رمضان شهر الكرم فهو شهر التودد والتعاون بين المسلمين، والموائد الرمضانية باب من أبواب الخير، حيث يوجه معظم الناس المال إلى إطعام الفقراء والتسابق في عمل الخير سواء موائد الرحمن أو الشنط الرمضانية . " يا بخت من فطّر صايم" هي مقولة منتشرة بين شعبنا الطيب وهو الشيء نفسه الذي يحثنا عليه الله عز وجل في قرآنه الكريم، وهو من أعلى درجات الجنة فمن فطّر صائما كان له من الأجر مثل أجر الصائم لا ينقص من أجره شيء. ولعل أول مَن قام بمائدة الرحمن في مصر هو الأمير أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية في السنة الرابعة لولايته، حيث قام بجمع القادة والتجار والأعيان إلى مائدة حافلة أول أيام الشهر الكريم . ومن أبرز كلمات طولون في هذا: إنني لم أجمعكم حول هذه الأسمطة إلا لأعلمكم طريق البر بالناس، وأنا أعلم أنكم لستم في حاجة إلى ما أعده لكم من طعام وشراب، ولكنني وجدتكم قد أغفلتم ما أحببت أن تفهموه من واجب البر عليكم في رمضان، ولذلك فإنني آمركم أن تفتحوا بيوتكم، وتمدوا موائدكم، وتهيئوها بأحسن ما ترغبونه لأنفسكم فيتذوقها الفقير المحروم" فضلاً عن أنه أكد عليهم أن المائدة ستظل طوال الشهر الكريم . كما قيل إن أول مَن أعد موائد الرحمن هو المعز لدين الله الفاطمي، حيث قام بإفطار أهل جامع عمرو بن العاص، وكان يخرج من قصره 1100 قدر من جميع ألوان الطعام لتوزع على الفقراء. وكان الفاطميون يعدون الموائد تحت اسم "دار الفطرة"، وتقام بطول 175 مترًا وبعرض 4 أمتار، ومن أشهر أصحاب الموائد في تلك الفترة كان الأمير ابن الضرات المولود بحي شبرا بالقاهرة، والذي كانت له أراضٍ واسعة تدر عليه مليوني دينار سنويًا، وكان ينفقها في رمضان حيث يعد موائد بطول 500 متر ويجلس على رأسها وأمامه 30 ملعقة من "البلور" يأكل بكل ملعقة مرة واحدة ثم يلقي بها ويستخدم غيرها. أما حاليا فيتبارى الأغنياء في تقديم الموائد الرمضانية واتسعت الدائرة حتى بلغت الفنانات والراقصات وصار الحديث عن أيهم يقدم الموائد أفضل وأيهم يقدم ألوان طعام مختلف وأيهم مستمر في تقديم هذه الموائد الرمضانية كل عام . وأبرز الأسماء التي تكتسح الساحة "فيفي عبدة، دينا، روبي، بوسي... وغيرهن"، فمثلا فيفي عبده اعتادت على إقامة مائدتها بشارع جامعة الدول العربية بالمهندسين، وقد أكد كل من تردد عليها بأنها أضخم مائدة تقدمها فنانة، كما تحرص فيفى على تناول طعام الإفطار مع ضيوفها ثلاث مرات على الأقل خلال الشهر الكريم وتقدم بنفسها الأطعمة والمشروبات وتحرص على استقدام سفرجية وجرسونات من أكبر الفنادق، حيث إن مائدتها تتجاوز مساحتها حاجز ال 200 متر طولا عامرة بما لذ وطاب بأفخم أنواع الأطعمة والمشروبات . أما عن بوسى سمير فهي تقيم مائدة رمضانية بمنطقة "بولاق أبو العلا" وتحرص على خدمة المائدة بنفسها . وكما أن الراقصة لوسي فقد قامت منذ ثمانية أعوام بإقامة أول مائدة رمضانية لها بشارع محمد علي عرفانا له بالجميل! أما عن الراقصة دينا فهي تسير على نفس خطي فيفي عبده لكنها تعد المائدة في أكبر الفنادق كي تحرص على جذب الصائمين، فضلاً عن أنها تصاحب الصائمين مرتين خلال الشهر الكريم . لكن ليس كل من يقدم الموائد الرمضانية من فئة الراقصات فهناك من الفنانات المحجبات من تحرصن على إقامة الموائد ولكن في سرية تامة دون الإعلان عن أعمالهن الخيرية . أما عن آراء الناس في الشارع فرصدت كاميرا "المصريون" آراءهم والتي انقسمت إلى شقين فمنهم من يوافق على الإفطار في موائد الرحمن رغم استطاعته المادية ولكن كنوع من أنواع التغيير ومشاركة من لا يقدرن على الإفطار وكأنها رسالة منهم بأننا سواسية ولا يوجد فرق بين غني وفقير . أما عن النصف الآخر من الآراء فيرفضون رفضًا شديدًا ويعتبرونه نوعًا من أنواع الحرام، حيث إن موائد الرحمن معدة خصيصًا للفقراء ومعنى إفطارهم في تلك الموائد أنهم يأخذون مكان المحتاجين وهو الشيء الذي لا يرضونه بتاتًا . أما عن رأي الوسطية وهو الرأي الأخير فهو لمَ لا نشارك الفقراء تلك الحظات ونقوم بشراء وجبات خاصة بنا ونذهب إلى أي مائدة ونشاركهم وبذلك نكون قد أسعدناهم وأسعدنا أنفسنا.. ورمضان كريم.