تجار البشر يستغلون أحلام الشباب والتسعيرة تصل ل50 ألف جنيه المواطنون: العصابات تتواطأ مع خفر السواحل لتسهيل الهجرة غير الشرعية رئيسة اللجنة التنسيقية لمنع الهجرة غير الشرعية: المؤبد للمتورطين في تجارة البشر
بينما تكرس أجهزة الدولة مجهودها لمحاربة الإرهاب الداخلي في المحافظات تتغافل من ناحية أخرى عن حدودها الشمالية على البحر الأبيض المتوسط والممتد على حدود محافظة البحيرة مركز إدكو الذي أصبح ملاذًا يهاجر من خلالها مئات الشباب والأسر القادمة من جميع محافظة الجمهورية تحت سمع وبصر قوات حرس الحدود, لتخلق ثغرة خلفية يدخل من خلالها الإرهاب إلى مصر عبر تهريب الأسلحة والمواد المخدرة أسوة بتهريب البشر الذي غالبًا ما يفقد حياته في ظلمات الأمواج. وروي شهود عيان ل"المصريون" أن عملية تهريب البشر أصبحت تجارة رائجة يأتي زبائنها من مختلف المحافظات ليبحث عن حياة جديدة في دول أوروبا أسوة بأقربائهم وأصدقائهم الذين استطاعوا الوصول إلى دول أوروبا وتحقيق ذاتهم والعودة بشكل مشروع محملاً بالأموال. وأشاروا إلى أن المصريين هم مَن ابتدعوا عملية التهريب التي انتقلوا بها إلى ليبيا التي أصبحت تشكل خطرًا على سواحل الدول الأوروبية، هذا بجانب جثث الأطفال والشباب من الرجال والنساء التي تطفو باستمرار على شاطئ محافظة البحيرة. قال محمد عبدالله، عضو مجلس الشعب عن حزب مستقبل وطن بمحافظة البحيرة, إن هناك العديد من الجثث التي نقوم باستخراجها من شاطئ ادكو لمواطنين شباب وكبار السن وأطفال نتيجة غرقهم أثناء محاولتهم الهجرة غير الشرعية لدول أوروبا عبر البحر المتوسط. وأضاف أنه تم استخراج نحو 11 جثة خلال الخمسة عشر يومًا الماضية, لتضاف حصيلتهم إلى عشرات الجثث التي تطفو على الماء شهريًا من أبناء المحافظة والمحافظات الأخرى؛ حيث إن هناك أعدادًا كبيرة من أبناء الصعيد من المنيا وأسيوط والفيوم وأيضًا من المنصورة تأتي بأموال من أجل الخروج بطريقة غير شرعية عبر الساحل. ولفت إلى أن الجهات الأمنية تعلم بهذه الحوادث دون أن تتحرك لإيقافها عبر تطبيق القانون من أجل ردع تجار البشر الذين يستغلون آمال وطموحات المواطنين والحصول على أموالهم مقابل تهريبهم عبر مصير مجهول ينتظرهم في ظلمات البحر, فغالبًا ما يلاقي الجميع حتفهم في ظل احتمال ضعيف للنجاة. وقال إن قوات الأمن قامت من قبل بالقبض على بعض الأشخاص الذين يقومون بتهريب المواطنين عبر البحر إلا أنهم يقضون ربما 4 أيام بحد أقصى في السجن ويخرجون من جديد لممارسة عملهم, دون مساءلة قانونية. وتابع: "من المفترض أن تحكم قوات حرس الحدود قبضتها على سواحل المحافظة لمنع أي اختراق للحدود سواء من الخارج أو إلى الخارج. وأوضح أن من يستطيع تهريب البشر يمكنه تهريب السلاح وإدخاله إلى مصر, ومن ثم سيساعد في انتشار الإرهاب الداخلي، لا سيما أن هناك أموالاً طائلة تدفع من أجل تسهيل عملية الهجرة واختراق الحدود بشكل غير قانوني عبر عصابات كبيرة تعلمها جيدًا قوات حرس الحدود. ومن جانبه، قال مصطفى منيسي، مهندس زراعي بمركز أبو حمص محافظة البحيرة, إن هناك العديد من الشباب البائس الذي لا يخشى على حياته من الهلاك نتيجة للظروف المعيشية السيئة التي يعانيها في مصر وعدم قدرتها على العمل, بجانب تعاطي البعض منهم للمواد المخدرة التي تذهب عقله, فيرى أن مخاطرته عبر البحر أصبحت أقل خطورة من انتظاره الموت دون معاد, فيقوم بدفع أموال طائلة تتراوح ما بين 20 إلى 50 ألف