كشف محمد الغابي, القائد العام لجبهة الشام التابعة للجيش السوري الحر, أن "الطائرات الروسية قصفت مقرا لتجمع العز التابع للجيش الحر في بلدة اللطامنة بريف حماة الشمالي، بالرغم من أن راية الجيش الحر, كانت مرفوعة فوق المقر". وفي تصريحات أدلى بها لوكالة أنباء "الأناضول", أضاف الغابي "بالنسبة لروسيا, كل من يحمل السلاح ضد بشار الأسد هو إرهابي"، متعهدا بمحاربة القوات الروسية وكل من يتدخل للقتال إلى جانب الأسد. وكانت "الجزيرة" نسبت لمصادر في قوات المعارضة السورية قولها إن طائرات روسية شنّت في 30 سبتمبر غارات على كل من تلبيسة والرستن والزعفرانة في ريف حمص، واللطامنة وكفر زيتي في ريف حماة, ما تسبب في سقوط عشرات المدنيين بين قتيل وجريح، وذلك وسط استنكار الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الشديد "للقصف الروسي الوحشي", كما اعتبر الائتلاف أن هذه الغارات تعد انتهاكا للسيادة السورية ولا تستند إلى أي شرعية قانونية. وجاءت هذه التطورات بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها بدأت ضربات جوية ضد تنظيم الدولة في سوريا، وأنها نفذت الأربعاء 30 سبتمبر نحو عشرين غارة، لكن واشنطن شككت في أن الضربات الجوية الروسية استهدفت حقا مواقع تابعة لتنظيم الدولة. ونقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية عن الوزارة قولها إنها دمرت مواقع قيادة تابعة لتنظيم الدولة ومراكز عمليات في منطقة جبلية سورية، وتابعت أن الضربات لم تشمل بنية تحتية مدنية أو مناطق قريبة منها. وجاءت هذه الضربات, بعد أن منح البرلمان الروسي في 30 سبتمبر الرئيس فلاديمير بوتين تفويضا بالإجماع لشن غارات جوية في سوريا، مما يمهد لأكبر تدخل لروسيا في الشرق الأوسط منذ عقود. من جهتها قالت مصادر من المعارضة السورية إن هذه الغارات التي استهدفت ريفي حمص وحماة (وسط) أوقعت عشرات المدنيين بين قتيل وجريح، وذلك وسط استنكار الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الشديد "للقصف الوحشي". وفي تعليقه على الغارات الروسية, قال وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر إن المعلومات المتوافرة لديه تشير إلى أن المناطق التي قصفتها الطائرات الروسية لم تكن تحت سيطرة تنظيم الدولة، وإنما تابعة لآخرين، دون أن يذكر تفاصيل أكثر. وأعرب كارتر عن معارضة واشنطن لاقتصار الدور العسكري الروسي في سوريا على دعم قوة الأسد وتعزيزها, وأضاف أن الطريقة الوحيدة لحل الصراع في سوريا هي محاربة تنظيم الدولة بالتوازي مع عملية انتقالية للحكم في سوريا. وأضاف أن النهج الروسي الحالي سيلهب الحرب الأهلية في سوريا. وتابع " هذا النهج -كما ذكرت- كمن يصب الزيت على النار.. على العكس فموقفنا واضح وهو أن هزيمة تنظيم الدولة في سوريا يمكن تحقيقها فقط بالتوازي مع انتقال سياسي في سوريا.. سنواصل إصرارنا على أهمية السعي وراء الهدفين بشكل لحظي", حسب "رويترز". وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ذكرت في وقت سابق أنه بينما يصر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهدف من تدخله العسكري في سوريا هو التصدي لتنظيم الدولة "داعش", إلا أن الحقيقة غير ذلك. وفجرت الصحيفة في تقرير لها في 28 سبتمبر مفاجأة مفادها أن محللين لدى المعهد الملكي للخدمات المتحدة في بريطانيا أكدوا أن روسيا تنشر قواتها بسوريا في مواجهة المناطق, التي تسيطر عليها المعارضة السورية, بعيدا عن تلك الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة، ما يعني أن القوات الروسية