وزير الطيران يعلن جاهزية مطاري «برج العرب» و«العلمين الدولي» للتشغيل نوفمبر المقبل    الذهب يلامس قمة جديدة.. والفضة عند أعلى مستوى في 12 عاماً    عبدالرحيم علي: العقل العربي يحتاج إلى إعادة ترتيب في ظل الصراع الحالي    قبل مواجهة الأهلي.. العين يخسر أمام الهلال في مهرجان أهداف بالإمارات    أحمد موسى: الكيان الصهيوني ركع أمام البحرية المصرية منذ 57 عامًا    وزير الطيران: مطارا «برج العرب» و«العلمين الدولي» جاهزان للتشغيل من مطلع نوفمبر المقبل    عبدالرحيم علي: الخطط الإيرانية تستهدف إشاعة الفوضى في المنطقة بالعقد الحالي    «عاوزني أطلق عشان يتجوزني».. وعضو «العالمي للفتوى»: المفتاح معاكِ (فيديو)    محافظ الغربية ومدير الأمن يتابعان السيطرة على حريق مصنع بكفر الشوربجي.. صور    تقديم خدمات طبية وبيطرية خلال قافلتين سكانيتين بالبحيرة    الموافقة على تقنين أوضاع 293 كنيسة ومبنى تابعا    وكيل النواب يعلن تلقي إخطارات من الأحزاب باختيار ممثلي الهيئات البرلمانية بالمجلس    إبراهيم دياز يشارك فى مران ريال مدريد الأخير قبل قمة بوروسيا دورتموند    دوي انفجار في تل أبيب الكبرى بدون صافرات إنذار    لابيد لسفير الاتحاد الأوروبي: حظر الأسلحة على إسرائيل "لا يغتفر"    "قوى النواب": قانون العمل يهم الملايين ونحرص على توافقه مع المعايير الدولية    الشباب والرياضة تفتتح عددا من المعسكرات المجمعة بشمال سيناء    توزيع المخدرات باستخدام الواتساب.. التحقيق مع عنصرين إجراميين بالقاهرة    مصرع مزارع وإصابة 3 آخرين في مشاجرة بقنا    مفتى الجمهورية يستقبل مدير مركز التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا    لطيفة وجنات وريهام عبد الحكيم فى الليلة العمانية على المسرح الكبير.. اليوم    فيلم "كوكتيل" يعيد محمد رجب للسينما بعد غياب 6 سنوات    بينها السرطان.. أبراج على موعد مع جلب الأموال.. فيديو    ضمن أنشطة "بداية".. الثقافة تنظم قافلة لاكتشاف مواهب المدارس بالمنيا    حلقات مصورة عن ما حققه على مدار سنوات.. فاروق حسني حامي الثقافة والتراث |تقرير    ندوة بعنوان "أسرة مستقرة تساوى مجتمع أمن" بجامعة عين شمس.. الأربعاء المقبل    رد مفحم من الشيخ رمضان عبد المعز على منكري وجود الله.. فيديو    دعاء الأرق الصحيح .. روشتة شرعية تجعلك تنعم بهدوء وسكينة    خالد عبدالغفار: الاعتماد على البيانات الفورية لضمان مرونة الاستراتيجية الوطنية للصحة    مشاركة صحة البحيرة في المؤتمر الدولي الثاني للصحة والسكان والتنمية البشرية    ماذا يحدث لجسمك عند الإفراط في تناول المكملات الغذائية؟    مصر تحصل على شهادة بخلوها من الملاريا.. وإعلامية شهيرة تُعلق: نجاح تاريخي    قرار عاجل من محافظ الغربية بشأن حريق مصنع بلاستيك (تفاصيل)    السلوفيني فينسيتش حكما لمباراة برشلونة وبايرن ميونخ بدوري الأبطال    ما حكم تعديل قبلة المسجد حسبما حدد مهندس الأوقاف؟    