تنتعش على شواطئ الإسكندرية، شمالي مصر، مع كل صيف، الحرف والمهن الموسمية التي يرى فيها أصحابها من الفقراء والعاطلين عن العمل، متنفساً حقيقياً للحصول على مصدر للرزق. ومن هذه المهن التي تزدهر مع كل صيف وتنتهي مع انتهائه على شواطئ الإسكندرية خاصة المجانية منها، بيع المسليات، والمثلجات، وملابس البحر، وألعاب الأطفال، والنظارات الشمسية، والتين الشوكي (أو ما يعرف بالصبر)، وصولاً إلى المقاهي المنتشرة على طول كورنيش المدينة الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط. على عربة خشبية بعجلتين كبيرتين، يضع بائع المثلجات، الثلاثيني أيمن منصور، صندوقاً زجاجياً بداخله "الآيس كريم"، ويتجول به على شاطئ المعمورة (شرقي المدينة)، طمعًا ببيع محتوياته على المصطافين هناك. "منصور" الذي يبدأ رحلة البحث عن لقمة العيش، بالتوجه يوميا إلى مستودع "الآيس كريم"، لشراء بضاعته، يقول للأناضول: "الصيف هو موسم الرزق بالنسبة لنا". ويضيف :"كما أنه المتنفس الوحيد لقطاع كبير من أبناء الإسكندرية العاطلين عن العمل والذين ينتفعون خلاله ببيع بضاعتهم للمصطافين الذين يأتون من مدن مختلفة في مصر، هرباً من درجات الحرارة المرتفعة". رامي عمران في العشرينات من العمر، بائع الذرة المشوية، على شاطئ ستانلي المميز (وسط)، يقول للأناضول: "أنتظر بفارغ الصبر حلول الصيف، لأتمكن من تحقيق ربح مالي للإنفاق على أسرتي". ويتابع: "أحوالنا المادية تنتعش في فترة الصيف، بسبب المصطافين الذين يقبلون على بضاعتنا حتى وإن رفعنا الأسعار قليلًا". أما العشريني فرج عليوة، بائع الفريسكا (رقائق بسكويت دائرية رقيقة ممزوجة بالعسل)، في ساحة قلعة "قايتباي" الأثرية (غرب)، فيقول إنه "لا صيف بلا فريسكا، فالمصطافون لا يعترفون بالشاطئ ولا بالإسكندرية كلها سوى بأكل الفريسكا ذات الطعم المميز". على كورنيش "الشاطبي" (وسط)، تجد "أم علي" في الأربعين من عمرها، تحمل يومياً، طفلها ابن العامين على كتفها الأيسر، وتسير به تنادي على بضاعتها من فاكهة "التين الشوكي". وتستطيع أم علي، من خلال هذه المهنة، الإنفاق على ابنها، حيث تحقق دخلاً لا يقل عن 100 جنيه مصري (حوالي 12 دولاراً)، في اليوم، وتدخر جزءًا منه لشهور الشتاء، على حد قولها. وفي حديث مع الأناضول، يرى خالد طوسون، نائب رئيس المؤتمر الدائم لعمال الإسكندرية (حركة عمالية أهلية)، أن هذه المهن التي تنتشر خلال الصيف، تشكل اقتصاداً موازياً لفقراء المدينة". ويقول طوسون إن "تخلّي الحكومة عن دورها في دعم هذه الفئات، أدى إلى تكوينهم لاقتصاد موازٍ، لا يعتمد على الدولة، ولا تعرف عنه الحكومة شيئًا، وهو شيء ضار للطرفين معًا". ويعاني البائعون المتجولون على الشواطئ مما يصفونه بمضايقات رجال الشرطة لهم، ومنعهم من البيع في أحيان كثيرة. وعن هذا يقول باسم مرسي، بائع الترمس المملح، على شاطئ أبي قير العام (شرق)، إنه يعاني من مضايقات الشرطة له بدعوى إشغال الطرق، أو ممارسة أعمال غير قانونية. ويتابع: "بدلًا من اعتبارنا جزءًا أساسيًا من منظومة السياحة في الإسكندرية، تطاردنا أجهزة الشرطة وتصادر عرباتنا ومعداتنا، وتتطور الأوضاع في بعض الأحيان لتصل إلى حبسنا وإلزامنا بدفع غرامات مالية". وفي تصريح صحفي أدلى به في وقت سابق، قال هاني المسيري، محافظ الإسكندرية، إن السلطات المحلية قررت إنشاء عدد من الأسواق لجمع كافة البائعين الجائلين، إلا أنهم يرفضون تسلم المحلات في تلك الأسواق، سعيًا منهم وراء المواقع السياحية والمزدحمة. وأضاف: "لا يمكن السماح لهؤلاء الباعة بالتجول على الكورنيش وبين السياح بلا رادع، خاصة وأنهم يسيئون إلى المظهر العام للمدينة، ويتسببون في حالة من الضيق للمصطافين والسياح، ونطبق عليهم القانون لحماية السياحة".