روسيا تقصف بطائراتها في سوريا. تطور مهم وخطير في المحرقة السورية، وحدث غير مسبوق من روسيا في المنطقة العربية. تنتقل روسيا من الدعم السياسي والعسكري والخططي والتدريبي وإدارة العمليات العسكرية لنظام الأسد إلى القيام بالحرب بنفسها علنا وفي وضح النهار. التقارير تقول إن هذه هى المرة الأولى في تاريخ العرب الذي تستخدم فيه روسيا القوة العسكرية في بلد عربي. هناك وجود روسي قديم منذ الاتحاد السوفيتي السابق في بعض البلاد العربية، هذا الوجود مازال مستمرا في سوريا، ومترسخ عبر قاعدة عسكرية، وتواجد في مصر بعد هزيمة 67، وتخلص منه السادات قبل نصرأكتوبر 73 بعام، كان وجود الروس عبر القواعد والمد بالسلاح والخبراء والمستشارين العسكريين والتدريب وربما التخطيط ، لكن الروس لم يتدخلوا بقواتهم مباشرة في أي أزمات أو حروب في المنطقة، لذلك ماحصل يوم الأربعاء 30 سبتمبر 2015 في سوريا يسجل تاريخا جديدا سجلته روسيا، ولم يفعله الاتحاد السوفيتي حينما كان قوة عظمى. بذلك تكون القوى العالمية الكبرى من الشرق إلى الغرب قد جابت طائراتها وقواتها سماء وأرض بلاد العرب وضربت وقصفت وأسالت الدماء العربية في أزمات داخلية وفي حروب بينية، لم تعد أمريكا وحلفائها من الأوروبيين هم من ينفردون وحدهم بشن الحروب والسيطرة على الأجواء في سماء العرب، جاؤوا لطرد صدام من الكويت في 1990، وكرروها لاحتلال العراق في 2003، وجددوا تحالفهم لضرب داعش في 2014، تتنوع مبررات التواجد والتحالف، لكنه ثابت وقائم ولا ينتهي، وهاهم الروس أيضا وجدوا سببا لتنطلق طائراتهم في السماء السورية ليقصف ويقتل طياريها من يستهدفونه، ليقيم العالم كله عسكريا على الأرض العربية التي تشبعت بالدماء العربية. الروس يجزمون أنهم أخبروا الأمريكيين بالقيام بالضربات قبلها بساعة أو بساعات، لو كان الأمريكان لا يريدون تلك الطلعات لاحتجوا، وغالبا لديهم وسائل ضغط لمنع القصف، لكن واشنطن تنكر أن تكون موسكو تحدثت معها بشأن العملية، من هو الكاذب روسيا، أم أمريكا؟، من هو المخادع في البلدين؟. أنا شخصيا لم أعد أثق في الأمريكان، فهم صاروا مفضوحين في المجزرة السورية، والشواهد كثيرة جدا على تخاذلهم ، أصدق الروس لأنهم واضحون في دعمهم لنظام الأسد، صرحاء، يفعلون مايقولون، ولا يخفون شيئا، ولم يتزحزوا قيد أنملة عن موقفهم المساند للأسد ونظامه، أما أمريكا فهى صاحبة المواقف الضبابية غير الواضحة تتفلت وتتملص وتناور ولا يُعرف لها موقف حقيقي تجاه الشعب السوري والمعارضة الوطنية والجيش الحر، كما لم يعد لها موقف حاسم ضد بشار الأسد، ويكفي جريمة الكيماوي وسقوط تحذير أوباما بأن استخدامه خط أحمر. روسيا وتحالف دعم الأسد من الصين وإيران وتوابعها من تنظيمات وجماعات طائفية هم أصحاب الهدف الواضح منذ اليوم الأول للثورة، وهو عدم السماح بإسقاط الأسد أو رحيله من السلطة بالتفاوض، بقاء الأسد خط أحمر، مرات كثيرة يتم تداول أخبار بأن موسكو لاتمانع في رحيل الأسد لكنها تخرج وتحرج من يروج ذلك وتثبت دعمها لحليفها وبشكل عملي كما فعلت الأربعاء عندما حركت طائراتها لتحارب نيابة عنه، أما ما يسمى بتحالف أصدقاء الشعب السوري فلم يقدم لهذا الشعب شيئا، يتركه فريسة للآلة الحربية لنظام الأسد والجماعات الإرهابية التي تعمل في خدمة الأسد، يتركه يغرق في بحور من الدماء طوال سنوات من القتل، يتركه يتيه في صحاري التشريد والهجرة واللجوء والضياع. لا وجه للمقارنة بين الدعم الروسي الإيراني الصيني القوي للاسد ونظامه وبين الدعم الأمريكي الأوروبي الكلامي الشكلي للشعب السوري، الأسد باق رغم كل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بل يتمتع بحماية من الملاحقة، أما الشعب فهو مستباح، من بقي منه في الداخل فهو على قائمة الموت، ومن فر منه إلى الخارج فهو يواجه الجوع والمرض والتسول والموت أيضا. الغرب يمارس على السوريين أكبر لعبة خداع وأكاذيب، لعبة تكشف زيف قيم الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان التي يغني ويمثل بها علينا. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.