تستعد مصر لافتتاح مشروع قناة السويس غدًا بمشاركة يخت "المحروسة"، والذي سيستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، ليعلن من فوقه افتتاح قناة السويس الجديدة، في الوقت الذي تطلق فيه سفن 40 ميناء حول العالم أبواقها، احتفالاً بافتتاح الممر الملاحي الجديد. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي دشن مشروع حفر القناة الجديدة في الخامس من أغسطس العام الماضي، لتكون موازية للممر الملاحي القائم، وذلك من أجل تمكين السفن والناقلات من عبور القناة في اتجاهين في ذات الوقت بما يقلل زمن الرحلة ويسهم في زيادة الإيرادات لمصر. وأنهت القوات البحرية الإصلاحات التي تجري لليخت الملكي، بمحافظة الإسكندرية، بحيث يصبح قادرًا على الإبحار، والمشاركة في احتفالات القناة، حيث تم إجراء عَمرة صيانة ونظافة للمركب. وتعود قصة بناء اليخت "المحروسة" إلى عام 1863 حين أمر الخديو إسماعيل بإنشائه، وأسندت المهمة لشركة «سامودا» بلندن، وتم الانتهاء منه في أبريل عام 1865، وكان طوله 411 قدما وعرضه 42 قدمًا وحمولته 3417 طنًا، ويسير بالبخار بوقود الفحم بواسطة طارات جانبية بسرعة 16 عقدة في الساعة، وله مدخنتان ومسلح بثمانية مدافع من طراز "أرمسترونج"، استلمه الطاقم البحري المصري في أغسطس 1865 وتم الإبحار به من ميناء لندن في شهر أغسطس 1865 عبر نهر التايمز إلى ميناء الإسكندرية بمصر. ويتكون "المحروسة" من خمسة طوابق، يضم الطابق السفلي الماكينات والغلايات وخزانات الوقود، بينما يضم الطابق الرئيسي غرف الجلوس، المطابخ، المخازن، الجناح الشتوي، والقاعة الفرعونية، بالإضافة إلى جناح الأمراء والأميرات كما أنه يحتوي على 4 مصاعد، منها المصعد الخاص بالجناح الخصوصي، ويوجد جراج به خاص لسيارة الملك. وجاء بناء يخت "المحروسة" كي يستخدمه الملك بشكل خاص، ليبحر في رحلات اجتمعت فيها الفخامة مع العراقة في رحاب التاريخ، لكنه لم يكن يدرك أن صفحات التاريخ ستتسع ليخته قدر اتساع أمواج البحر له. وكان اليخت شاهدًا على أحداث هي الأخطر في تاريخ مصر، فعلى متنه غادر الملك فاروق، آخر ملوك أسرة محمد علي، مصر، في 26 يوليو 1952 إلى نابولي، في رحلة الوداع الأخيرة إلى المنفى، بعد حفل وداع أدى فيه حرس الشرف التحية العسكرية للملك، وأطلقت البحرية 21 طلقة. كما شهد اليخت أيضًا إعلان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، تأميم قناة السويس، مسجلًا صفحة جديدة في تاريخ القناة، التي سبق وأبحر منها كأول سفينة تدخل القناة، كما أنه يعتبر أول يخت في العالم يتم تركيب لاسلكي على متنه عام 1912. شارك اليخت في المناورة البحرية عام 1974، وكان على متنه العاهل السعودي الراحل الملك فيصل، وصعد على متنه الملك حسين، والسلطان قابوس، واستخدم اليخت خلال الفترة من 1955 حتى 1973 لتدريب طلبة الكلية البحرية المصرية. "المحروسة" كان له السبق كأول عائمة بحرية في العالم تعبر قناة السويس عام 1869 وعلى ظهره الملوك والأمراء، ومنهم الإمبراطورة أوجيني إمبراطورة فرنسا وزوجة نابليون الثالث، وأمير وأميرة هولندا وإمبراطور النمسا فرنسوا جوزيف، وولي عهد ألمانيا الأمير فريدريك، وحينها أهدت الإمبراطورة أوجيني "بيانو" أثري للخديو إسماعيل، كان قد صنع خصيصًا للإمبراطورة في "شتوتجارت" بألمانيا عام 1867، وعزفت عليه بنفسها على ظهر اليخت، ومازال موجودًا حتى الآن بنفس حالته الأصلية. وأدخلت تعديلات عديدة على "المحروسة" غيرت من معالمه أبرزها عام 1872 عندما أرسل إلى لندن لزيادة طوله 40 قدمًا، وبعدها استقله الخديو إسماعيل بعد عزله عن العرش عام 1879 إلى نابولي في إيطاليا. ويعتبر يخت "المحروسة" واحدًا من أكبر اليخوت في العالم بعد اليخت الخاص بالشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم إمارة دبي، والذي يبلغ طوله 525 قدمًا. وعلى الرغم من مرور 144 عامًا على إنشاء "المحروسة" ومازال شبابه متجددًا، وبحسب العديد من الخبراء فإنه يحتفظ بقدرته على الإبحار.