شن الإعلامي والكاتب السعودي جمال خاشقجي هجوما شديدا على رد فعل بعض الدول العربية على العدوان الذي تشنه روسيا والغارات المتتالية على الأراضي السورية. وقال خاشقجي، في مقال جديد له بعنوان "هل هناك ما هو أسوأ؟"، بصحيفة الحياة اللندنية "هناك ألف عربي وعربي منهزم يتبادلون أنخاب هذا العدوان الروسي على أرض عربية، فليس هناك «أوطأ مما يحصل»، ولكن ما الأسوأ على صعيد سورية الشعب والمنطقة؟" وأشار خاشقجي إلى أن "الروس يقصفون نواحي حمص في الظهر، فيقصف الأميركيون نواحي حلب بعد العصر. حصل هذا يوم الأربعاء الماضي مع تدشين الروس تدخلهم العسكري لنصرة الرئيس السوري ونظامه المتداعيين، كلاهما يقول إن تنظيم «داعش» هو الهدف، بينما تقول المعارضة السورية إنها هي الهدف، على الأقل هذا ما قالوه عن القصف الروسي ونشروا قوائم بأسماء نحو 40 قتيلاً من المدنيين. في الوقت نفسه، لا بد من أن بشار الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية المفترض، كان يتابع من قصره الجمهوري أخبار هذا القصف وأمامه خريطة لوطنه، لعل أحد معاونيه يشير إلى الخريطة بعصا طويلة ويقول: «هون سيدي ضربو الروس، وهون بعد ضربو الأميركان» بينما ابتسامة تتوهم النصر ترتسم على محيّا فخامة الرئيس". وتابع :"هل هناك ما هو أسوأ من هذا في القيم والتسفل؟ هناك ألف عربي وعربي منهزم يتبادلون أنخاب هذا العدوان الروسي على أرض عربية، فليس هناك «أوطأ مما يحصل»، ولكن ما الأسوأ على صعيد سورية الشعب والمنطقة؟". وأوضح خاشقجي أن "سورياً، لنستعدّ لمأساة ثانية قد تتواضع جرائم بشار بجوارها، الروس قبيحون في حروبهم، لا يعيرون حقوق الإنسان قيمة، إنهم يحرقون الأرض ومن عليها من أجل القضاء على مقاتل واحد، هذا ما فعلوه في أفغانستان، فهجَّروا 5 ملايين أفغاني من بلادهم خلال عام واحد، فأصبحوا أكبر عدد للاجئين من جنسية واحدة، واحتفظوا بهذا الرقم البائس حتى انتزعه السوريون منهم"، مضيفا "وكذلك فعلوا في الشيشان، جعلوا أعلى غروزني سافلها، وما لم يمنعهم قوي قادر، فسيكررون للأسف الجرائم ذاتها على مقربة منا، في شامنا وحلبنا وحمصنا. مزيد من اللاجئين، مزيد من القتلى والجرحى، فلا نملك لهم غير مزيد من المخيمات والكرافانات ومؤتمر آخر للمانحين". وتابع : "سعودياً، الدولة مدركة ومقاومة المشروع الإيراني، وما حصل يمثل «التحدي الأكبر»، ولن تستطيع أن تتحمل انتصاراً إيرانياً هناك يستلب منها قلب العروبة النابض. إنه ليس احتلالاً روسياً، إنها صفقة روسية إيرانية. لقد عجز بشار عن الانتصار، لم تسعفه إيران و»حزب الله» على رغم شراسة مقاتليهم، طائرات النظام «غبية» لا تستطيع أن تقتل غير مدنيين ببراميلها المتفجرة، فاستفزعوا بالروس. إنها شراكة بين القوم، ومن الجهالة أن يعتقد أحد أن الوجود الروسي الحربي في سورية سيكون على حساب إيران. لقد صرح بوتين بوضوح أن مشاركته ستكون جوية فقط، إنهم جميعاً يقفون في غرفة عمليات واحدة، هذا يقصف بقنابله الذكية ويوفر لهم صوراً فضائية، وهم يتحركون على الأرض للفتك بالثورة السورية، إنهم يفعلون ما لم نفعل". وقال خاشقجي إن "السعودية ستقاوم كل ذلك، أتوقع أنها ستتحرك أولاً ديبلوماسياً لتشكيل موقف عربي