جنيه من أجل أن يعبر البحر على مركب متهالك إلى دول أوروبا ليبحث عن حياة جديدة. وأضاف منيسي, أن هناك بعض الأشخاص يقومون بالحصول على الأموال مقابل توفير مراكب ليهاجر من خلالها الشباب والأسر ليوصلهم قرب حدود إيطاليا أو بريطانيا ومن ثم يتركهم يواجهون مصيرهم المحتوم سواء بالنجاة أو القبض عليهم أو الموت غرقًا. وتابع: "الخروج من الحدود المصرية يتم من خلال الاتفاق مع حرس الحدود الذي غالبًا ما يكونون مجندين لا طاقة لهم بما يحدث أو يحصلون على أموال مقابل غض الطرف عن هذه التجارة، خاصة أنها سيلاقي مصير هؤلاء الشباب بعد انتهاء فترة خدمته لذلك يحاول الاستفادة بقدر الإمكان ماليًا". ومن جهتها، قالت السفيرة نائلة جبر, رئيسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية بوزارة الخارجية، إن المهربين يستخدمون قوارب صيد متهالكة, لنقل المواطنين ويتركوهم يواجهون مصيرهم بأنفسهم في غالبية الأوقات دون أن يتواجدوا معهم على المركب الذي رغم أنه غير شرعي فهو أيضًا غير آمن, بجانب حصول المهربين على مبالغ نقدية كبيرة, مما يؤدي إلى مصير مؤلم وحدوث المأساة, لافتة إلي أن مسئولية قتل الأبرياء من الراغبين في الهجرة تقع أولاً على عاتق المهربين. وأضافت أن منع الهجرة غير الشرعية يستلزم تحرك الدولة على عدة مستويات أولاً المستوى التشريعي والذي تم بالفعل من خلال اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، وهو الآن في طور المراجعة من قبل مجلس الوزراء الذي أرسله إلى لجنة الأمن القومية التابعة للجنة التشريعية بمجلس الوزراء وحصل على موافقة أولى. وتابعت: "أهم بنود القانون هو تعريف جريمة التهريب, نظرًا لوجود فجوة تشريعية في قانون العقوبات الحالي الذي لا يعرف جريمة تهريب البشر, ومن ثم تستطيع النيابة توجيه الاتهام ومن ثم وضع العقوبة المناسبة والتي تصل إلى السجن لمدة 25 عامًا بجانب الغرامات, مشيرة إلى أن القانون ينتظر إقراره من الجهة التشريعية سواء رئيس الجمهورية أو البرلمان في حالة انعقاده". وأشارت إلى أن الشق التشريعي هو أمر لازم ولكنه غير كافٍ، مضيفة أن المستوى الثاني الذي يجب أن تسير فيه الدولة لمنع تهريب البشر هو التوعية المجتمعية بالقانون على مستوى الدولة والقائمين على تحقيق العدالة سواء المحامين أو القضاة أو حتى الإعلاميين وتوصيلها للمواطنين. واستطردت جبر: "دار الإفتاء المصرية أصدرت فتوى شرعية تقول إن الهجرة غير الشرعية لا تستقيم مع مبادئ الدين الإسلامي, كما أنها غير قانونية وغالبة ما تدفع الإنسان المهاجر لعمل أفعال غير سوية أو يجبر على أفعال لا تستقيم مع تعاليم الدين الإسلامي، كالاتجار في المخدرات أو العمل الإجرامي أو ممارسة الدعارة وغيرها من الأفعال المرفوضة. وقالت رئيسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية إنه يجب أن تتم توعية الشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية, وأيضًا توعيتهم بأن البحث عن وظيفة حكومية أصبحت غير مجدية, ويجب عليهم أن يقوموا بالتفكير خارج الصندوق والبحث عن مهن غير تقليدية قانونية تحقق لهم أرباحًا وتمنع فكرة الهجرة غير الشرعية. وأضافت أن تواطؤ الأمن مع المهربين حدث بعد قيام ثورة 25 يناير بسبب الانفلات الأمني والذي قد يسهل عمل تهريب الأسلحة والمواد المخدرة بجانب تهريب البشر, مستبعدة أن يحدث هذا التواطؤ في الفترة الحالية التي تشهد إجراءات أمنية مشددة على المنافذ الحدودية.