أمس الأحد ، قضت محكمة جنح باب شرق بالإسكندرية ، بالسجن عاما ل10 موظفين ، وبراءة 8 آخرين في الدعوى المقامة من مدير مكتبة الإسكندرية، إسماعيل سراج الدين، ضد 18 من العاملين بالمكتبة يتهمهم بالتظاهر وتعطيل العمل ، والحمد لله كانت البراءة من نصيب القيادي السابق في حزب الدستور والمتوفى ، محمد يسري سلامة رحمه الله ، وكانت نيابة باب شرق قد قررت نوفمبر الماضي، إحالة 18 من العاملين بمكتبة الإسكندرية للمحاكمة بتهمة التظاهر فى واقعة احتجاج العاملين في شهر أكتوبر عام 2011، وقد جاء من ضمن المتهمين المرحوم سلامة أحد أيقونات ثورة يناير. محامي المتهمين عماد نبوي كان قد فاجأنا بمعلومات مدهشة حول تلك القضية ، فقال إن الدعوى في أساسها كانت في شهر يناير 2012 ضد ستة من العاملين بمكتبة الإسكندرية، وكانت دعوى سب وقذف مرفوعة من إسماعيل سراج الدين رئيس مجلس إدارة المكتبة، على خلفية احتجاج العاملين بالمكتبة والمطالبة بإقالة إسماعيل سراج الدين متهمينه بالفساد ، وقد قام العاملون وقتها بجمع توقيعات لإقالته بلغت 1700 توقيع من إجمالي 2400 هم جميع العاملين بالمكتبة ، أي أكثر من 70% من العاملين يتضامنون مع الاتهام . يضيف المحامي : إلا أننا فوجئنا بأن النيابة قامت بإعادة تكييف الدعوى من السب والقذف إلى التظاهر وتعطيل العمل وإضافة متهمين جدد إليها ، وأنكى من ذلك أن بعض شهود النفى الذين شهدوا لصالح المتهمين قررت النيابة ضمهم كمتهمين ، وكان من بينهم المرحوم محمد يسرى سلامة القيادي الشهير بحزب الدستور. وحتى تكتمل صورة المشهد ، نذكر بأنه كانت هناك أكثر من دعوى منظورة حاليا أمام القضاء من قبل هؤلاء النشطاء أنفسهم تتهم سراج الدين بالفساد ، ويتم تأجيلها منذ قرابة ثلاث سنوات ، إحداها تأجلت حوالي ستة عشر مرة ، حتى نسي الناس موضوعها تقريبا ، إلا أن المفاجأة في هذا الموضوع ، أن سراج الدين المتهم الذي يحاكم أمام القضاء ، وصاحب الخصومة مع عاملين آخرين في مكتبة الاسكندرية كانت تنتظر حكم القضاء والذي صدر أمس ، قام القضاء نفسه بتكريمه قبل عدة أشهر ، وتحصينه أخلاقيا وأدبيا من خلال احتفالية بالغة الغرابة ، عقدها نادي قضاة الإسكندرية للاحتفال به . وفي الحفل المدهش الذي نظمه نادي قضاة الإسكندرية لتكريم الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية جاء في إعلانه المنشور أنه (يأتي هذا التكريم تقديرًا من نادي قضاة الإسكندرية لمجهودات الدكتور سراج الدين من أجل الارتقاء بمستوى الثقافة والمعرفة داخل المجتمع المصري. وفي هذا الإطار صرح المستشار عبد العزيز أبو عيانة رئيس نادي قضاة الإسكندرية بأن الدكتور إسماعيل سراج الدين يمثّل منارة من منارات العلم والمعرفة في مصر. وأنه إستطاع خلال السنوات الماضية أن ينهض بمكتبة الإسكندرية نهوضًا كبيرًا لتتحول هذه المؤسسة العلمية المصرية إلى أعجوبة جديدة من عجائب الدنيا الحديثة. كما أضاف المستشار أبو عيانة بأن الدكتور سراج الدين هو أفضل من يمكن ترشيحه ليتولى منصب الأمين العام لمنظمة اليونسكو). كان هذا نص ثناء نادي القضاة بالاسكندرية على "المتهم" الذي يحاكم أمام قضاة الاسكندرية أنفسهم ، من جهته قال المستشار هشام بهلول أمين الصندوق وعضو مجلس إدارة نادي قضاة الإسكندرية بأن تكريم الدكتور إسماعيل سراج الدين يتم من خلال إحتفالية خاصة يحضرها لفيف من الشخصيات القضائية المرموقة في الإسكندرية. وأضاف المستشار بهلول بأن من بين هذه الشخصيات كل من المستشار محمد علي إبراهيم مساعد وزير العدل، والمستشار سعد السعدني رئيس محكمة الإسكندرية الإبتدائية بالإضافة إلى المستشار عزت عجوة الرئيس السابق لنادي قضاة الإسكندرية ومحافظ كفر الشيخ الأسبق. المفارقة هنا ليس في أن الاحتفال بسراج الدين كان بدون مناسبة مفهومة أو حدث استثنائي لافت ، وبدا كمجاملات فجة لا نعرف خلفياتها بالضبط ، ولكن المفارقة الحقيقية أن إسماعيل سراج الدين هذا الذي يحتفل به قضاة الاسكندرية ورؤساء محاكمها ، هو نفسه إسماعيل سراج الدين المتهم بعدد من القضايا المتعلقة بالفساد واهدار المال العام وغير ذلك ، وبعض تلك القضايا ما زالت منظورة أمام قضاة الاسكندرية ، وبعض تلك القضايا يتم تأجيلها حوالي ستة عشر مرة طوال حوالي ثلاث سنوات ، فقد استعصى علي أن أفهم كيف يكون المتهم الماثل أمام محاكم الاسكندرية الآن ، هو نفسه الذي يصفه رؤساء تلك المحاكم بأنه فخر مصر ومنارة من مناراتها ، ويعقد له السادة القضاة احتفالية كبيرة من أجل تكريمه على إنجازاته العظيمة ، ليس هذا فقط ، وإنما أيضا من أجل الإعلان عن دعم القضاة له وتزكيته لتولي مناصب دولية ، في حين أنه يحاكم حتى الآن أمامهم بالتهم التي حققت فيها النيابة العامة وقررت أنها اتهامات جدية وبناء عليه قامت برفعها للمحاكم ، وقدم فيه الجهاز المركزي للمحاسبات تقارير ضافية مفصلة عن إهداره ملايين الجنيهات من المال العام ، ناهيك عن أن خصومه ومعارضيه يحاكمون أمام نفس المحاكم ، وقد تم سجنهم في النهاية .