جمال سلطان حالة من الفزع تجتاح الصحافة الدينماركية منذ عدة أيام بعد تصاعد الموجة الشعبية العربية لمقاطعة كل منتج يحمل إشارة الدينمارك ، وذلك ردا على حملة التطاول على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، المشكلة لم تكن فقط في إقدام صحيفة دينماركية على نشر عشر رسوم كاريكاتير فاجرة تصف الرسول بأخس الصفات وتصوره كإرهابي يقف في صف المشتبه بهم ونحو ذلك ، وإنما أيضا في الموقف الرسمي الدينماركي الذي دافع في البداية عن الصحيفة واعتبر أنها تمارس حرية الرأي المكفولة ، وهو كلام سخيف يكفي لمعرفة مدى سخفه لو أن صحيفة دينماركية نشرت رسما مشابها ويكون مكان النبي إنسان يهودي ، لا نبي ولا رسول ، فقط إنسان يهودي ، ولسوف نرى كيف يكون رد فعل الحكومة الدنماركية ، وكيف سيختفي كل كلام عن الحرية وحرية الرأي والتعبير ، لتظهر الاتهامات بمعاداة السامية والتحريض على الكراهية إلى آخر الاتهامات ، فقط الاستباحة تكون مع الإسلام ورموزه ، كذلك لا يمكن أن تكون حرية التعبير تتمثل في أن تشتم إنسانا ، بينك وبينه ألف وأربعمائة عام ، وتقول أن هذا تعبير ، هذه محض بذاءة وسباب وتحريض سافر على الكراهية ، وممارسة البصق على وجوه الآخرين وحرماتهم ، بدون أي معنى ولا مبرر سوى الكراهية والعنصرية الشديدة ، لكن الأكثر فداحة أن رئيس الوزراء الدينماركي عندما قال كلمة مجاملة للجالية المسلمة هناك ، وسأله البعض هل نعتبر ذلك اعتذارا للمسلمين ، نفى ذلك ، وقال نحن لا نعتذر عما نشر ، ولذلك كان ضروريا أن يكون هناك موقف حضاري وأخلاقي مما حدث ، وأن نمارس حقنا الإنساني في مقاطعة من أهان النبي ومن حرضه ومن دافع عنه ومن أيده ، هذا حق تكلفه الأعراف والمواثيق وتمارسه الدول والأفراد كأحد الأساليب الحضارية في ممارسة حق الدفاع عن النفس أو المصالح الحيوية ، الحكومة الدينماركية أصيبت بحالة من الهلع ، والسفراء الدينماريكيين خاصة في منطقة الخليج أرسلوا رسائل ، نشر بعضها في الصحف ، تحذر من أن الأمور تتجه إلى كارثة ، الصحف أشارت إلى أن حملة المقاطعة الناشطة في الخليج وحده ستصل بالخسائر الدينماركية خلال عام واحد إلى أكثر من أربعين مليار كراون ، وهذا يعني خراب قطاع كبير من الصناعة الدينماركية ، وتحويل عشرات الآلاف من المواطنين إلى شمس العاطلين عن العمل ، وإغلاق آلاف المصانع ، وأما إذا نجحت الحملة في مصر وبقية العالم العربي ، وهي تنشط الآن بالفعل ، فإن الدينمارك ستكون بسبيلها إلى كارثة اقتصادية ، مانشيتات الصحف الدينماركية بالكامل أمس واليوم ، وبعضها وصلني على البريد الالكتروني وبالترجمة ، تشعرك أن البلاد على شفا حرب ، وكانت مجموعة كبيرة من المحلات الكبيرة والهايبر ماركتات في الخليج قد سحبوا بالفعل كل المنتجات الدينماركية من الأسواق ، تضامنا مع الحملة الشعبية للدفاع عن نبي الإسلام ، وقد اتجهت غرفة الصناعة الدينماريكة إلى دعوة كافة موزعي المنتجات الدينماركية ووكلائها إلى توجيه رسائل إلى العالم العربي والإسلامي من أجل توضيح الموقف والإعلان عن استنكارهم لما حدث ، والحقيقة أن هذه الحالة تعيد الاعتبار إلى الفعل ، وليس إلى الكلام ، هؤلاء قوم لا يجدي معهم الجدل والخطب والمنطق ،وإنما يجدي لغة المصالح ، وعندما تعرف الحكومة أن تضامنها مع مواطن بذيئ يمارس العنصرية في أبشع صورها سيدفع ضريبته ملايين من مواطنيها من قوت أولادهم ومصالحهم الحيوية ، سيكون لقرارها وجهة أخرى ، وأنا أعلن تضامني مع هذه الحملة ، وأدعو كل مصري ، مسلم أو مسيحي لكي يتضامن معها ، قطعا للطريق على تجار الكراهية ، وحماية لحرمات الإنسان ومقدساته من الاستباحة والعبث . [email protected]