لا شك أنه من الواجب أن نتدبر ما جرى من أحداث كي نتعلم ونستفيد من ماضينا وذلك من أجل مستقبلنا ، ومن أبرز هذه الأحداث هي معركة أكتوبر التي وقف فيها الشعب خلف جيشه بل ووقفت الأمة العربية داعمة قوية حتى تحقق النصر بعد الهزيمة المريرة في يونيو 67 ، إذ لم نكن نحن كضباط أو جنود مستريحي البال وإسرائيل تحتل جزءا من أرضنا ، لقد كنا بحق نشعر بأننا مقصرون في حق الوطن . ولقد كان استبعاد الشخصيات المسئولة عن الهزيمة هي أول الخطوات الجادة نحو جولة جديدة عشتها على الجبهة نحو ست سنوات تم فيها الإعداد وأدار فيها الجيش معركة استنزاف باسلة بذل فيها الجميع الجهد والعرق والدم من أجل استعادة الأرض بل والكرامة . لقد تحقق النصر في أكتوبر ليس بالضربة الجوية وحدها التي حاول أنصار مبارك اختزال الحرب فيها ، ولكن بما يسمى بمعركة الأسلحة المشتركة الحديثة التي شاركت فيها كل أفرع القوات المسلحة وتخصصاتها بدور فريد ورائع فصار عملا متكاملا لفريق واحد حريص على النصر ، بل وأصبحت هذه الحرب مما تدرسه الأكاديميات العسكرية على مستوى العالم كواحدة من أهم المعارك في التاريخ ، ولم يكن غريبا أن معظم قادة حرب أكتوبر كانوا ممن شهدوا الهزيمة ولكنهم هذه المرة إمتلكوا روحا معنوية عالية وعزيمة فتية تدل على معدن المقاتل المصري الذي استعاد نفسه سريعا ونهض من كبوته وتقدم مضحيا من أجل هذا الوطن الذي نحبه . إن ما بقي من أكتوبر هو مجرد ذكريات نحتفل بها كل عام ولكن المطلوب بإلحاح هو الحفاظ على روح أكتوبر في وحدة الصف وقوة العزم والإرادة الصلبة . واليوم ونحن نحتفل بذكرى النصر واستعادة سيناء الحبيبة أشعر بالفخار حول الماضي وما تم إنجازه ، وفي ذات الوقت أشعر بالأسى إزاء ما نحن فيه اليوم إذ أصبحت الدماء تسيل على أرض سيناء بين أبناء الوطن الواحد دون أن تجد من يحقنها ، كما وشاهدت التنازع الذي تقع فيه المظالم وتضيع فيه الحقوق . لقد تملكني الحزن من استمرار حالة النزاع بلا حلول عادلة نتجاوز الحالة التي نعيشها ونعود إلى الموقف الواحد لنبني وطننا بلا معوقات ، بل وننهي حالة السخط المتبادلة بين الأطراف والتي أحدثت شرخا في البنية النفسية لأفراد المجتمع تزداد كل يوم عمقا وقسوة . إننا بحاجة إلى روح أكتوبر التي انتصرنا فيها على إسرائيل كي ننتصر اليوم على أنفسنا ونرأب الصدع ونقارب بين وجهات النظر ونحمي مستقبل بلد يريد أن يحيا كريما عزيزا . فعلينا اليوم أن نصبر على الجراح ونداويها بالتراحم فيما بيننا حتى تشفى وتعود الحقوق إلى أهلها ، وهنا نكون قد وفينا حق الشهداء وتحلينا بروح أكتوبر روح الفريق الواحد ، والصف الواحد والأمة الواحدة . والله المستعان