"قبائل سيناء تحارب الإرهاب" انتشرت هذه الجملة بكافة وسائل الإعلام على كوكب الأرض بلا مبالغة، وربما تنافس الأخبار المنشورة مؤخرًا عن مؤخرة الممثلة الأمريكية كيم كارداشيان.. بهذه الكلمات الساخرة، بدأ أحد عواقل قبيلة الترابين التي تترأس إعلاميًا ما أسموه "التحالف مع الجيش المصري ضد الإرهاب"، حديثه عندما سأل عن آخر تطورات الحرب على الإرهاب. ونقلت مجلة "المونتيور" الأمريكية عن الترباني الذي فضل أن يذكره بهذا الاسم رافضًا الكشف عن هويته، قوله: "الإعلام صور للعالم أن هناك حربًا ضروسًا بين القبائل والإرهاب، وهذا مبالغ فيه فتلك الوسائل الإعلامية تسارع في النقل دون استقاء الحقيقة من سيناء التي تعاني تضييقًا أمنيًا فائق التخيلات سواء من قوات الجيش أو من تنظيم بيت المقدس الإرهابي، فالثنائي المتعارك لا يريد أن تخرج معلومات مناقضه لما يقوله كل منهما لمريديهم". وقالت إن "القصة بدأت عندما نشر بيان منسوب لقبيلة الترابين فجر السبت 18أبريل 2015، ينادي بتوحيد صفوف قبائل سيناء لمواجهة تنظيم بيت المقدس، وذيل البيان بمجموعة من الأسماء التي تتزعم هذه المبادرة، وكان رد بيت المقدس بنشر بيان تهديد ووعيد مساء السبت 25 أبريل 2015، لكل من يتعاون مع الجيش ضدهم سواء بالكلمة أو بالسلاح أو بكل سبل الدعم حتى وأن كان معنويا، مع فقرة تتضمن طلب جذ رؤوس الأسماء التي وقعت على البيان المنشور باسم قبيلة الترابين". وأضافت "أن الأحداث تطورت في نفس يوم نشر بيت المقدس بيانها في نطاق قبيلة الترابين بمنطقة البرث جنوب رفح، عندما رفض أحد المواطنين من أبناء القبيلة يدعى الأسطل استلام بيان التهديد، وقال لهم اخرجوا من أرض الترابين وقام بتعفير الرمال بسيارته على المسلحين المخولين بتوزيع البيان". وذكرت الجملة أنه في صباح اليوم التالي الأحد 26 أبريل 2015، ووسط سوق شعبي تابع للترابين قامت مجموعة مسلحة من تنظيم بيت المقدس باغتيال الأسطل الذي حاول اعتراض طريقهم عند نشر البيان، وفي مساء نفس اليوم نسف منزل أحد الموقعين ويدعى إبراهيم العرجاني والمكون من أربع طوابق بقرية أبو طويلة بالشيخ زويد". وأردفت "أحد شيوخ قبيلة الترابين يدعى جميعان أبو ماسوح، نفى توقيعه ونشر بيان ذيل باسمه يوم 18 أبريل 2015، جاء فيه :"بالنسبة إلى البيان الصادر باسم قبيلة الترابين (بيان محاربة بيت المقدس)، فهذا البيان غير صحيح وكتب عليه الأسماء دون معرفتي، وقبيلة الترابين جزء من شعب مصر وسيناء ستبقى أرض مرتبطة بالوطن الأم مهما يحدث من أحداث ومن يتوقع غير ذلك فهو مخطئ، والأمور التي تحدث في سيناء تحدث بجميع محافظات مصر والدولة مسئولة عن حفظ الأمن والنظام وعليه تلتزم القبيلة بالقانون والدستور الذي يحفظ الأمن والنظام ولن نكون جزء من الفوضى". واستطردت "بعض الصحف المصرية نشرت على مدار الأيام الماضية اندلاع اشتباكات عنيفة بين الترابين وبيت المقدس وصلت إلى هزيمة الإرهاب وانسحابهم، لكن تبين من خلال زيارة ميدانية لما يسمى إعلاميًا بمربع الحرب بمدينتي الشيخ زويد ورفح وقراهم، أن ما يشاع عن حرب القبائل وبيت المقدس غير موجود واقعيًا، بإجماع الأهالي الذين التقينا بهم ويرفضون التحدث للإعلام خوفًا من بطش الجيش والإرهاب". ولفتت المجلة إلى أن "كل من تم اللقاء بهم سواء من قبيلة الترابين أو أبناء منطقة النزاع، نفوا وجود مواجهات مسلحة بين القبائل وبيت المقدس، لذا هناك