رافض التدخل الروسي ويؤسس لموقف دولي، ثم تصعّد في دعمها المقاومة، ولكنها أراضٍ خطرة. تشكيل موقف عربي سيختبر صدق بعض من تحالفاتها كانت تتمنى لو لم تضطر إلى اختباره، مصر مثلاً متحمسة للعدوان الروسي، إعلامها لا يخفي ذلك، ولكن لا يمكن صدور قرار من الجامعة العربية من دون مصر، ولن تقبل السعودية أن تقف حليفتها بدعم غير مسبوق مع الخصم الروسي". وطالب خاشقجي السعوديين أن يقولوا للأميركيين: أ ن هذه نتيجة تخاذلكم. من الجيد لو اصطحبوا معهم محاضر اتفاق رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق الأمير تركي الفيصل، مع مستشار الأمن القومي الأميركي زبيغنيو بريجنسكي عشية الغزو السوفياتي لأفغانستان في كانون الأول (ديسمبر) 1979 واتفاقهم السريع وخلال أيام لإطلاق أخطر مشروع لمواجهة هذا التهديد، إنه نموذج حري بالأميركيين أن يستعيدوه وهم يرون هيبتهم تتهاوى، من أوكرانيا حتى دمشق. وأشار خاشقجي أنه "وبينما كان أنصار بشار في بيروت والقاهرة وطهران يكايدون الرياض بعبارات مراهقة احتفاءً بالانتصار الروسي القادم في سورية، كما يتوقعون، رفع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بكل ثقة حدّة خطابه، فاستخدم الثلثاء الماضي في نيويورك، وعلى هامش جلسات الأممالمتحدة السنوية عبارة «عمل عسكري» كأحد خيارين لإسقاط الرئيس السوري، والذي ترى السعودية أنه لا يمكن إحلال السلام هناك بوجوده. السعودية لمن لا يعرفها، لا تحب التهديد والوعيد إن لم تكن قادرة عليه، لم تهدد يوماً بإلقاء إسرائيل في البحر، أو إحراق نصفها، لذلك إصرار الجبير على استخدام عبارة «العمل العسكري» يعني أن السعودية مستعدة للمواجهة". وتابع خاشقجي : "ثمة ألف طريقة وطريقة لإفشال المشروع الروسي- الإيراني في سورية، وسوف تقلب السعودية بين اختياراتها، مستندة إلى معرفتها بالساحة السورية، وتمتعها بتأييد شعبي هناك، ولعل أول خطوة تفعلها، أن تحمي أهم فصيلين يقاتلان هناك، واللذين سيستهدفهما العدوان الروسي، «أحرار الشام» و«جيش الإسلام»، فثمة مخطط لتشويههما وحشرهما مع «داعش»، بينما هما من يقاتلانه أكثر مما يفعل النظام. «أحرار الشام» مثلاً يتعرض لحملة تشويه في ألمانيا، حيث دُفع باسمه في المحكمة لاعتماده تنظيماً إرهابياً، ولو صدر حكم كهذا لسهّل تجريم الأحرار في كل أوروبا، وهو ما يعني تجريم أقوى فصيل سوري معتدل". واختتم خاشقجي: "الحمل ثقيل على السعودية، ولكن يجب أن تقوم به، إيران تتنمر، وتشعر بثقة أكبر، وهي ترى أسراب الطائرات الروسية في سماء سورية، تقوم بما عجز طيرانها المتهالك عن القيام به، ولكنها تتبادل مع الروس الأدوار، هم يقومون بالحرب الجوية والإيرانيون يرسلون الآلاف من رجالهم لإكمال المهمة على الأرض. شعورهم بالثقة قد يدفعهم إلى مغامرات في اليمن أيضاً، وما خبر سفينة الأسلحة الإيرانية التي صادرتها قوات التحالف عنا ببعيد، وكذلك تصريحات مرشد الثورة علي خامنئي المهددة باستخدام القوة ضد المملكة في معرض تداعيات حادثة تدافع الحجاج بمنى. مثل هذه التصريحات ما كانت ستصدر لولا الثقة الإيرانية الطارئة، مضيفا "لن أبالغ إن قلت، هذه حرب التحرير العربية الحقيقية ولا بد من أن ننتصر فيها".