التدخل العسكري الروسي في سوريا حدث اهتزت له أركان العالم ما بين مؤيد ومعارض، ولكن الحدث الأكثر المثير للجدل هو إعراب الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا عن دعمها قرار موسكو بشنّ غارات جوية في سوريا ضد تنظيم داعش ووصفت هذا التدخل بالمعركة المقدسة. وفي بيان رسمي، قال بطريرك الكنيسة الروسية كيريل تشابلن: "اتخذت روسيا قرارًا مسئولاً باستخدام القوة العسكرية لحماية الشعب السوري من المعاناة التي يلحقها بهم الإرهابيون. وأضاف البطريرك، الذي عادة ما يبدي رأيه في الأمور السياسية، مؤيدًا للكرملين، أن التدخل المسلح ضروري لأن "العملية السياسية لن تؤدي إلى أي تحسن ملحوظ في حياة الأبرياء المحتاجين إلى الحماية العسكرية متحدثًا عن معاناة المسيحيين في المنطقة وخطف رجال الدين المسيحيين وتدمير الكنائس، مضيفًا أن معاناة المسلمين لا تقل عن ذلك. وأعلن تشابلن أن الكنيسة تدعم قرار روسيا استخدام قواتها الجوية في سوريا لمهاجمة تنظيم داعش، مشيرًا إلى أن هذا القرار ينسجم مع القانون الدولي وعقلية شعبنا والدور الخاص الذي تلعبه بلادنا دائما في الشرق الأوسط. وعلى الجانب الآخر، حفلت صفحات التواصل الاجتماعي بردود غاضبة من مسيحيي سوريا، ردًا على تصريحات الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، حيث تأتي خطورة التصريحات كونها تضع مسيحيي سوريا من الأرثوذكس تحت تهمة العمالة المتعاونة مع الأجنبي ضد بقية أبناء الشعب السوري. وقال أحد النشطاء: "لا يوجد شيء اسمه (حرب مقدسة) في المسيحية، كلام الكنيسة الروسية لا يمثل مسيحيي الشرق ولا مسيحيتهم في شيء، ولنتذكر أن فكرة (الحرب المقدسة) جاءت من الغرب مع الصليبيين، وقد ابتلي بنتائجها مسيحيو المشرق قبل أي فئة أخرى، نحن مسيحيي المشرق نؤمن بالسلام والتعايش المقدسين وفقط". أما عن موقف الكنيسة المصرية، أكد فادي يوسف، مؤسس ائتلاف أقباط مصر، أن الكنيسة القبطية في مصر لا تتدخل في الأمور السياسية سواء في داخل مصر أو خارجها أو أي مكان في العالم، وذلك برغم من أن المسيحيين في سوريا يتعرضون لأبشع أنواع التعامل والظلم من تنظيم داعش الإرهابي والكنيسة المصرية تتأثر بالكنيسة السورية. وأضاف يوسف في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن موقف الكنيسة المصرية من التدخل العسكري الروسي في سوريا لا يتعدى عن قيامها بالصلاة وقيام القداس من أجل السوريين خاصة أن الضربات الروسية في سوريا جاءت بالتنسيق مع الإدارة والحكومة السورية، والكنيسة يجب أن تعبر عن رأي المواطن بالتحالف مع النظام. وأوضح يوسف أن مجلس كنائس مصر قام بإقامة أكثر من فاعلية من أجل الحرب على الشعب السوري أبرزها صلاة الشموع وإقامة قداسات جماعية لجميع الطوائف المسيحية في مصر برابطة القدس في القاهرة من أجل السلام في سوريا، مشيرًا على أن ما يحدث في سوريا شأن سياسي عسكري غير مرتبط بالكنيسة القبطية في مصر ولا يجب عليها التدخل فيه. فيما قال رجل الدين اسبريدون طنوس، إن "الروس يلعبون بالنار" مشيرًا إلى أنه من الواضح أن إدارة النظام الروسي تتخبط، محاولة جلب تصريحات من هنا وهناك كي تبرر ما هي مقدمة عليه، وأضاف نرجو من الجميع عدم زج الكنيسة الأرثوذكسية فيما هي بعيدة عنه، ونحن كأرثوذكس لا نؤمن بالحروب.