سؤال: من الذي يصدر البيانات والنتائج الغير دقيقة لوسائل الإعلام وما هو الهدف والنتائج المترتبة على الإثارة الإعلامية للحرب القبلية مع الإرهاب في سيناء؟". وفي هذا الإطار، قال أحد الباحثين في شؤون سيناء والجماعات المسلحة، رفض نشر اسمه: "حتى هذه اللحظة يمكن أن نقول أن هناك حرب بيانات وتلاسنًا إعلاميًا بين بعض أبناء الترابين وبيت المقدس ولم تصل للمواجهات المسلحة". وأضاف "لدينا عدة قراءات واقعية أولاً، يتصدر المشهد أحد أبناء قبيلة الترابين وهو ذو نفوذ اقتصادي وأمني ويعيش في القاهرة، وعلى علاقة وطيدة بالمخابرات الحربية والرئيس عبد الفتاح السيسي ورجال الأعمال التابعين للنظام الحاكم، ثانيًا: بعض الأسماء الموقعة على البيان لها سجل لايستهان به في خوض الصراع المسلح، لكن المفارقة أن هذا السجل كان ضد الدولة متمثلاً في مقاومة الشرطة في سنوات ما قبل ثورة 25 يناير 2011". وتابع الباحث: "إذًا لدينا شخص يقود المشهد ذو علاقة قوية مع النظام العسكري الحاكم، ويستعين بأشخاص يعرف عنهم في سيناء القوة والحزم في المواجهات المسلحة والهاربين من الأحكام الغيابية، ويعرفون بين الأهالي في سيناء باسم "المجنيين، وبرأيي الشخصي من خلال قراءاتي لهذه المعطيات يمكن أن نقول بأن هناك اتفاقًا ضمنيًا غير معلن بين النظام العسكري وأصحاب الأحكام "المجنيين"، برفع هذه الأحكام مقابل مواجهتهم لبيت المقدس بجانب قوات الجيش، والوسيط هو رجل الأعمال ابن قبيلة الترابين، الذي يقود المشهد من القاهرة". وعن قدرة الترابين على هزيمة الإرهاب؟ قال الباحث: "هي أشرس القبائل المقاتلة ولها تاريخ في الحروب، كما أنها الأكبر والأكثر انتشارًا في سيناء لكن لا يمكن أن نقول بأن هناك حربًا بين القبيلة وبيت المقدس، بل هناك أشخاص من القبيلة كما اتفقنا لكن في حال توحد الجميع، يمكن بالفعل حسم المعركة واقتلاع الإرهاب وربما بسهولة". وأرف الباحث: "توحد الجميع وأقصد القبائل، أصعب من الإرهاب نفسه فالقبائل المطلوبة بشكل رئيسي لهذه المواجهة هي السواركة والارميلات والترابين، وهذه التي يتواجد في نطاقها الإرهابيون ولا يمكن لقبيلة بذاتها أن تواجه وحدها دون اتحاد قوي فيما بينهم لإدارة السيطرة وعندها من السهل للغاية إجهاض الإرهاب، لكن كيف يمكن توحد هذه القبائل المفتتة بفعل ممارسات الدولة، الإجابة على هذا السؤال تحتاج إرادة دولة حقيقية للإصلاح واحتضان أبناء سيناء ولا أرى ذلك موجود نهائيًا، بل تصنع الدولة مزيداً من الإرهاب في حربها على الإرهاب". وعن مستقبل الصراع القبلي مع الإرهاب والسيناريوهات المحتملة، قال الباحث: "فكرة توحد القبائل في الوقت الحالي ضعيفة للغاية نتيجة أسباب عنصرية بحتة، فمن غير الممكن لقبيلة السواركة على سبيل المثال أن تخضع لتعاليم شخص من قبيلة الترابين يترأس الصراع الإعلامي ضد الإرهاب، الأمر الثاني أن بيت المقدس سيعمل الفترة القادمة على سلسلة من الاغتيالات لأصحاب دعوات المواجهة، بهدف إرهاب المواطنين وتفريقهم خوفاً من العدو الملثم الذي يذبحهم على الطرقات، كما حدث مسبقاً واغتيل العديد من شيوخ قبيلة السواركة والقبائل الأخرى الذين دعوا لمجابهة بيت المقدس، ونتج عنها ابتعاد الأهالي عن المواجهات أو على أقل تقدير الخوف من إعلان رفضهم للإرهاب علانية". http://www.al-monitor.com/pulse/en/originals/2015/05/egypt-siani-tribes-war-terrorism-army.html#