لم يمنع تردي البنية التحتية وسوء الظروف المناخية وانعدام الأمن في جنوب السودان التي مزقتها الحرب أن "تمطر السماء طعامًا" عبر إنزال جوي من قبل برنامج الأغذية العالمي لمساعدة آلاف النازحين بالمناطق النائية. ولجأ "برنامج الأغذية العالمي"، التابع للأمم المتحدة، إلى إنزال الإمدادات الغذائية جوا للمحتاجين في المناطق النائية من جنوب السودان التي مزقتها الحرب، وهذا الأسلوب الجديد، بحسب مسؤولين أمميين يضمن وصول المساعدات إلى المحتاجين، ويوفر أيضا ملايين الدولارات. وفي حديث لوكالة الأناضول، قال المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي، جورج فومنين، "عندما نتحدث عن تقديم المساعدات الإنسانية، لا سيما المساعدات الغذائية، فإن جنوب السودان واحدة من أكثر الأماكن تحديا التي يعمل بها برنامج الأغذية العالمي". وأضاف "تعاني البلاد من بنية تحتية متدنية للغاية. فعلى سبيل المثال، ليس هناك طرق، كما أن حوالي 65 إلى 70% من الطرق في البلاد يتعذر الوصول إليها في ذروة موسم هطول الأمطار، ما يصعب للغاية على المنظمات مثل برنامج الأغذية العالمي نقل البضائع الإنسانية مثل الغذاء". وتابع المسؤول الأممي: "أسلوبنا المفضل لنقل السلع الغذائية، هو عن طريق البر، ثم عن طريق النهر. وعندما يصبح من المستحيل القيام بذلك، نحن مضطرون لاستخدام العمليات الجوية، حيث نقدم المساعدات الغذائية عبر النقل الجوي أو الإنزال الجوي". وأشار إلى أن هناك بعض المواقع، التي -خلال فترات هطول محدودة للأمطار- لا تزال لا يمكن الوصول إليها عبر الطرق البرية. وزاد "حتى خلال موسم الجفاف، نضطر إلى اللجوء إلى النقل والإنزال الجوي للمساعدات الغذائية، وهذا أيضا بسبب انعدام الأمن". ومؤخرا تجددت أعمال العنف في ولايات "الوحدة" و"أعالي النيل" (شمال)، التي شهدت مؤخرا انسحاب عدد من وكالات الإغاثة، مخلفة المجتمعات المعوزة بدون المساعدات الإنسانية التي تمس حاجتها إليها. بعد إجراء اختبار لعملية إنزال جوي في مدينة "بور" العاصمة الإقليمية لولاية "جونقلي" (شمال شرق)، في 30 أبريل/ نيسان الماضي، قام برنامج الأغذية العالمي بأول عملية إنزال جوي ناجحة، باستخدام طائرة محملة بالزيت النباتي يوم 8 مايو/ آيار الجاري في مدينة "غانيل" بولاية "الوحدة" (شمال). من جانبه، قال أدهم أفندي، وهو مسؤول لوجستي في برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان، إنه "في مايو (أيار)، تمكنا من إجراء اختبار في غانيل، وحدث الإنزال الجوي بشكل طبيعي، لكن الفرق الوحيد أننا أنزلنا الزيت النباتي لأول مرة بنجاح". وأوضح أن العملية الإنزال تمت من على متن طائرة تحلق ارتفاع 200 متر فوق سطح الأرض، باستخدام مظلات صغيرة تفتح وتنزل الزيت النباتي إلى سطح الأرض ببطء. في بيان صحفي صادر بتاريخ 21 مايو/ آيار، أشار برنامج الأغذية العالمي إلى أن أسلوب الإنزال الجوي الجديد سيخفض تكلفة التسليم عبر النقل الجوي للزيت النباتي بنسبة 50%، وتوفير ما يصل إلى 14 مليون دولار سنويا. وفي 5 مارس/ آذار الماضي، تأجلت المفاوضات بين أطراف الصراع في جنوب السودان، التي ترعاها الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا "إيغاد"، إلى أجل غير مسمى، وحتى اليوم لم يعلن عن موعد الجولة القادمة للمفاوضات. ومنذ منتصف ديسمبر/ كانون أول 2013، تشهد دولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان عبر استفتاء عام 2011، مواجهات دموية بين القوات الحكومية ومسلحين مناوئين لها تابعين ل"ريك مشار" النائب السابق للرئيس سلفا كير ميارديت، بعد أن اتهم الرئيس مشار بمحاولة تنفيذ انقلاب عسكري، وهو ما ينفيه الأخير. وقد أسفر الصراع الذي أعقب الأزمة عن مقتل عشرات الآلاف، ونزوح مليوني شخص سواء في الداخل أو الدول المجاورة، فيما يواجه 2.5 مليون آخرين خطر المجاعة في عام 2015، وفقا لبيانات الأممالمتحدة.