استشارية صحة: النسخة الثانية من مؤتمر للسكان تمثل الإطلاق الحقيقي ل"بداية"    فصائل فلسطينية تعلن مقتل محتجزة إسرائيلية في شمال قطاع غزة    شريف الصياد رئيساً ل«التصديري للصناعات الهندسية»    ظاهرة سماوية بديعة.. زخات شهب "الأوريونيد" الليلة    ضمن «بداية».. تنظيم بطولة كاراتيه للمرحلتين الإعدادية والثانوية بالمنوفية    الجامع الأزهر يستقبل رئيس دائرة الثقافة بأبو ظبي    منها «قاسم والمكنسة».. أشهر نوات تضرب الإسكندرية فى 2024    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم أتوبيس وسيارة على كورنيش الإسكندرية    مصطفى شلبي وعماد دونجا أمام نيابة أبو ظبي بتهمة الاعتداء على فرد أمن    كواليس اجتماع الكابينت عن ضرب إيران والأونروا واغتيال السنوار    هيئة الاستثمار تبحث مع وفد اقتصادي من هونج كونج فرص الاستثمار بمصر    سيطرة مصرية على المشاركة في تحدي القراءة العربي.. وجوائز العام 11 مليون درهم    الحكومة تكشف حقيقة خفض "كوتة" استيراد السيارات بنسبة 20%    12 نافلة في اليوم والليلة ترزقك محبة الله .. 4 حان وقتها الآن    الصحة: 50% من الأفراد يستفيدون من المحتوى الصحي عبر الدراما    وزيرة التضامن الاجتماعي تبحث مع سفير قطر بالقاهرة تعزيز سبل التعاون    أهلي جدة في مهمة صعبة أمام الريان بدوري أبطال آسيا    ناقد رياضي: على «كهربا» البحث عن ناد آخر غير الأهلي    إيهاب الخطيب: الأسهل للأهلي مواجهة الزمالك في نهائي السوبر المصري    مدبولى خلال جولته بمدارس كرداسة : نتأكد من تطبيق الإجراءات على أرض الواقع لتحسين مستوى العملية التعليمية بمختلف مراحلها    أزمة نفسية.. تفاصيل إنهاء عامل حياته شنقا من مسكنه في المنيرة الغربية    المرور تحرر 29 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    تعليق مثير للجدل من نجم الأهلي السابق بعد تأهل الأحمر لنهائي كأس السوبر المصري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نافذة الأسرار والأنوار (2|5)
نشر في المصريون يوم 27 - 10 - 2011


الضبط الإرادى والضبط القهرى
يتفق الباحثون جميعا على أن فروقا ملحوظة بين السلوك الإنساني حين يكون نابعا من عادة أو عرف تعارف عليه المجتمع، وبين نفس السلوك حين يكون الباعث عليه والدافع إليه دين وعقيدة، ترتب على فعل هذا السلوك مسؤولية وجزاء، ثوابا وعقابا،وهذه الفروق تظهر واضحة في التطبيق والممارسات كمًا ونوعًا.
• ومن المعروف علميًّا أن أنواع الضبط للسلوك الإنساني تنقسم إلى قسمين هما الضبط القهري والضبط الإرادي،
• الضبط القهرى ويكون بقوة الدولة وسلطان النظام العام وسيف القانون ، ووسائل هذا الضبط وآلياته تتناول الظاهر من السلوك ولا تتخلل إلى باطن الإنسان ونواياه ، فمجال عملها هو السطح الظاهرى دون أن يكون لها تأثير أو إصلاح في البواطن ، ولذلك يمكن للإنسان أن ينضبط بشكله الظاهرى مع حرفية القانون وأن يتوافق مع قواعده فيكون بعيدا عن المساءلة وفي مأمن من المؤاخذة والعقاب، ثم يلتف من ناحية أخرى فيتلوى في باطنه ويتحايل علي القانون بالحيل الخادعة ويفعل ما يريد دون أن تتمكن بنود القانون أو سلطان العدالة من حسابه وحصار شره ،
• وهكذا يتعامل القانون عن طريق الضبط القهرى مع ظواهر السلوك دون أن يتسلل إلى إصلاح عناصر الفساد في داخل النفس فتبدو صالحة في ظواهرها بينما يبقي الضبط القهرى على عناصرالفساد بداخلها .
