بغداد وعبر قصص ألف ليلة وليلة وحكاية علي بابا والأربعين حرامي تجسدت على واقع الأرض في بغداد اليوم, فما أن استولى الأمريكان على مغارات وكنوز الذهب والمال حتى تبخَّر المال العراقي وتحوَّل إلى أرصدة غربيَّة وما عاد المواطن العراقي حتى يفكر بأن ينعم بخيرات بلده؛ فالأموال والخيرات العراقيَّة يسيل لها لعاب المحتل وأذنابه, ورغم مرور ثمان سنوات على احتلال العراق لم يذق العراقي أي شيء يذكر من الوعود والأحلام الأمريكيَّة والعيش الرغيد، وصار يحنُّ ويئنُّ إلى أيام الحصار في سنوات خلت؛ لأنه رغم الحصار الاقتصادي على العراق إلا أنه كان يعيش حالا أفضل من حاله اليوم. السؤال هو رغم وجود ما يُسمَّى بالحكومة العراقيَّة لماذا لا تطالب هذه الحكومة بشكلٍ جاد وفعال بالأموال العراقيَّة المسروقة؟ ومسؤوليَّة من ضياع هذه الأموال وإن كنا نعتقد جازمين بأنها مسئوليَّة الحكومة الأمريكيَّة وفقًا للقانون الدولي؛ لأنها هي من احتلت العراق, ولماذا لا يسعى المتواجدون في السلطة إلى البحث الحقيقي عن تلك الأموال؟؟ تساؤلات كثيرة ولكن الإجابة واضحة؛ لأن من يحكم عراق اليوم يروق له أن تبقى تلك السرقات طيَّ الكتمان والتحفظ لأن أمريكا تسرق الكثير وترمي بفتات الخير العراقي على هؤلاء الأتباع. ونسمع بين الحين والآخر عن تشكيل لجان عراقيَّة لمتابعة الأموال العراقيَّة المسروقة، ولعلَّ أغرب لجنة وأكثرها مجلبةً للضحك هي تلك اللجنة التي شكَّلها البرلمان العراقي بعضويَّة مجموعة من أعضائه ورئاسة زعيم المؤتمر الوطني النائب أحمد الجلبي في متابعة اختفاء 17 مليارًا من أموال صندوق تنمية العراق, ولا يخفى على العراقيين والعرب خاصة في الأردن فهو من سرق بنك البتراء ومجموعة كبيرة من الأموال العراقيَّة، وهرب بها إلى الولاياتالمتحدة الأمريكيَّة في ثمانينات القرن الماضي، وهو مطلوب دوليًّا عبر الإنتربول، والغريب أنه لم يتمّ تسليمه إلى يومنا هذا, ولعلَّ السبب في ذلك واضح ولا يحتاج إلى تبيان؛ فهو ذراع من أذرع سرقة المال العراقي وتهريبه إلى الخارج وبمساعدة حكومة الاحتلال الأمريكي. ولعلَّ من باب التمويه للشعب العراقي تدعو جهاتٌ حكوميَّة إلى الكشف عن مصير الأموال العراقيَّة, فقد اتهمت لجنة النزاهة في مجلس النواب الولاياتِالمتحدةَ بإهدار الأموال العراقيَّة من خلال تصرفها ب 17 مليار دولار دون وجه قانوني، وقالت عضو اللجنة عالية نصيف "أن لجنة النزاهة البرلمانيَّة تعاين التوصيات التي سيخرج بها تقرير اللجنة البرلمانيَّة المؤقَّتة المكلَّفة بمتابعة ملف أموال صندوق تنمية العراق". وأضافت نصيف وهي المتحدثة باسم الكتلة العراقيَّة البيضاء: "حينما زار رئيس البرلمان أسامة النجيفي الولاياتالمتحدة ناقش هذه المسألة مع المسئولين الأمريكيين"، ناقلة عن الجانب الأمريكي قوله: لقد قدمنا وصولات تبيِّن أن حكومة بول بريمر قد أعادت نصف المبلغ، والتي تصل إلى 6.6 مليارات دولار، وصرفت النصف الآخر على عمليَّة إعادة تنمية محافظات العراق"إلا أن نصيف اعترضت على هذا الكلام وقالت: إن الوصولات التي قدَّمتها واشنطن بسيطة، لا تتناسب مع حجم المبالغ، كما أن الطرق التي صرفت من خلالها النصف الآخر من المبلغ غير قانونيَّة" و لم تستبعد نصيف تورط شخصيَّات عراقيَّة في هذا الملف، متابعة: "كون جزء من أموال الصندوق تم صرفها بحجة إعادة تنمية المحافظات، من الممكن تورط شخصيات عراقيَّة في هذا الملف"، وبينت نصيف أنه "توقف العمل بصندوق تنمية العراق منذ العام 2005، إلا أن الحكومة العراقيَّة لم