امتدّت الاحتجاجات المناهضة لترشح الرئيس البوروندي المنتهية ولايته، بيير نكورونزيزا، لولاية رئاسية ثالثة، والتي هزت، منذ اندلاعها، العاصمة بوجمبورا، لتصل، في وقت مبكر من اليوم الاثنين، إلى بعض القرى الداخلية للبلاد، وفقا لشهود عيان. وقال شهود عيان، في تصريحات متفرقة للأناضول، إن المئات من المتظاهرين شوهدوا في مناطق ماتانا (محافظة بوروري على بعد 80 كم جنوب بوجمبورا)، وروساكا (محافظة موارو على بعد 70 كم وسط البلاد)، وموغونغو- مانغا، وموكيكي على بعد 40 كم من بوجمبورا. وفي بلدية بوجمبورا، تجددت، فجر اليوم، الاحتجاجات، عقب يومين من الهدنة، حيث ردّد المتظاهرون شعارات "لا لولاية ثالثة"، و"لقد تعبنا"، و"نريد انتخابات ديمقراطية"، و"لنحترم اتفاق أروشا".
ويعتبر اتفاق أروشا في بوروندي معيارا "فوق دستوري" يحرص على ضمان المصالحة الوطنية، وينصّ على أنّه "لا أحد بإمكانه أن يمارس الحكم لأكثر من فترتين رئاسيتين".
ولأول مرة منذ اندلاع الاحتجاجات، استطاع العشرات من المتظاهرين، اليوم، الوصول إلى شارع النصر في قلب مدينة بوجمبورا، قبل أن تفرّقهم قوات الأمن باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، وفقا لمراسل الأناضول.
وفي العديد من المناطق التابعة لمدينة بوجمبورا، مثل بويزا وبوينزي وموساغا، اضطرت قوات الأمن لإطلاق النار في الهواء لتفريق المحتجّين، وهو ما تسبب في إصابة اثنين من الشباب الغاضب بجروح، بحسب شهود عيان.
ووفقا لبيان بيير كلافر مبونيمبا، الناشط البارز في المجتمع المدني البوروندي، والذي تداولته اليوم وسائل الإعلام المحلية، فقد قتل 9 أشخاص، وجرح 60 آخرون، واعتقل 600، خلال 6 أيام من الإحتجاجات.
وتعيش بوروندي، منذ 26 أبريل/ نيسان الماضي، تاريخ الإعلان الرسمي عن ترشح الرئيس البوروندي لولاية رئاسية ثالثة، على وقع احتجاجات عارمة، تنديدا بولاية تصفها المعارضة ب "غير دستورية".
ويفصل بوروندي، شهران عن تنظيم انتخاباتها الرئاسية المقررة في 26 يونيو/ حزيران المقبل، وهي فترة انتظار ستبدو طويلة على الرئيس نكورونزيزا الذي يحكم البلاد منذ 10 سنوات، والذي يتهدده غضب شعبي بعد أن توعد أطياف كبيرة من المجتمع المدني بالنزول إلى الشارع.
وتأتي مجمل التطورات في سياق بالغ الحساسية يتّسم بتصعيد عرقي محتمل في بلد تهيمن على تركيبته السكانية عرقيتي التوتسي والهوتو، وخرج لتوّه من أتون حرب أهلية امتدّت على 12 عاما (1993- 2005).
وطلب مجلس الشيوخ البوروندي (الغرفة الثانية بالبرلمان)، يوم 28 أبريل/نيسان الماضي، من المحكمة الدستورية، البتّ في دستورية ترشح نكورونزيزا لولاية رئاسية ثالثة، والتي تطرح جدلا قانونيا.
ومن المنتظر أن تبتّ المحكمة الدستورية البوروندية خلال 30 يوما (اعتبارا من يوم 28 أبريل/نيسان الماضي) في دستورية ترشح نكورونزيزا لانتخابات يونيو/حزيران المقبل، وهو الذي تولى الحكم في بلاده منذ 2005، ما يعني أنّ ولايته القادمة ستكون الثالثة، وهو ما يحظره الدستور البوروندي، الذي يحدّ الولايات الرئاسية باثنتين.
ومع ذلك، فإنّ نظام نكورونزيزا يحبّذ الاستناد إلى جزئية بالدستور البوروندي، والذي حدّد الولايات الرئاسية بإثنتين فقط، إلاّ أنّه ربطهما بالاقتراع العام المباشر، وهذا ما يخدم مصلحة الرئيس البوروندي المغادر، حيث أنه تولّى الحكم بشكل استثنائي وعلى أساس اتفاق أروشا، بالاقتراع الحر غير المباشر، قبل أن يعاد انتخابه لولاية رئاسية ثانية بالاقتراع العام المباشر في 2010، ما يعني أنّ ترشحه للانتخابات المقبلة سيحسب له ك"ولايةً دستورية ثانية"، بحسب أنصاره وليس ثالثة كما تقول المعارضة.