رأى كتاب ومحللون سياسيون فلسطينيون، أن فصائل المقاومة في قطاع غزة، باتت أكثر "قوة وتطوراً"، بعد عام على الحرب الإسرائيلية الأخيرة، صيف يوليو 2014. وقال عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، برام الله، وسط الضفة الغربية، إنّه وبعد عام من الحرب "تبدو المقاومة في غزة، أكثر تطوراً وتنظيماً"، مشيراً إلى أنه "على الرغم مما ألحقته الحرب في صفوف المقاومة من خسائر، والحصار المالي والعسكري الذي تواجهه، إلا أنها مستمرة في التجهيز والإعداد لأية معركة قادمة".
وأضاف أن "المقاومة بشكل عام، وكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بشكل خاص، تعمل على قدم وساق، من أجل تطوير أساليبها وقدراتها القتالية".
وتابع: "المقاومة تدرك جيداً، أن قدراتها يجب أن تكون مضاعفة عن الحرب الماضية، فإسرائيل شنت حرباً قاسية ومدمرة، صيف العام الماضي، وهو ما يدفع المقاومة للتفكير بوسائل وأساليب متطورة، تحقق شيئاً من التوازن في معادلة الرد ورد الفعل".
وأعلنت حركة حماس، مساء الأربعاء الماضي، دخول صاروخين جديدين مصنعين محليًا، يحملان مواصفات متطورة، الخدمة لدى جناحها العسكري.
وقال أبو عبيدة الناطق باسم القسام، خلال عرض عسكري، في غزة: "ها نحن اليوم نعلن ونظهر جانبًا متواضعًا مما تم إنجازه، وسنترك للزمن تحديد فعالية وأداء هذه الصواريخ".
وتمكنت كتائب القسام، منذ تصنيعها لأول صواريخها عام 2001، وحتى العام 2014، من توسيع دائرة ضرباتها الصاروخية تدريجيًا لتغطي دائرة يبلغ نصف قطرها أكثر من 80 كيلو مترًا.
وطوّرت القسام، صواريخها المحلية لتصبح أطول مدى، مثل صاروخ M75 الذي أطلقته في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2012، ثم تبعه في 2014 ظهور صاروخين R160 أطلقتهما على مدينة حيفا، شمالي إسرائيل، وJ80 الذي وصل إلى مدينة تل أبيب.
كما أعلنت كتائب القسام، في 14يوليو/تموز 2014 رسميًا، تمكن مهندسيها من تصنيع طائرات بدون طيار، وإنتاج 3 نماذج منها، لتنفيذ مهام خاصة في إسرائيل.
ويقول أنطوان شلحت، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إنّ لدى إسرائيل هاجس كبير، من تطور قدرات المقاومة، وما قد تحققه على الأرض من إنجازات في المعارك المقبلة.
وأضاف في حدث مع الأناضول:" المقاومة الفلسطينية، أثبتت ومن خلال الميدان، مدى قوتها وقدرتها على إلحاق الخسائر في أوساط إسرائيل العسكرية والسياسية، والاقتصادية، ومن الطبيعي أن تواصل المقاومة استعداداتها".
ورأى شلحت، أن التحدي أمام المقاومة، "يتمثل في تطوير قدراتها العسكرية وجعلها أكثر فعالية من المواجهات السابقة".
واستدرك بالقول :"مدى الصواريخ ودقتها، الأنفاق، وكافة ما تملكه المقاومة من أدوات، يجب أن يكون أكثر فعالية وأن يشهد تطورا نوعيا".
وكان مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي قال إن حركة حماس، شرعت في ترميم بنيتها التحتية، وتحسين قدراتها العسكرية في قطاع غزة، فور انتهاء الحرب الأخيرة في شهر أغسطس/آب 2014.
وقال نوحي مندل، نائب قائد "وحدة غزة"، في الجيش الإسرائيلي: " حركة حماس مستمرة حتى يومنا هذا في حفر الأنفاق".
وأضاف مندل في حديث للإذاعة الإسرائيلية العامة بمناسبة مرور عام على ذكرى بدء الحرب التي أطلقت عليها إسرائيل اسم "الجرف الصامد": " منذ انتهاء العملية، شرعت حماس في ترميم بنيتها التحتية الإرهابية، وتحسين قدراتها العسكرية التي تضررت كثيرا خلال العملية".
وكانت حركة حماس قد استخدمت الأنفاق في الحرب الأخيرة على غزة، لشن هجمات على أهداف إسرائيلية، واتهم جهاز الأمن العام الإسرائيلي، قبل عدة أشهر قيام الحركة، بترميم الأنفاق التي تم تدميرها في الحرب.
وشنت إسرائيل في السابع من يوليو/تموز 2014، حربًا على قطاع غزة، وانتهت في 26 أغسطس/آب 2014، وتسببت بمقتل 2147 فلسطينيًا، بينهم 578 طفلاً، و489 امرأةً، و102 مسنًا، فيما جُرح 11 ألفاً آخرين.
في المقابل، كشفت بيانات رسمية إسرائيلية عن مقتل 68 عسكريًا من جنود الجيش الإسرائيلي، و4 مدنيين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، وإصابة 2522 إسرائيلياً بجروح، بينهم 740 عسكريًا، حوالي نصفهم باتوا معاقين، بحسب بيانات إسرائيلية.
من جهته، قال وليد المدلل، رئيس مركز الدراسات السياسية والتنموية في غزة (خاص)، إن "المقاومة الفلسطينية، أربكت الحسابات الإسرائيلية في الحرب الأخيرة، من خلال ما أظهرته من قدرات عسكرية فائقة".
وأضاف: " والآن المقاومة تدرك جيداً، أن المعارك المقبلة مع إسرائيل يجب أن تكون مغايرة تماماً، من حيث القدرات، والوسائل القتالية المستخدمة".
ورأى المدلل، أن المقاومة بغزة، وفي مقدمتها كتائب القسام، تسعى جاهدة إلى إعادة ترميم ما خسرته في الحرب الأخيرة، وتجهيز عناصرها عسكرياً، والعمل على أن تكون أية مواجهة مقبلة مع إسرائيل أكثر قوة، وأشد ردعاً وإيلاماً للجيش الإسرائيلي.
واعتبر أن المقاومة في غزة "أشبه بجيش نظامي، يجهز نفسه لأية معركة قادمة، من خلال الإعداد والتطوير".
وبعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، أعلنت كتائب القسام، فتحها باب التجنيد في صفوفها للشباب الفلسطينيين في قطاع غزة.
ويقول الجيش الإسرائيلي، إن الجناح العسكري لحركة حماس، يجري بشكل شبه يومي، تجارب إطلاق صواريخ تجاه البحر المتوسط، قبالة قطاع غزة.
وكانت كتائب القسام نشرت مؤخرا، صوراً لمواقع تدريب عسكرية، محاذية للسياج الفاصل بين حدود غزة وإسرائيل، وقالت إنها تنشر هذه الصور بغرض "تحدي إسرائيل"، موضحة أنها بنت بعد الحرب الأخيرة العديد من مواقع التدريب العسكرية المحاذية للسياج الأمني الفاصل بين إسرائيل ومناطق مختلفة من غزة.
ولفتت إلى أن العمل مستمر لتطوير المواقع وتوسيعها، لتشمل كل ما يلزم لتدريب "المجاهدين في كافة التخصصات، وأنها ستتصدى لأي عدوان إسرائيلي قادم.