أثارت دعوة العديد من رموز التيار السلفى إلى إقامة نظام قضائى فى مصر مبنى على الشريعة وحدها ويعمل على تطبيق الحدود الشرعية حفيظة فقهاء القانون وجعلهم يطالبون التيار السلفى بأن يولى اهتماماته بوضع حلول جذرية لعلاج الأزمات التى تعانى منها مصر وأهمها الأزمات السياسية والاقتصادية والمرور لأن تطبيق الحدود لا يأتى إلا بإقناع الناس أولا ولا يمكن أن يأتى بالإجبار. بداية أكد المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض، أن البرلمان هو الذى يصدر القوانين والشريعة لن تطبق إلا بقانون والسلفيون يقولون كلامًا لايصلح للرد عليه. وقال الدكتور جابر جاد نصار، أستاذ القانون العام بكلية حقوق جامعة القاهرة، إن تصور التيار السلفى لتطبيق الشريعة الإسلامية بصورة جامدة لايتجاوز الصورة التى طبقت فى عصور الإسلام الأولى أمر فى الحقيقة يحتاج إلى تغيير هذه النظرية، فالشريعة الإسلامية أكبر من أن تختزل فى مسألة الحدود أو بعض الأحكام ولكن هى نظام قانونى متكامل لاتختلف كثيراً من أحكامه مع المطبق حاليًا. وطالب التيار السلفى بأن يفرق بين ما هو فقهى وأخلاقى فى الشريعة وبين ما هو قانونى، فالجانب الخلقى والفقهى لا يفرض على الناس، وإنما يتعلمه الناس ويرغبون فيه ومن ثم يقوم كل إنسان محكوم عليه بالقاعدة الشرعية الإسلامية ولاتزر وازرة وزر أخرى وتطبيق الشريعة الإسلامية ليس مقصودا به تقويم الناس ولكن فرض القانون على الناس والقانون الحالى فى مصر لايتخالف مع بعض أحكام الشريعة، وأضاف أن الأمر الثانى الذى يجب أن يفهمه أنصار التيار السلفى أن ضرورة فهم مقتضيات الحياة الحديثة ولغة العصر التى تتحدث عن حقوق الإنسان والحريات والأقليات فى إطار من الالتزام بضوابط الشريعة الإسلامية التى فى مجملها تبتغى إسعاد الناس ولاتستهدف تعثرهم من ثم فنحن بحاجة إلى فقه جديد. وأشار إلى أن التيار السلفى ليس تيارا فقهيا أو مدرسة علمية ولكنه طريقة ابتداع للسلف الصالح، ومن ثم فهى خيارات شخصية وليست خيارات أمة يجب أن تفرض عليها فسيدنا عبد الله بن عباس رضى الله عنه كان يمشى يقتفى إثر أقدام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته لم يلزم أحدا ومن ثم فإن التيار السلفى عندما يقتفى آثار السلف من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم فهو فى ذلك حر، وإنما لايجوز أن يلزم المسلمين بذلك فمن لم يمتثل بالصحابة فى لبسهم وطريقة تعاملهم ويلتزم بالحلال والحرام الذى أقرته الشريعة فلاتثريب عليه. وشدد على ضرورة أن يتحدث التيار السلفى عن مشكلات المجتمع الحالية التى يعيشها مثل الأزمة الاقتصادية والمرورية والتعليمية ولايكون كل همه أن يفرض على المجتمع إطارًا من السلوك هو متغير بتغير الأزمان والجغرافيا فالإمام الشافعى رضى الله عنه عندما غادر العراق إلى مصر غير مذهبه لكى يتلاءم مع واقع المصريين ومشاكلهم ومعروف فى الفقه أن للشافعى رضى الله عنه مذهب قديم فى العراق ومذهب جديد فى مصر، لذلك آن للتيار السلفى، وقد غادر المساجد إلى رحاب السياسة أن يقدم حلولا سياسية لاتخالف الشريعة بإشكاليات المجتمع المصرى. وقال الدكتورعلى بركات، أستاذ قانون المرافعات بكلية حقوق جامعة بنى سويف، إن النظام القضائى ينقسم إلى القضاء الموضوعى والقضاء الإجرائى فالموضوعى يتعلق بالمعاملات المالية والتجارية، وهذه مسائل فالشريعة بعضها قواعد ثابتة والآخر قواعد اجتهادية تحتمل الخلاف والاجتهاد وهذه المسائل الاجتهادية تترك لتقدير ولى الأمر أما قواعد القضاء الإجرائى فهذه مسائل اجتهادية تختلف من وقت إلى آخر حسب ظروف كل مجتمع وتقدمه. وأضاف لكى نطبق بناء النظام القضائى الإسلامى ينبغى أن نهيئ المجتمع فى مصرله فى ماعدا المسائل القليلة التى تحتاج إلى التدرج لقبولها مثل الحدود. وأشار إلى أن مسألة الحدود لا ينكرها أحد، ولكن لكل حد شروط ينبغى أن تتوافر وإلا طبق القاضى أى عقوبة تعذيرية أخرى وبعض الناس لايعرف أن الحدود لها شروط صارمة إن لم تتوافر امتنع القاضى تطبيق الحد إذن النظام القضائى الإسلامى يطبق فى مصر بسهولة بعد تعلم الناس كيفية تطبيق هذه الحدود. وأضاف أن الشريعة الإسلامية تحتمل على المسائل التى فيها حكم شرعى ثابت كما تشتمل على القوانين التى يضعها ولى الأمر فى المسائل التى لانص فيها ولا إجماع عليها والفرق بين النظام القضائى المطلوب والنظام الحالى لايخالف الشريعة الإسلامية إلا فى بعض مسائل الحدود والقصاص وهذه يمكن تعليمها للناس وتهيئة المناخ قبل تطبيقها.