• غياب مبدأ الحساب ثوابا وعقابا يسبب الكثير من الفساد ويغري الإنسان باقتحام المناطق المحظورة والسطوعلى ما ليس من حقه مادامت يد العدالة قاصرة عن النيل منه ، وما دام شكله الظاهرى متوافق مع قواعد القانون ومبادئه.
• الضبط القهرى هنا يقوم فقط بدور الحماية الظاهرية ويترك النفوس مملوءة بخبث الطوية تطفح بين الحين والحين وكلما سنحت الفرصة بشر مستطير يفسد البلاد والعباد لأن الفاعلين "كانوا لا يرجون حسابا."
• فبالحيل الخادعة أكلوا أموال الناس ، وبالحيل الخادعة سطوا على مال الدولة، وبالقدرة على إخفاء الحقائق سجنوا الأبرياء وقتلوا منهم الكثير دون أن يحاسبوا ،وبنفوذ السلطة والمال أفسدوا الحياة السياسية ،وبالاستبداد والقهر حكموا وطنا بكامله وبالقوة سجنوا شعبا وأهانوا مجتمعا وأمة ،وحتى بعد القبض عليهم جال محامو الدفاع في ساحات القضاء وصالوا وطالب بعضهم في سبيل تمييع القضايا والبحث للمجرم عن مخرج باستدعاء أربعة آلاف شاهد لاستجوابهم وبفحص ملايين الأوراق.
• وهكذا يسكن شيطان القانون في تفاصيل القضايا ليمحو معالم الجريمة ويخرج الجانى منها كما تخرج الشعرة من العجين سوداء صافية لا يشوبها شائبة الصوصية ولا تلتصق بأصحابها تهمة إرهاب الدولة ولا إجرام المستبد الطاغية، بل ربما يعود من جديد ليرفع قضايا على أهل الضحايا ويطالبهم بالتعويض لتشويه سمعته النقية.
• الضبط القهرى هنا افتقد عنصر الأخلاق التى لا تنبع إلا من قيم ثابتة لا تحمل صفة النسبية ولا تتبدل حسب الطلب، والتى لا تتحقق إلا من إيمان يحكمها وينظم مسارها في الذات الإنسانية ويربط بين الظاهر والباطن وبين الفعل والنية وبين السلوك ودوافعه وبواعثه وغاياته، ومن ثم فلم تنجح كل أنواع الضبط القهرى مهما كان نفوذ القانون في خلق مجتمع فاضل بالمعنى الحقيقي لأنهم "كانوا لا يرجون حسابا"
• الضبط القهرى أوجد مجتمعا يخشى قوة القانون، فإذا ارتعشت يد القانون أو انفكت قبضة العدالة فعل كل امرئ ما يحلو له ولو كان شرا وفسادا، لأنهم "كانوا لا يرجون حسابا"
• أما الضبط الإرادي فهو الضبط الذى يوفق بين الظاهر والباطن وتنبع دوافعه من رقابة ذاتية تذكر الإنسان دائما بأن هناك من يراه ويعلم سره ونجواه.
• هذا الضبط لا يمكن أن ينتج إلا من الأخلاق التي ترتبط بقيم يدعمها الإيمان الجامع بها، وهي أخلاق لا تتبدل حسب الطلب كما قلنا وإنما تبقى ثابتة، لأن بواعثها والدوافع إليها قيم ثابتة، تحفظ للجماعة الحد الأدنى من التوازن، كما أنها تمد المجتمع بالقواعد التي تضبط سلوك الناس وتوجه ممارساتهم .
