على الرغم من قلة عدد أعضائه مقارنة بأحزاب إسلامية أخرى، إلا أنه يعد أكثرها تأثيرًا، ويمتلك قيادات وأعضاء فاعلين، كانوا الأعلى صوتًا تحت قبة البرلمان (الشعب والشورى)، حيث طرحوا قضايا شائكة للنقاش أبرزها "مشروع عودة بورسعيد مدينة حرة، ناقشة قضايا الأطباء، ودعوا لحركة إصلاح القضاة، وساهموا في وضع دستور2012". "الوسط".. حزب مدني ذو مرجعية إسلامية يعبر عن شريحة واسعة من المواطنين، أسسه مجموعة من قيادات الحركة الطلابية فى السبعينيات، وقيادات النقابات المهنية المنتمين للتيار الإسلامى ومعظمهم كانوا أعضاء فى جماعة الإخوان المسلمين الذين انفصلوا عنها عام 1996. فى فترة زمنية قصيرة، تفوق الحزب على أقرانه من أحزاب أكثرها عددًا وأعرضها شعبية، كان له من اسمه نصيب بشهادة ساسة وثوريين، فكان "وسطيًا" فى توجهاته وقياداته ومواقفه السياسة، زاده ذلك شعبية وحبا جماهيريًا عن غيره من الأحزاب، له العديد من المواقف المشرفة، بحسب مراقبين. يعود تاريخ الحزب للتسعينيات عندما تقدم المؤسسون بطلب للجنة شؤون الأحزاب لإنشاء حزب الوسط ثلاثة مرات فى أعوام 1996، 1998، و2004 وتم رفض الطلبات الثلاثة، ثم تقدم الحزب بطعن على قرار اللجنة أمام دائرة شؤون الأحزاب بمجلس الدولة المصري، وبعد ثورة 25 يناير وتحديدًا فى 19 فبراير 2011 قضت الدائرة بالسماح بإنشاء الحزب، وإلغاء قرار لجنة شؤون الأحزاب بالاعتراض على تأسيس الحزب. عقب 25 يناير، زادت شعبية الحزب بشكل لافت، وأصبح فى مصاف الأحزاب الأكثر تقدمًا، كان له دور بارز فى رسم خريطة المشهد السياسي، وعلى الرغم من دعمه للدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح الرئاسي الأسبق في الجولة الأولى من انتخابات 2012، إلا أن ذلك لم يمنعه من الاصطفاف خلف الدكتور محمد مرسي مرشح "الإخوان المسلمين"،، لم يمنعه ذلك من انتقاد سياسات الجماعة في أحيان كثيرة وأسلوب إدارتها شؤون البلاد، إلى أن جاء يوم 3يوليو 2013، الذي انقسمت فيه الأحزاب والقوى السياسية بين مؤيد للإطاحة بأول رئيس مدني منتخب، أو الوقوف إلى جانب السلطة الجديدة، فاختار "الوسط" الانحياز إلى "الشرعية". ودفع الحزب فاتورة مواقفه منذ أحدث 3يوليو، وحتى الآن، وقتل عدد من أعضائه خلال فض اعتصامي "رابعة" و"النهضة"، واعتقال أعمدة الحزب وأبرز قادته، على رأسهم أبوالعلا ماضي رئيس الحزب، ونائبه عصام سلطان، فيما فر آخرون إلى خارج مصر، من بينهم حاتم عزام، ومحمد محسوب، نائبي رئيس الحزب، فضلاً عن حرق مقر الحزب. وقال الدكتور عمرو عادل، القيادي ب "الوسط"، إن "الحزب تحمل عبئًا هائلاً بعد أحداث 3 يوليو، والكثير من قياداته بين معتقل ومهاجر قسريًا خارج مصر". وأوضح عادل ل"المصريون"، أن "الحزب يعيش منذ ذلك التاريخ، حالة من الاضطهاد السياسى العام لكل قوى الثورة بدءًا من حرق مقر الحزب الرئيسى فى 2 يوليو، واقتحام مقراته فى عدة