أبو إسحاق الألبيري واحد من أدبائنا الأندلسيين الكبار في القرن الخامس الهجري، وهو شاعر فحل لا يشق له غبار، وواعظ بليغ متمكن، لانت له الفصحى، وسهلت عليه الألفاظ، وخضعت له البلاغة، وانقادت له المعاني... ومن عجب أن تكون جميع قصائده في غاية الوضوح والسهولة، ليس فيها تعقيد... فكانت كما يقال: من السهل الممتنع...
ولأبي إسحاق الألبيري أكثر من أربعين قصيدة، يتناول فيها الحكم والمواعظ... وأشهر قصائده قصيدته التي أثارت أهل صنهاجة، على الوزير اليهودي ابن نغزلة.
حيث اختلف أبو إسحاق الألبيري مع ملك غرناطة (باديس بن حبوس) وأنكر عليه اتخاذه وزيرا من اليهود اسمه ابن نغزلة... فنفاه الملك إلى ألبيرا، فألف في منفاه قصيدة شديدة اللهجة مطلعها: ألا قل لصنهاجة أجمعين... كانت هذه القصيدة سببا في ثورة أهل صنهاجة على الوزير اليهودي فقتلوه...
توفي أبو إسحاق الألبيري عام 490 ه.
ومن القصائد الماتعة الرائعة التي تركها لنا أبو إسحاق الألبيري قصيدته العصماء (من 112 بيت) التي كتبها لابنه أبي بكر يعظه فيها، ويحضه على طلب العلم، ويحذره من الدنيا وزخرفها...
يروى أن ابنه لما قرأها تأثر بها جدا فمات!...
ولذلك كان المربون الأفاضل، والمعلمون الأكفاء، والمخلصون في معاهد العلم والمدارس يقررونها على الدارسين والطلاب...
وقد سمعت العلامة الأصولي الدكتور محمود عبد الرحمن يقول في درس لطلاب الدراسات العليا بكلية الشريعة: احفظوها... فقد حفظتها صغيرا في الاتوبيس... واتحداكم أن يقرأها إنسان ولا يبكي... ولو أعادها عشر مرات فسيبكي في كل مرة!...
أترككم مع رائعة أبي إسحاق الألبيري رحمه الله يخاطب ولده مباشرة فيقول: