أتعجب من أن يبقى اللواء منصور العيسوى دون استدعاء للتحقيق معه حتى كتابة هذه السطور وبعد أحداث التحرير الأخيرة التى راح ضحيتها أكثر من 40 شهيدًا ومئات المصابين, الذين فقد عدد كبير منهم نور أعينهم بفعل طلقات الخرطوش والمطاطى والخرز وقنابل الغاز التى أطلقتها عليهم قوات الشرطة فى أول إعلان رسمى عن عودة بطشها بالمواطنين والمتظاهرين السلميين, وأن يتم اختزال خطورة هذه العودة بتركيز غضبنا ورغبتنا فى الثأر لأرواح الضحايا وعيونهم وأجسادهم التى اخترقتها هذه الطلقات أو دهستها سيارات الشرطة من الضابط حديث التخرج الشهير بلقب "قناص العيون", والذى ظهر فى فيديو وهو يطلق النار على المتظاهرين بينما يشجعه شخص بجواره قائلا "جت فى عين الواد ..جدع ياباشا", وأن تتعالى المطالبات بضبط وإحضار الضابط الذى وزع المتظاهرون صورته واسمه بالكامل ورقم هاتفه وعنوانه وتحتها عبارة "مطلوب عينه", بينما انشغلت وزارة الداخلية فى محاولة تبرأة الضابط بادعاء أن من قام بتصوير الفيديو وظهر صوته فيه وهو يقول هذه العبارة هو شخص حاقد على جهاز الشرطة وأراد الوقيعة بينها وبين الشعب وتوريط الضابط الشاب الذى أعلن وزير الداخلية منصور العيسوى أنه هرب رغم صدور قرار من النائب العام بضبطه وإحضاره, حيث تلقى النائب العام أكثر من 25 بلاغًا ضد هذا الضابط. نغرق فى هذه التفاصيل بينما الجريمة الكبرى واضحة, ولا يجب أن تختزل فى شخص هذا الضابط مهما كان جرمه. فهذا الضابط لم يمسك بسلاحه ويضرب المتظاهرين إلا بناء عن أوامر واضحة من قياداته, كما أنه حتى وإن كان مسئولا عن إصابة وفقأ عيون عدد منهم, لينال تشجيع رفاقه بعبارة "جدع ياباشا", فإن وزيره بهذا المنطق "أجدع منه" أضعافا مضاعفة, لأنه مسئول عن الشرارة الأولى التى بدأت بها الأحداث بمحاولة فض اعتصام مصابى الثورة الذين لم يتجاوز عددهم 200 فرد بالقوة, كما أنه مسئول مسئولية كاملة عن تصاعد الأحداث باستشهاد وإصابة وسحل ودهس كل هذه الأعداد التى تساقطت فى الميدان على مدى أكثر من أربعة أيام, حتى وإن قيل إن هناك ستة لواءات بالداخلية موالون للعادلى، هم من أعطوا هذه الأوامر, فإذا كان العيسوى باشا يعلم فهذه مصيبة, وإن كان لا يعلم فالمصيبة أكبر, وفى الحالتين لا يمكن اعفاؤه من المسئولية, لأنه لم يوقف هذا العنف الذى استمر عدة أيام, وهو ماتم ضبطه وإحضاره والتحقيق معه, وليس منطقيا أن يبقى فى منصبه بعد هذه الجرائم. حالة واحدة التى يصبح فيها بقاؤه فى منصبه وعدم التحقيق معه حتى الآن منطقيا, وهى أن يكون قد أخذ تعليمات باستخدام العنف مع المتظاهرين من المجلس العسكرى, وهى الحالة التى لا نرغب فى تصديقها, حتى وإن كانت هناك مؤشرات تؤكدها, لأننا لا نريد أن نصدق أن يد الجيش المصرى متمثلا فى قيادات المجلس العسكرى قد تلوثت بدماء الشعب, أو أننا نعيش فى كابوس إعادة فيلم مبارك. زينب عبداللاه [email protected]