يبدو أن الاتهامات التي وجهت للرئيس اليمني على عبد الله صالح بالسعي للالتفاف على المبادرة الخليجية لم تكن تنبع من فراغ, حيث خرج نائبه عبد ربه منصور هادي أخيرا عن صمته ليكشف المستور في هذا الصدد. ففي 7 يناير, ذكرت صحيفة "الخليج" الإماراتية أن نائب الرئيس اليمني هدد بمغادرة صنعاء إذا استمرت تدخلات صالح ورموز نظامه في الصلاحيات الممنوحة له بموجب المبادرة الخليجية. وتابعت الصحيفة أن هادي أبلغ الوسطاء الدوليين بتدخلات في صلاحياته من قبل صالح ورموز النظام السابق، في مسعى لتعطيل تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وإعاقة مهمة حكومة التوافق الوطني. وأضافت أن موقف هادي جاء بعد اتهامات وجهها إليه قادة في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اجتماع ترأسه صالح، وتناول قضية الاحتجاجات التي تكتسح مؤسسات الدولة للمطالبة بإقالة رموز النظام السابق. واللافت للانتباه أن الأمر لم يقف عند "القنبلة" التي فجرها عبد ربه منصور هادي، حيث أعلنت قوات الجيش المؤيدة للثورة أن صالح يقوم باستفزاز نائبه والقائم بأعمال الرئاسة لإعاقة تنفيذ المبادرة الخليجية، مجددا التزامه بتعليمات هادي وحكومة الوفاق الوطني واللجنة العسكرية والأمنية. بل ونقلت صحيفة "القدس العربي" اللندنية عن مصدر يمني مطلع القول أيضا إن وزير الإعلام على العمراني تلقى تهديدات بتصفيته جسديا، وأدان "صحفيون من أجل التغيير" في بيان صحفي في 7 يناير ما تعرض له "العمراني من تهديدات وطالبوا النائب العام ووزير الداخلية بسرعة التحقيق فيما تعرض له وملاحقة الجناة للقبض عليهم وإحالتهم إلى العدالة. واعتبر البيان أن التهديدات تدشن لمرحلة جديدة من الانتهاكات التي يسعى الرئيس علي عبد الله صالح لارتكابها بحق حرية التعبير في اليمن ممثلاً بوزير الإعلام الذي رفض الانصياع للخطاب التحريضي ضد ثوار ساحات التغيير، هذا فيما حذر وجهاء قبليون من المساس بوزير الإعلام اليمني إثر تهديدات تلقاها عبر تليفونه الشخصي. وبجانب ما سبق, فإن تراجع صالح عن فكرة السفر للولايات المتحدة يفضح أيضا مخططه للانقلاب على المبادرة الخليحية، فمعروف أنه أعلن نهاية ديسمبر الماضي أنه يأمل بزيارة واشنطن لتسهيل عمل حكومة الوفاق الوطني وتنظيم الانتخابات الرئاسية المبكرة التي سيسلم السلطة في نهايتها وفقا للمبادرة الخليجية، لكن مساعد وزير الإعلام اليمني أعلن في 4 يناير أن صالح قرر إلغاء زيارته إلى الولاياتالمتحدة بزعم أن عددا من المسئولين الكبار في حزبه، المؤتمر الشعبي العام الحاكم ، مارسوا ضغوطا عليه لكي لا يسافر. وقبل ذلك, وتحديدا في 31 ديسمبر الماضي، خرج موقع "يمن نيشن" المستقل بقنبلة مدوية كشف خلالها تفاصيل مخططه للانقلاب على المبادرة الخليجية، ونقل الموقع عن مصدر يمني مطلع قوله إن صالح سعى مؤخرا لتجنيد 12 ألف شخص من قبيلته للانقلاب على المبادرة الخليجية التي وقع عليها في 23 نوفمبر الماضي مع المعارضة. وأضاف المصدر أن صالح أقر خلال اجتماع مع مقربين منه تجنيد 12 ألف شخص بالحرس الجمهوري من قرى بني بهلول وبلاد الروس من مديرية سنحان التي ينتمي إليها الرئيس اليمني، وتجهيزهم لاسترداد مؤسسات الدولة التي خرجت عن سيطرة أعوانه ونظامه. كما أقر الاجتماع -بحسب المصدر- إفشال مخطط إسقاط قيادات الحزب الحاكم وإعادة الأمور إلى نصابها، والتصدي بقوة للاحتجاجات المنظمة التي استهدفت معسكرات ومقرات أمنية وحكومية مهمة. والخلاصة أن تفاصيل مؤامرة صالح للانقلاب على المبادرة الخليجية بدأت تتضح يوما بعد يوم، الأمر الذي يتطلب الحذر واليقظة من قبل ثوار ساحات التغيير، بالإضافة إلى أن هناك حاجة ملحة لتدخل السعودية لإجبار الرئيس اليمني على احترام التزاماته فيما يتعلق بنقل سلطاته التنفيذية إلى نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي يشرف حاليا على المرحلة الانتقالية إلى حين إجراء انتخابات الرئاسة في فبراير المقبل.