تستطع اتخاذ موقف بشأن الأموال التي اختفت من هذا الصندوق، مرجعة الأمر إلى "تباين موقف الحكومة من الطرف الأمريكي وقواته، والتي اعتبرت تارة كقوات فاتحة وتارة أخرى كقوات محتلة، ما سبَّب ضعفًا حكوميًّا في طرح القضايا التي يعد الأمريكان طرفًا فيها". وكان مسئولون أمريكيون قد أقرُّوا في يونيو الماضي اختفاء 6.6 مليارات دولار من صندوق إعادة أعمار العراق، لكن العراقيين يقولون: إن نحو 17 مليار دولار فقدت وسرقت من قِبل مؤسَّسات أمريكيَّة. وكانت لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي قد وجَّهت رسالة إلى مكتب الأممالمتحدة في العراق في 11 مايو الماضي، قالت فيه: إن "مؤسَّسات الولاياتالمتحدة التي تعمل في العراق ارتكبت فسادًا ماليًّا يقدر بنحو 17 مليار دولار أمريكي كانت مخصصةً لتنمية العراق". تأتي هذه الاتهامات بعد أن أعلن نائب رئيس الوزراء العراقي للشئون الاقتصاديَّة أن الحكومة العراقيَّة صادقت على تشكيل لجنة خاصَّة لمتابعة اختفاء 17 مليار دولار من أموال صندوق إعادة إعمار العراق الذي كانت تشرف عليه سلطة الائتلاف المؤقتة برئاسة بول بريمر، بحسب بيان لمكتب شاويش, وجاء في بيان مكتب شاويش أن اللجنة الخاصة بوضع آليَّة ضمان حماية أموال العراق درست موضوع اختفاء مبلغ 17 مليار دولار أمريكي من الأموال العراقيَّة"، مشيراً إلى أن "اللجنة استضافت في اجتماعها نائبة المفتش العام الأمريكي لشئون إعادة إعمار العراق جينجر كروز". وأضاف البيان أن "الاجتماع الذي حضره وزراء الخارجيَّة والماليَّة والعدل ورئيس ديوان الرقابة الماليَّة ومحافظ البنك المركزي والمستشار القانوني لرئيس الوزراء العراقي قرَّر تشكيل لجنة خاصَّة من ممثلين عن وزارة الماليَّة وديوان الرقابة الماليَّة والبنك المركزي لمتابعة موضع اختفاء الأموال العراقيَّة وتقديم تقرير دوري شهري إلى لجنة حماية أموال العراق حول الموضوع". وكشف رئيس ديوان الرقابة الماليَّة عبد الباسط تركي خلال استضافته في جلسة البرلمان التي عقدت في ال 18 من إبريل الماضي، عن هدر أكثر من 17 مليار دولار من أموال العراق خلال إدارة الحاكم المدني الأمريكي السابق بول بريمر. وتمَّ إنشاء صندوق تنمية العراق DFI في آيار من العام 2003، من قبل مُدير سلطة الائتلاف المؤقتة، وتمَّ الاعتراف به، بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1483 وبعد حلّ سلطة الائتلاف المؤقتة في يونيو من العام 2004، تمَّ تفويض الحكومة الأمريكيَّة من قبل حكومة العراق لإدارة أموال صندوق تنمية العراق، التي أُتيحت لمشاريع إعادة الأعمار، و قامت وزارة الدفاع الأمريكيَّة، بإدارة أموال الصندوق المذكور نيابة عن الحكومة الأمريكيَّة، وقد تمَّ سحب التفويض اعتباراً من 31 ديسمبر 2007، وسبق أن دعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء الوزارات والمؤسَّسات الرسميَّة كافة إلى تزويدها بجميع المعلومات المتوفرة لديها بشأن أية تجاوزات حصلت خلال فترة حكم الحاكم المدني للعراق بول بريمر، تتعلق بالأموال المودعة في صندوق تنمية العراق التي تمَّ إنفاقها لتنفيذ مشاريع وهمية أو مغايرة للمواصفات المعلنة، مبينةً أن هذا الطلب يأتي تمهيدًا لإقامة الدعوى على الجهات والشركات التي تسبَّبت في هدر أموال البلاد. إن الشعب العراقي يدرك حقيقة المراوغة وعدم ملاحقة سراق العراق لأن هناك تعاونًا بين من سرق العراق بشكلٍ تام وبين مساعديهم سراق بقية الخير العراقي من أشخاص الشطرنج بحكومة عراق اليوم. المصدر: الإسلام اليوم