إنهم لن يسلبوننا تقدمنا وحضارتنا، إنهم لن يزحزحوننا عن مكاننا الذي تبوأناه في عالم اليوم. مهما فعلوا، ومهما شغبوا، ومهما سيطروا على عقول البسطاء والدهماء. لن نستسلم! لن نتراجع! إن مصر، وبعد أن قطعت شوطا كبيرًا في (مارثون) التقدم العلمي والتقني والتكنولوجي والسياسي والاقتصادي وكافة الجوانب النهضوية، بفضل الجهاد المستمر والكفاح الدائب لرجال الفكر الليبرالي والعلماني، المتفتح، الحداثي المتنور، إن مصر من بعد ذلك ليست مستعدة للرجوع إلى الوراء، والتخلي عن كل مظاهر النهضة والرخاء الذي تنعم به تحت قيادة وريادة الفكر العلماني. لن ترجع مصر إلى الوراء بعد أن أصبحنا قوة عسكرية يحسب لها ألف حساب، وبعد ترسانة الأسلحة التي بتنا نمتلكها، وبعد غزونا الفضاء . وبعد أن باتت اسرائيل لا تنام ذعرا ورعبا من المفاعلات النووية المتمركزة في شارع الهرم، وشارع "محمد علي"، وبعد أن أصبحت الولاياتالمتحدة تخشى أن تصبح مصر القطب الثاني المنافس لها في العالم. بعد كل هذا لن نقف مكتوفي الأيدي إزاء تنامي التيار الإسلامي وسعيه للوصول إلى الحكم. إننا لسنا مغفلين ولا مغيبين عما يحاك لمصر من مؤامرات أجنبية جاءت كردة فعلٍ لتلك الإنجازات سالفة الذكر، ولسنا بلهاء حتى لا نفهم أن تزايد شعبية التيار الإسلامي في الشارع المصري ما جاء عفوا ولا نتيجة لإيمان المواطن بما يطرحه هذا التيار، ولا بسآمته وبغضه لخطاب النخبة العلمانية التي يتناقض خطابها مع هوية الشارع المصري. كلا، بل هي مؤامرة جاءت نتيجة تخطيط مدروس، وجهود منظمة من قِبل الدول الغربية وإسرائيل لإيقاف وتدمير التقدم التقني والنهوض الحضاري الذي نجحت النخبة العلمانية في الوصول بالبلاد إليه. لقد تركزت الخطة في التعاون والتنسيق غير المعلن بين أعضاء الاجتماع السابق وبين الطابور الخامس الموجود في مصر – المتمثل في الإسلاميين- والذي يدعو إلى الرجعية والتخلف والظلامية، ومن حيثيات هذه الخطة الجهنمية فتح قنوات دينية أمام شيوخ السلفية وغيرهم ليقولوا إن " كليبات" اللحم العاري (التي هي إبداع محض) حرام، وأن أفلام العقد الجنسية (التي تخرجها المُخرِجة الفلتة) حرام، وأشباه ذلك من الفتاوى التي تقف في وجه التنوير وتعيق النهضة العلمية. وشيئا فشيئا يستجيب الشارع لهذه الأفكار ويتوقف عن متابعة المشروع النووي للدغيدي وغادة عبد الرازق وأشباههما، والأبحاث الاستراتيجة في أغاني " شعبولا " و"أبي الليف"، وأبي اللفت، والأبحاث المخبرية المعقدة التي يقدمها معهد الراقصة " دينا" وزميلاتها. وإذا نجحت الخطة بعد تمويل الإسلاميين ودعمهم من تحت "الترابيزة" وفوقها، وحققوا الشعبية المطلوبة واكتسحوا الانتخابات، فسيقومون- تباً لهم- في أول خطوة لهم بإغلاق تلك المعامل النووية في شارع الهرم - والتي تهدد الأمن القومي الاسرائيلي- وتعليق العمل فيها. وربما قاموا بالكارثة الكبرى ومنعوا عرض الأفلام الخليعة، وأوقفوا المبدعات من الراقصات من ممارسة الرقص الشرقي على الشاشة ، أو في البارات، ويا لها من نكبة بحثية وتقنية تحدث عند ذلك. وعندها كذلك ستتوقف ثروة العقول المبدعة الوافدة التي تؤم مصر من كافة أرجاء الوطن العربي حالمة بتحقيق المجد العلمي في بيئة مفتوحة لأهل الإبداع والذكاء، وستخلو المحروسة من "هايفات" و"نانساوات" ونحو ذلك. [email protected]