قلل خبراء بالشأن التركي من خطابات التصعيد الروسي تجاه تركيا عقب إسقاط المقاتلة الروسية التي قالت أنقرة إنها اخترقت الأجواء التركية، صباح أمس الثلاثاء، مشيرين إلى أن موسكو تفتقد لآليات التصعيد على الأرض، ل6 أسباب أبرزها "التورط الروسي في سوريا، وعضوية تركيا في حلف الناتو، والمصالح المشتركة بين البلدين". "مصالح البلدين ستنهي الأزمة بحل دبلوماسي"، كان ذلك السبب الأول من وجهة نظر المحلل السياسي المهتم بالشأن التركي "عبدالعزيز الكاشف"، بشأن أزمة إسقاط المقاتلة الروسية داخل الأجواء التركية. وقال "الكاشف"، المقيم في تركيا، في تصريحات ل"المصريون"، إن "أقصى رد فعل دبلوماسي متوقع لموسكو يتمثل في سحب السفير الروسي من أنقرة"، مستبعدا "فرض عقوبات من قبيل منع السياح ووقف المشروعات الاقتصادية". ووصل حجم التجارة بين روسياوتركيا ل60 مليار دولار خلال العام الماضي. والسبب الثاني بوجهة نظر الكاشف يتمثل في أن "تركيا شريان الحياة والمنفذ الوحيد بحريا وتجاريا للغاز الروسي الصادر لأوروبا". وأكدت وزارة الطاقة الروسية، أمس الثلاثاء، مواصلة تزويد تركيا بالغاز الطبيعي الروسي بحسب الالتزامات التعاقدية. ويشار إلى أن توريدات الغاز الروسي إلى تركيا تتم عبر أنبوبين لنقل الغاز، الأول هو "السيل الأزرق" الذي يمر عبر قاع البحر الأسود، متجنبًا المرور في أراضي دولة ثالثة (ترانزيت)، والثاني هو خط أنابيب البلقان البري الذي يمر عبر أراضي أوكرانيا ومولدوفا ورومانيا وبلغاريا وصولاً إلى تركيا. الخبير في الشأن التركي "صلاح لبيب"، لفت إلى سبب ثالث يتمثل في أن "نبرة موسكو في الحديث عن الأزمة لا تنم عن نية للتصعيد، لتورط روسيا في سوريا دون تحقيق أي إنجاز عسكري حتى الآن، وفشلها في إخضاع مناطق للنظام تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة، حتى تمكنه من التفاوض عليها في مؤتمر فيينا". وقال في تصريحات ل"المصريون"، إن "روسيا وإيران حاولا طوال الفترة الماضية الاحتكاك بالمناطق التي تخضع للسيطرة التركية وأبرزها الحدود مع سوريا وجبل التركمان ذو الأغلبية التركية في سوريا". وتعد عضوية تركيا في حلف "الناتو"، المساند الأكبر لأي تحرك تركي، سببا رابعا يمنع أي تصعيد روسي، بحسب لبيب. وأوضح لبيب أن "تركيا لم تسقط الطائرة الروسية إلا بعد إعلام الناتو والولاياتالمتحدة خلال الخمس دقائق التي سبقت إسقاط الطائرة بتحذيراتها". وتابع: "الضربة التركية جاءت بإقرار من حلف الناتو، وبالتالي كان هناك موقف سياسي قبل الضربة وبعدها، أمين الناتو "يانس ستولتنبرغ"، والرئيس الأمريكي باراك أوباما أكدا حق تركيا في حماية أراضيها"، مشيرا إلى أن إسقاط الطائرة ضرب الغرور الروسي ومنذ 1959 لم تضرب دولة بالناتو طائرة روسية". ودعا حلف شمال الأطلسي إلى التواصل بين أنقرةوموسكو لتفادي حوادث مماثلة لحادث إسقاط الطائرة الروسية. وجاءت العزلة الدولية وبالأخص العقوبات الغربية على روسيا، بسبب تدخلها في الأراضي الأوكرانية، سببا خامسا طرحه لبيب. ومنتصف يونيو الماضي قررت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من حيث المبدأ تمديد العمل بالعقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية لمدة ستة أشهر أخرى. وكانت العقوبات التي فرضها الاتحاد على روسيا في يوليو 2014 عقب ضم موسكو لشبه جزيرة القرم رد أوروبا الموحد على ما يقول الاتحاد الأوروبي إنه دعم روسيا للانفصاليين في شرقي أوكرانيا. وتستهدف العقوبات قطاعات الطاقة والدفاع والمال في روسيا، وكانت الولاياتالمتحدة قد فرضت عقوبات منفصلة على روسيا أيضا. "حجم الدولة التركية وقوتها بما يجعل أي دولة تفكر في الاعتداء عليها تضع في حساباتها أنها ستتكبد خسائر فادحة جراء ذلك، والتحام الشعب التركي بقيادته"، سبب سادس أشار إليه عضو المكتب السياسي بالجبهة السلفية "مصطفى البدري"، والمقيم في تركيا. وقال البدري ل"المصريون" إن "روسيا منذ فترة وهي تنتهك الأجواء التركية بطائراتها، وتقصف في مناطق المدنيين على الحدود، ما يزيد من هجرة السوريين للأراضي التركية، وهو ما يحملها المزيد من الأعباء من جهة ويستفز الدولة (حكومة وشعبا) من جهة أخرى". وأوضح البدري أن "الحكومة التركية سبق وحذرت من هذا الاعتداء عدة مرات حتى وجدت نفسها في حرج أما شعبها وأمام المجتمع الدولي، فاضطرت للتعامل مع هذه الطائرة بتحذيرات متكررة ثم قامت بإسقاطها بعد عدم الاستجابة". وتوقع البدري "نشوب أزمة كبرى تسببت فيها روسيا بعجرفتها الزائدة، والمجتمع الدولي بسكوته عنها، وعلى الأمة الإسلامية والعربية والشعوب التي تحترم القيم والمبادئ أن تقف بجوار تركيا في هذه الأزمة". وكانت الرئاسة التركية أكدت صباح أمس إسقاط أنقرة مقاتلة روسية من طراز سوخوي 24 لانتهاكها الأجواء التركية، فيما قالت وزارة الدفاع الروسية إن مقاتلتها التي أسقطت لم تنتهك الأجواء. وأكد الجيش التركي إنذار المقاتلة الروسية 10 مرات خلال 5 دقائق قبل إسقاطها، وفي الوقت ذاته قالت الخارجية التركية، إنه لا تغيير في موعد زيارة وزير الخارجية الروسي لأنقرة بعد إسقاط المقاتلة الروسية. واليوم الأربعاء، قالت الرئاسة التركية إن الرئيس رجب طيب أردوغان اتفق مع نظيره الأمريكي باراك أوباما على ضرورة تقليص التوتر بعد إسقاط الطائرة الروسية قرب الحدود السورية التركية أمس الثلاثاء. وكان أوباما قال إن من حق تركيا الدفاع عن حدودها ومجالها الجوي كأي دولة أخرى، مضيفا خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند، أمس، أن البلدين اتفقا على أن القصف الروسي داخل سوريا يعزز موقف الأسد.