وقع ما يقرب من 34 حزبًا سياسيًا، يتقدمها حزب "المصريين الأحرار" الذي أسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس على "مبادرة المشروع الموحد"، التي أوصت بتحصين البرلمان المقبل بهدف تأمينه من الطعن بعدم دستوريته، تمهيدًا لإرسالها للرئيس عبدالفتاح السيسي لإقرارها. واستدعى موقف تلك الأحزاب مقارنة بين مطالبتها بتحصين البرلمان وموقفها الرافض للإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس الأسبق محمد مرسي في نوفمبر 2012 لتحصين الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ومجلس الشورى، إذ اتهمته آن ذاك بالتدخل في شأن القضاء وعدم احترام استقلاليته, الأمر الذي تجاهلته الأحزاب نفسها في الوقت الحالي, بل طالبت بتعديل قانون المحكمة الدستورية، الذي يلزمها الفصل على مدّة زمنية محدّدة، وذلك لجعل الفصل في الطعون بعدم دستورية مواد القانون مفتوحًا وغير محدد. وفي خطوة سريعة استجابة للأمر, خاطبت الحكومة رسميًا قسم "الفتوى والتشريع" في مجلس الدولة لمعرفة مدى جواز وضع نص قانوني يحمي البرلمان من الحل وتأجيل تنفيذ أي حكم محتمل من المحكمة الدستورية، بعدم دستورية قوانين الانتخابات، حتى الانتخابات التالية. ويتوقع أن يفتي "الفتوى والتشريع" بدستورية مقترح الحكومة، استنادًا إلى المادة 195 من الدستور التي تعطي للقانون الحق في تحديد الآثار الناتجة من الحكم بعدم دستورية النصوص التشريعية، على أن يعرض بعد ذلك على مجلس الوزراء، ثم يرفع إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي لإقراره. فيما رأى خبراء أن تحصين البرلمان يعتبر انتهاكًا لعمل القضاء والحجر على إرادة الشعب، حيث يستلزم ضمان شفافية انتخاب برلمان يأتي وفق تطلعاته، متهمين الحكومة والداعمين لهذا المقترح ب "ازدواجية المعايير من أجل تحقيق مصالحها، والتمهيد لدخول آمن لأعضاء الحزب الوطني الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة الحالية". وقالت تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقًا، إن "الحكومة تسعى إلى انتهاك حرية الشعب المصري وسرقة إرادته عبر تبنيها اقتراح لجنة الإصلاح التشريعي وبعض الأحزاب السياسية بوضع نصوص في قانون الانتخابات تحصن البرلمان القادم من أية طعون قانونية، بالإضافة إلى إجراء تعديلات بشكل كامل على قانون الانتخابات، متجاوزة تحديد المحكمة الدستورية لبندين فقط وراء عدم دستورية القانون". وأضافت: "قرارات اللجنة العليا للانتخابات لابد أن تكون قابلة للطعن، بسبب كونها هيئة قضائية، وهي قائمة على حفظ حقوق الشعب وضمان حريته وتحقيق إرادته". واعتبرت الجبالي، تبرير التحصين بأن مصر تمر بمرحلة انتقالية "هو نافذة لعودة أصحاب المصالح والنظام القديم إلى البرلمان، لأن هذا الفعل لن يأتي بنواب يعملون لصالح الشعب المصري". وقال مجدي حمدان، القيادي السابق ب "جبهة الإنقاذ", إن "حكومة إبراهيم محلب وبعض الأحزاب الكرتونية تسعى إلى تحصين البرلمان القادم لتمكين وجودها في السلطة، وذلك من خلال فتح الباب أمام أعضاء الحزب الوطني لدخول البرلمان القادم وتحصينه أمام قرارات الطعون". وحذر من أن "تحصين الانتخابات هو أمر مخالف للدستور الذي نص على إمكانية حله في ثلاثة أمور تتعلق بمطالبة رئيس الجمهورية بالحل في حال عدم التوافق على منصب رئيس الحكومة من قبل النواب لثلاث مرات متتالية أو طلب النواب حل البرلمان أو مخالفة إجراءات الانتخابات لنصوص القانون". وأضاف: "تحصين البرلمان يكون بسبب وجود عوار دستوري يهدد ببطلانه، وهو ما يؤكد نية الحكومة وضع بنود غير دستورية تهدف إلى تحقيق مصالحها الشخصية". وتابع: "الجميع انتقد الرئيس الأسبق محمد مرسي عندما أقدم على هذه الخطوة، فكيف يتم السماح بها في الوقت الحالي؟ لافتًا إلى أن هذا يدل على وجود ازدواجية في التعامل من قبل الحكومة التي تسعى إلى تحقيق مصالحها فقط دون مراعاة لحقوق الشعب، ودون رقابة قضائية قد تؤدى إلى حل المجلس".