• أما القيم التى تحمل صفة النسبية فهي تحمل أيضا نسبية الأخلاق، وتخضع لازدواجية المعايير، وهذه إشكالية تعانى منها مجتمعات كثيرة في حضارة اليوم
• والماوردى يخصص في كتابه أدب الدنيا والدين بابا يتحدث فيه عن أثر الدين في ضبط السلوك وإحداث التوازن وتحقيق الأمن للناس فيقول:"القاعدة الأولى وهي الدين المتبع فلأنه يصرف النفوس عن شهواتها، ويعطف القلوب عن إرادتها حتى يصير قاهرا للسرائر، زاجرا للضمائر، رقيبا على النفوس في خلواتها نصوحا لها في ملماتها، وهذه الأمور لا يوصل بغير الدين إليها، ولا يصلح الناس إلا عليها، فكأن الدين أقوى قاعدة في صلاح الدنيا واستقامتها، وأجدى الأمور نفعا في انتظامها وسلامتها ، ولذلك لم يخل الله تعالى خلقه مذ فطرهم عقلاء من تكليف شرع واعتقاد دين ينقادون لحكمه فلا تختلف بهم الآراء ويستسلمون لأمره فلا تنصرف بهم الأهواء"(1)
• ومن المعروف أن القيمة عندما تستمد قداستها من العمق الديني، فإن حرية ممارستها تنبعث من أقوى المشاعر تأثيراً في حياة الإنسان، وبذلك يكون المكون المعرفي الصحيح -لا نقيضه- هو النبع للشعور بالالتزام الأخلاقي، أي بالواجب تجاه الجماعة والأمة والتضحية في سبيلها."(2)
• تلك هي المؤثرات الأساسية في حماية القيم وحماية المجتمعات والناس
• التفت إلى هذه الحقيقة كل من الأديب الفرنسي الكبير" فولتير" والفيلسوف "كانت"
• الأول سخر من الملحدين قائلا :" لماذا تشككون في وجود الله ولولاه لخانتنى زوجتى وعقنى ولدي وسرقنى خادمى"
• وأعلن الثانى" أنه لا وجود للأخلاق دون اعتقادات ثلاث:
• وجود الإله ، وخلود الروح ، والحساب بعد الموت" (3)
• ومما لا شك فيه أن أي سلوك إنما ينشأ عن فكرة... فإن كانت الفكرة صحيحة،كان السلوك صحيحًا مستقيمًا، وإن كانت الفكرة خاطئة كان السلوك خاطئًا ومعوجاً.
• ولذلك نقول: إن الخطأ في الوزن غير الخطأ في الميزان، فالخطأ في الوزن يعالج، فالإنسان مثلا، يمكن أن يخطئ في فهم حكم فقهي أو حتى في تطبيقه، ثم يعدل عن هذا الخطأ ويتراجع، ولا عيب في ذلك.
• أما الخطأ في الميزان فهو يتكرر بتكرار استعمال هذا الميزان، ومن ثم فالأخطاء الكبيرة والخطيرة إنما تنبع أصلاً من خطأ التصور.
• ولقد كان خطابه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يمثل وثيقة الرشد التى حملت من القيم التربوية في محتواها ما يحمى تصور الأمة من الانحراف ويضمن سلامة الميزان، الأمر الذي يجعل هذه الأمة في مأمن من التداخلات المضرة حين تتعامل مع الآخرين وتختلط بهم، حيث تم تحصينها بتوجيهاته النبوية ضد كل جراثيم الوضاعة والمعصية وفقدان المناعة، ومن ثم ظلت الأمة حقبة طويلة من الزمن في عافية من الشذوذ في الفكر والعلة في السلوك والممارسة ما بقيت تلك التوجيهات النبوية تنير لها الطريق وتضيء أمامها إشارات الخطر حمراء عند كل مخالفة أو جنوح عن الحق الذي قررته مبادئ تلك الرسالة.
الإسلام في هذا المجال في موقف الاقتدار ولا يزال ، يعلو ولا يُعْلَى عليه ، فهل يعى تلك الحقائق إخواننا العلمانيون والليبراليون الذين ينادون بتنحيته عن كل ميادين الحياة ؟
هوامش:
1 أدب الدنيا والدين، للماوردى ص148شرح وتعليق محمد كريم راجح الطبعةالثالثة 1984 دار إقرأ بيروت
2 المكون المعرفي ودوره في توجيه الحضارات د. إبراهيم أبو محمد ص 23 المركز العلمي للطباعة القاهرة الطبعة الأولى 2007
3 نقلا عن كتاب "تربية الأولاد في الإسلام للدكتور عبد ناصح علوان ج1 ص 173 دار السلام للطباعة والنشر ط/6 1983م .
مفتى عام القارة الأسترالية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.