اعتبر محللون سياسيون ليبيون، استقالة رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الله الثني، في طبرق (شرق)، من منصبه على الهواء مباشرة ليلة أمس الثلاثاء، هو استباق لإقالته التي كانت متوقعه بشكل كبير، خلال جلسة الأحد المقبل، التي كان من المقرر أن تمتثل فيها حكومته للمساءلة أمام مجلس النواب. و قدّم الثني في وقت متأخر من ليلة البارحة استقالته بشكل مفاجئ على الهواء مباشرة، أثناء استضافته ببرنامج يبث على قناة محلية خاصة، مؤكداً أنه سيقدم استقالته بشكل رسمي لمجلس النواب الأحد المقبل، وهو موعد مساءلة الحكومة أمام البرلمان. وحول الاستقالة، قال محمد الجنجان، المحلل السياسي والأكاديمي الليبي، إن "استقالة الثني على الهواء مباشرة، هو استباق لإقالته المتوقعة الأحد القادم، خلال الجلسة التي حددها البرلمان لمساءلة الحكومة". وأضاف في تصريحات للأناضول أن "إخفاقات الحكومة برئاسة الثني في العديد من الملفات، وخاصة إعادة الحياة لمدينة بنغازي، بعد سيطرة الجيش على أكثر من 90% منها، هو سبب رئيسي في الانتقادات الموجهة له وحكومته"، مشيراً أن "عجز الحكومة وصل إلى اعتراف وزير الصحة، بأن وزارته غير قادرة علي توفير علاج للمواطن الليبي، الأمر الذي ينطبق تماما على كافة الوزارات في حكومة الثني". وحدد مجلس النواب الليبي المنعقد شرقي البلاد جلسة يوم الأحد المقبل، موعدا لمساءلة الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الله الثني، والتي كان قد تعذر مساءلتها، بعد اقتحام محتجين لمقر البرلمان بمدينة طبرق (شرق)، أثناء جلسة قبل ثلاثة أشهر.
و قبل يومين أعلن رضا العوكلي، وزير الصحة بالحكومة الليبية المؤقتة، في بيان صدر عنه، عجز وزارته عن توفير العلاج والخدمات للمواطنين الليبيين، داعيا كافة العاملين في المستشفيات والمرافق الصحية الحكومية، للمشاركة في وقفة احتجاجية الخميس (الموافق غداً)، أمام مرافقهم ومستشفياتهم، لاستنكار نقص الأدوية والمعدات.
من ناحيته، قال السياسي الليبي، المرشح السابق لرئاسة الحكومة الليبية محمد التومي، إن "استقالة عبد الله الثني ما هي إلا ورقة ضغط ومناورة سياسية فقط، للخروج من الورطة التي تعيشها حكومته".
و دلل التومي عن ذلك خلال حديثة للأناضول قائلاً، إن "الثني يعلم جيدا أن مجلس النواب لن يقبل استقالته، ليس لأنه ناجح، بل لتعذر الحصول على بديل لرئاسة الحكومة، خاصة في الوضع الذي تعيشه البلاد". وأضاف أن "مجلس النواب يعلم جيدا أن هناك طرف آخر مناهض له في الغرب، وهو حكومة الإنقاذ غير المعترف بها دوليا، وباستقالة الثني يصبح الجناح التنفيذي لمجلس النواب شاغرا، وهذا ما يعلمه الثني تماما، لذلك هو يعلم بشكل مسبق أن البرلمان لن يقبل باستقالته في هذا التوقيت الصعب والحرج". بحسب قوله.
ونفس ما ذهب إليه التومي، أكده عيسي العريبي، عضو مجلس النواب الليبي الذي قال "بدلا من محاسبة الحكومة المؤقتة الأسبوع المقبل، سوف يناقش البرلمان قبول استقالة عبد الله الثني أو رفضها"، متوقعا أن يتم "التصويت برفض الاستقالة"، دون ذكر الأسباب لذلك.
وأشار البرلماني الليبي أن "الثني سيفلت وحكومته من المساءلة والحساب، ويخرج بطلاً" على حد تعبيره.
و عبد الله عبد الرحمن الثني، الذي ينحدر من مدينة "غدامس" في جنوب ليبيا، ولد في 7 يناير/ كانون الثاني 1954 بمدينة كانو النيجيرية، حيث كان والده يعمل، بينما تخرج من الكلية العسكرية الليبية عام 1976، ووصل إلى رتبة عقيد بالجيش الليبي، في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي.
و في ثمانينات القرن الماضي، اعتقل عبد الله الثني عدة مرات، بسبب انتقادات شقيقه بشير الثني، الذي كان طيارا بالجيش الليبي، لحرب تشاد التي خسرت فيها ليبيا أمام القوات التشادية.
وبعد الثورة الليبية عام 2011، والتي أطاحت بحكم القذافي، عُين الثني وزيرا للدفاع بحكومة رئيس وزراء ليبيا السابق علي زيدان، في أغسطس/آب 2013، ثم كلّفه المؤتمر الوطني العام بطرابلس، بتشكيل الحكومة بعد أن سحبها من زيدان حينذاك، ليستمر الثني رئيسا لحكومة تسيير الأعمال، حتي تقدم باستقالته من منصبه، بعد 15 يوما، ليمنحه مجلس النواب الليبي الثقة، ويكلفه بتشكيل حكومة مؤقتة في الأول من سبتمبر/أيلول الماضي.
وتعرض الثني لمحاولة اغتيال في 25 مايو/أيار الماضي، بعد أن استهدف مسلحون مجهولون موكبه، أثناء خروجه من جلسة مساءلة عقدها مجلس النواب في مقره بمدينة طبرق شرقي البلاد، أسفر عن إصابة أحد مرافقيه بجروح.
وتتصارع على السلطة في ليبيا حكومتان، هما الحكومة المؤقتة، المنبثقة عن مجلس النواب في مدينة طبرق، برئاسة "الثني"، ومقرها مدينة البيضاء (شرق)، وحكومة الإنقاذ المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام، ومقرها العاصمة طرابلس (غرب)، ويُسير أعمالها، خليفة الغويل، النائب الأول لرئيس المؤتمر