أماكن، بالإضافة إلى عدد من الشهداء والمعتقلين بأعداد مؤثرة على الحزب". وعلق على مقاطعة الحزب انتخابات البرلمان المقبل، قائلاً إن "ذلك لا يعد خسارة فى ظل وجود هذا النظام، بل هو مكسب كبير، لأن العمل السياسى ليس منفصلاً عن القيم وهذا من أصول أفكار حزب الوسط". وتابع: "لا مبرر أو منطق يجبر أحد من القوى السياسية التى تحترم نفسها على الدخول فى مجال العمل السياسى وسط جنون القتل والفساد الذى زرعه "الانقلاب العسكري". واستطرد: "نحن جزء من الشعب المصرى الثائر والتضحيات واجب أخلاقى وسياسى وعلى المنخرطين فى مجال العمل العام، مشيدًا بتضحيات الشعب المصرى الباحث عن حريته"، قائلاً: "ما قدمه الحزب من تضحيات بسيط فى سبيل وصول مصر إلى الحرية". من جانبه، قال أحمد ماهر، عضو الهيئة العليا لحزب "الوسط"، إن "الحزب دفع فاتورة رفضه لنظام 3 يوليو، فاعتقل رئيسه أبوالعلا ماضي، ونائبه عصام سلطان، أمين الصندوق المساعد وعضو المكتب السياسى للحزب المهندس حسام خلف، فضلاً عن قرارات ضبط وإحضار عدد آخر من قيادات الحزب". وأضاف ماهر ل"المصريون" أن "هذه الفترة شهدت حرقًا لمقر الحزب في 2يوليو، بمنطقة المقطم، بالإضافة إلى استشهاد ثلاثة آخرين من أعضاء الوسط، واعتقال عدد من شباب الحزب على مدار هذه الفترة". وأوضح أن "دفع الحزب لهذه الفاتورة لا علاقة لها بموقفه تجاه جماعة الإخوان"، مشيرًا إلى أن "الحزب كان من بين المعترضين على حكم الإخوان والرئيس المعزول محمد مرسي، لاسيما فى أواخر حكم الجماعة". ووصف ماهر، حزب "الوسط" بأنه "وسطى ويدين بكل شدة أحداث العنف وينتهج طريق السلمية، كما ندد بما وصفه بطش النظام والقبضة الأمنية غير المسبقة، وكذلك اللهجة العنيفة لوسائل الإعلام تجاه المعارضين". وعن خسائر الحزب السياسية، قال ماهر، إن "الخسائر عامة نتيجة لتوقف الحياة السياسية فى مصر بأثرها، لافتًا إلى أن الحزب علق مشاركته فى الانتخابات بتغير المشهد الحالى وتوافر عوامل الديمقراطية وهو ما لم يحدث حتى الآن، فبالتالى عدم مشاركة الحزب فى البرلمان المقبل، لا يعد خسارة". وقالت الدكتورة جيهان رجب، عضو الهيئة العليا بحزب "الوسط"، إن "من بين خسائر الحزب أيضًا، تصفية العديد من أعضاء الحزب المخالفين للتوجه السياسى للوسط". واعتبرت أن "الحزب لم يخسر سياسيًا بل كسب كثير من الثقل السياسى نتيجة عدم حياده على الحق والعدل". الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العام لعلماء المسلمين، تطرق إلى هذا الأمر، ورأى أن المهندس أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط، دفع ثمنًا غاليًا بسبب مواقفه السياسية، كان ذلك فى ماله وحريته وصحته. وبعد عامين كاملين من احتجاز رئيس الحزب أبو العلا ماضي، احتياطيًا، أخلى سبيل المهندس أبو العلا ماضي، والذي يعقد عليه سياسيون الآمال فى ملء الفراغ السياسى الذى تعانى منه المعارضة.