تترافق التحركات الدبلوماسية الأوروبية في مسعى لاستصدار قرار أممي يتيح إستخدام القوة ضد مهربي البشر في حوض المتوسط، بمزيد من التجاذبات الدولية التي تعقد طريق التوصل إلى هذا الهدف. وكانت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، قد تحدثت أمس أمام مجلس الأمن الدولي عن ضرورة دعم عمل عسكري أوروبي، لتدمير نمط ونظام عمل المتاجرين بالبشر، "هناك توافق واسع النطاق"، وفق كلامها. وقد عملت موغيريني على استخدام تعابير أكثر شمولية من تلك التي تم استخدامها على المستوى الأوروبي، خلال القمة الاستثنائية التي عقدت الشهر الماضي، والتي تحدثت بشكل صريح عن نية أوروبا تدمير قوارب المهاجرين. ويرد إنتقاء المسؤولة الأوروبية لمصطلحاتها إلى رغبتها في التخفيف من إمكانية الإصطدام باعتراضات من قبل روسيا خاصة، التي لا تزال نادمة على عدم تصديها للقرار الأممي الذي أتاح التدخل ضد نظام معمر القذافي عام2011. وتسعى أوروبا لاستصدار قرار أممي تحت الفصل السابع يتيح اللجوء إلى القوة العسكرية في حال وجود تهديد للأمن والسلام ويمكن تطبيقه داخل المياه الإقليمية لدولة ما وعلى أراضيها أيضاً، وهنا الحديث عن ليبيا باعتبارها مركز تحرك للمهربين والممر الرئيسي للمهاجرين غير الشرعيين. وفي هذا الإطار، أوضحت مصادر دبلوماسية أوروبية أن الاتحاد يسعى للقيام بعملية عسكرية بحرية حصراً تتم بموجب قرار دولي، "ليست لدينا أي نية لارسال عسكريين على الأراضي الليبية، الأمر سيتم في البحر فقط"، وفق كلامها. وأقرت المصادر نفسها بأن العملية التي يسعى الأوروبيون لإطلاقها تنطوي على مخاطر كثيرة وتتصف بالصعوبة والتعقيد، كما أن الطريق الدولي نحوها ليس سالكاً تماماً. وتبدو الأوساط الأوروبية متشائمة بعض الشيء بشأن إمكانية أن يصدر القرار الأممي خلال أيام، بالرغم مما تم الحديث عنه من نظره إيجابية لروسيا والصين تجاهه. هذا وتميل المصادر الأوروبية إلى التقليل من شأن تصريحات السفير الليبي لدى الأممالمتحدة ومفادها عدم قيام أوروبا باستشارة بلاده في الأمر، "أثارت موغيريني الأمر مع كافة الأطراف الليبية التي التقتها في تونس قبل أيام"، وفق كلامها، ما يطرح تساؤلات حول حقيقة ما حدث بالفعل. وتدرك أوروبا أن الرأي الليبي لا يزن كثيراً في حال صدور القرار الدولي تحت الفصل السابع، ولكنها تفضل أن تتفق الأطراف الليبية على تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون المحاور الأوحد للأوروبيين ولباقي الشركاء الدوليين. وقد أقرت المصادر الأوروبية أن أفق تشكيل الحكومة الليبية ليس واضحاً تماماً. وبانتظار القرار الدولي، تتابع دوائر صنع القرار في بروكسل عملها من أجل إنشاء هياكل البعثة القادمة وإقرار إمكانياتها وتحديد مقر قيادتها. وترغب بروكسل بتأمين مشاركة واسعة من قبل الدول الأعضاء في هذه العملية، التي سيجري النقاش بشأنها الإثنين القادم خلال إجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ومن المفترض أن يتم التوصل إلى قرار سياسي بإنشاء البعثة والشروع بتحضير مخططها العملي، وذلك بالتزامن مع الخطوات التي قد ينجزها مجلس الأمن الدولي خلال الأيام المقبلة على طريق استصدار القرار. ولم يفت المسؤولين الأوروبيين التأكيد على أن هدفهم الرئيسي هو إنقاذ حياة الناس ومنع المهربين من الاثراء على حساب المهاجرين الذي يفرون من العنف والصراعات نحو أوروبا. وعلى خط مواز، تستعد المفوضية الأوروبية للاعلان عن أجندة جديدة حول الهجرة واللجوء، يوم غد الأربعاء، وهو موضوع يثير أيضاً الكثير من الجدل في الأروقة الأوروبية