بهذه الحالة تدعم تنظيم الدولة. وتابعت الصحيفة أن بوتين بتدخله لإنقاذ نظام الرئيس السوري بشار الأسد، سحب البساط من تحت أقدام الرئيس الأمريكي باراك أوباما والقادة الغربيين على المسرح الدولي، ما دفعهم لتغيير سياساتهم لتتواءم مع الحقائق السياسية والعسكرية الجديدة, التي فرضتها روسيا في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط برمتها. وكانت وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية نقلت خلال الأيام الماضية أنباء عن وصول قوات روسية إلى سوريا مزودة بعتاد عسكري ثقيل، الأمر الذي دفع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى الاتصال بنظيره الروسي سيرجي لافروف لاستيضاح الأمر، مؤكدا أن خطوة كهذه تهدد بتفاقم الأزمة السورية. كما أكدت مصادر سورية مطلعة أن روسيا أرسلت العشرات من الخبراء والضباط إلى مدينة جبلة السورية الساحلية خلال الأسبوعين الماضيين، وأن روسيا تعتزم إقامة قاعدة عسكرية وجوية في مقر قيادة القوى البحرية بجبلة. وأكد العميد المنشق عن القوات البحرية السورية أحمد رحال النبأ، أن بارجة روسية رست في ميناء اللاذقية لعدم قدرة ميناء جبلة على استيعابها، وأنه تم نقل محتوياتها بشاحنات كبيرة مغطاة إلى جبلة ليلا. وقال العميد رحال ل"الجزيرة" إنه "سبق لطائرات روسية أن نقلت عشرات العناصر إلى جبلة عن طريق مطار حميميم في القرداحة "مسقط رأس بشار الأسد" في أغسطس الماضي، كما نقلت سفينة سورية جنودا من روسيا خلال الفترة ذاتها. وفسر ذلك بأنه تحضير لإنشاء قاعدة عسكرية وجوية فيها، لافتا إلى أنها ليست الأولى، فهناك قاعدة طرطوس التي أنشئت عام 1982، كما أن خبراء وضباطا روسيين يشرفون على أغلب غرف العمليات العسكرية للنظام. وعن الهدف من زيادة الوجود الروسي في سوريا، قال رحال إنه يهدف إلى حماية المصالح الروسية هناك، وتعزيز قواتها في آخر موطئ قدم لها على البحر المتوسط. وأشار إلى أن الهدف الثاني هو "حماية الدولة العلوية التي تعتزم إقامتها لآل الأسد غرب نهر العاصي بعدما أيقنت أن النظام سيفقد سيطرته على الداخل السوري، فهي لن تقاتل تنظيم الدولة وتدرك أن النظام لا يقاتله إلا إعلاميا". ولم يستبعد رحال أن تتولى القوات الروسية بشكل مباشر حماية الدولة المزمعة إقامتها في الساحل، مستشهدا بإقامة محطة رصد ومراقبة متطورة في مدينة صلنفة بإشراف روسي وإيراني، إضافة إلى زيادة عدد قواتها وعتادها في قاعدة طرطوس، وإشرافها المباشر على حركة الطيران في مطار حميميم. وكانت روسيا قد زودت النظام السوري بطائرات ميج31 حديثة في أغسطس الماضي، حيث وضعت في الخدمة على الفور، ورجح خبراء أن يكون طيارون روس هم من ينفذون الغارات الجوية بها على مواقع مقاتلي المعارضة، دون توجيه أي ضربة إلى تنظيم الدولة. وهذا ما أكده الطيار المنشق المقدم محمد السيد الذي أشار إلى أن الطيارين السوريين لم يتدربوا على استخدام هذا النوع من الطائرات, وقال ل"الجزيرة" إن الخبراء والطيارين الروس كانوا يشرفون على طلعات الطيران السوري، "لكنهم اليوم دخلوا المعركة ضد الشعب مباشرة وقادوا الطائرات التي تقصفه بأنفسهم". ونشر ناشطون سوريون صورا لعناصر قالوا إنهم من روسيا يشاركون في القتال ضمن جيش الأسد في معارك سهل الغاب وسط سوريا وحلب شمالا وريف اللاذقية غربا، وأكد الناشط الميداني هادي العبد الله ذلك على صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك", كما أن المحلل السياسي الروسي فلاديمير أحمدوف لم ينف نية روسيا إقامة قاعدة عسكرية ثانية في جبلة, بعد قاعدة طرطوس.