدمان الكبيرة قد تشكل خطراً على المجتمع المصري، لا سيما أن الإدمان نسبته تزداد بين الشباب. وأوضح صالح أن "النسبة الكبيرة من المدمنين أدمنوا لا إرادياً دون قصد، وكانت بداية تعاطيهم بهدف التجربة إلا أن الأمر تحول إلى عادة وأصبحوا مدمنين". - الدراما والإدمان وألمح الباحث بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان إلى أن الدراما المصرية ساهمت في انتشار الإدمان؛ إذ إنها قدمت مؤخراً ما يقرب من 9500 مشهد يجسد عملية التعاطى في صورة خاطئة أقنعت الجمهور أن المخدرات تساعد على إصلاح الحالة المزاجية للمتعاطي. وأشار صالح إلى أن الحكومة تعمل حالياً على إغلاق مراكز علاج الإدمان غير المرخصة؛ لأنها تساعد على تفاقم الأزمة وليس حلها واستنزاف أسر المصابين، بحسب قوله. اتفقت معه أستاذة علم الاجتماع، سامية خضر، التي أكدت أن الدراما المصرية حالياً ساهمت في تفاقم تلك الظاهرة ولم تعمل على حلها، وإنما قدمتها برؤية ومنظور مختلف وبه عري وجنس وكلمات خارجة، مشيرة إلى أن الدراما منذ سنوات في مصر كانت تعرض أعمالاً توضح خطورة الإدمان دون إباحية وبرسائل مبتكرة. وأوضحت خضر أن نسبة الإدمان في مصر ضخمة جداً مقارنة بالدول الأوروبية الكبرى، رغم أن الإدمان موجود في دول كثيرة. وتابعت قائلة: "إلا أن نسبة الإدمان في مصر قليلة مقارنة بعدد السكان في مصر الذي وصل إلى تسعين مليون مواطن". ولفتت أستاذة علم الاجتماع إلى أن ظاهرة الإدمان ناتجة عن عقم فكري في المجتمع المصري، بالإضافة إلى انعدام التوعية الحقيقية بخطورة الإدمان، مشيرة إلى أن هناك إهمالاً في مصر ولا يوجد حزم في أبسط الأمور التي قد تؤدي إلى الإدمان مثل التدخين. كما أكدت أنه "من غير الدقيق ربط ظاهرة الإدمان بالمشكلات الاقتصادية والاجتماعية فقط، وإنما الظاهرة ناتجة من إهمال المسؤولين، وإهمال من مؤسسة الأزهر التي لم تحاول تغيير تلك المنظومة والمساهمة في توعية المجتمع".