تحركات الدكتور كمال الجنزورى حتى الآن تطمئن الناس، فهو يبدو معها عارفًا بدهاليز المشاكل الخانقة بدءًا من أمنهم الذى دمعت من أجله عيناه فى المؤتمر الصحفى بسبب رجل يطلب الأمن وليس الخبز! لم يتصور أحد أن يصل الأمر بالمصريين إلى تسول الأمان لأنفسهم وأولادهم وبناتهم وزوجاتهم وأمهاتهم، فقد بلغ بنا عصام شرف والعيسوى نقطة مخيفة لا ندرى كيف ستنتشلنا منها وزارة الإنقاذ. لا ننكر على الجنزورى مشاعره العاطفية التى أنزلت دموعه، لكنها دموع تخيف وترعب، كأننا داخلون إلى حرب ضد قوة نووية، وليس لصوصًا وبلطجية معروفين بالاسم فى دهاليز وزارة الداخلية. أقولها بكل ثقة لو أرادت الداخلية اعتقال هؤلاء أو لمهم فى ساعة زمن من جميع أنحاء الجمهورية.. ستفعل. لأنها تعرف بيوتهم ومخابئهم ودهاليزهم والقهاوى التى يجلسون عليها ليخططوا ويهجموا على خلق الله. الدكتور الجنزورى يدرى ذلك. واللواء محمد إبراهيم يوسف يعرف كل شىء، والعارف لا يُعرف. ما أخشاه أن يتحول اللواء إبراهيم يوسف إلى نسخة من اللواء محمد عبدالحليم موسى أحد وزراء الداخلية السابقين، فزبيبة يوسف التى استقبلها كثيرون استقبال الفاتحين قد تجعله شيخ عرب جديدًا! ليست بغيتنا "شيخ العرب" بأسلوب عبدالحليم موسى. المرحلة الحالية صعبة وقاهرة ولا ينفع معها سوى وزير حديدى فى مواجهة المجرمين. هيبة الشرطى تتمثل فى قدرته على مكافحة الجريمة والقبض على المجرمين وتأمين الناس، وليس اختصارها فى لقب "الباشا" الذى اعتاده طوال عقود عقب انتزاعه من الباشوات الأصليين. لا وقت للدموع يا دولة الرئيس. ما يعيد الأمن.. إحساس الشرطة بأن تلك وظيفتهم الأولى والثانية والأخيرة. يحمون الشعب ولى الأمر الحقيقى، أما الجالسون فى قصر الحكم فهم أشخاص يذهبون ويأتون وربما يسلكون طريقهم إلى ليمان طرة، أو إلى المستشفى الذى نسيت اسمه ويرقد فيه مبارك معززًا مكرمًا، وكدت أنسى أنه ما زال على قيد الحياة! لن نصبر على ملفات ودراسات لإعادة الأمن المفقود. حجم الصبر لن يزيد على شهر واحد فقط، وبعده أما نرى يوسف وجهًا آخر للعيسوى، أو يثبت لنا أنه قوى لا يجامل باشواته ولا يبحث لهم عن مزايا مادية وعينية، بل يحيلهم إلى الاستيداع فى حالة التكاسل، حتى لو اضطر إلى إرسال كل ضابط مهما علت رتبته إلى بيته ليجلس فيه مثل أى مواطن، يدافع بنفسه عن نفسه وعرضه من جيوش البلطجية مطلقى السراح. لسنا أعداء لضباط الشرطة، فلنا فيهم أنساب وأصهار وأقارب.. هم الذين يجب ألا ينظروا لنا كأعداء. فى كل أنحاء العالم يُنادى الضابط برتبته إلا فى مصر، فهو "باشا" بمجرد أن يعلق "الدبورة"!.. باشوات وزارة الداخلية لا يصلحون للمرحلة الحالية. ثورة 23 يوليو 1952 - أو الانقلاب حتى لا يزعل منى البعض - ألغت الباشوية والباهوية وكل الألقاب التى تميز بها المجتمع الإقطاعى الطبقى المترف والثرى فى العهود الملكية. ثورة 25 يناير ألغت باشوية وزارة الداخلية فلم يعد هناك "باشوات" لمجرد تزيين زيهم بالدبابير! من الخطأ ربط هيبة الشرطى بباشويته المزيفة، فهو لا باشا ولا يحزنون. سينتصر الأمن لو انتصر شيخ العرب على إرادة هؤلاء المزيفين، وهو قادر على ذلك فى بحر شهر واحد لو أراد وتحلى بالشجاعة. [email protected]