منذ وطأت قدماي الرياض قبل ثلاثة أيام وأنا أراها ملفوفة بغطاء الحزن العميق على رحيل ولي عهد السعودية الأمير سلطان بن عبدالعزيز الذي اشتهر بأعماله الإنسانية والخيرية فأحبه السعوديون والعالم الإسلامي. وبالأمس اجتمعت كل المشاعر الحزينة ودمعت العيون عندما هبط الأمير جسدا بلا روح في قاعدة الرياض الجوية. فترجل من سيارته شقيقه الملك عبدالله الذي خرج من المستشفى قبل يوم واحد فقط بعد إجرائه عملية جراحية، ليستقبله في موقف مؤثر. تحامل على عكازه وأطل على النعش واضعا كمامة على وجهه لتقيه من أي مضاعفات، وهو الذي أصر على أن يتصدر هذا المشهد الحزين، فالطبيعي والمتوقع أن الأطباء قد نصحوه بالتزام الراحة. كانت واضحة الدموع في عيني الملك. والتأثر في عيون الجميع. اليوم سيوارى الأمير سلطان بن عبدالعزيز الثرى في مقبرة العود بالرياض بجانب والده الملك عبدالعزيز مؤسس المملكة العربية السعودية وأشقائه الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد. الأمير سلطان عاش حياته محبا للخير، بسيطا متواضعا. قدم الكثير في مجال العمل الخيري للمسلمين في كل مكان. أحبه الناس لأنه فتح بيته وقلبه للجميع بلا موعد سابق. يتابع كل ما يخص قضاياهم ومشاكلهم. ما أن تنشر صحيفة خبر محتاج أو مشكلة أسرة حتى يتصل بها مكتبه مستفسرا عن العنوان لأن الأمير سلطان طلب إقالة عثرة هذا المحتاج أو تلك الأسرة. ولم يقصر اهتمامه على السعوديين فقط بل على العرب والمسلمين أينما وجدوا. وكثيرا ما عالج مرضى عاديين ومثقفين بارزين على نفقته الخاصة. ولم تعرف له يوما خصومات محلية أو إقليمية أو دولية. يقول الدكتور ماجد القصبي مدير مؤسسة الأمير سلطان الخيرية إنه كان قاضي حاجة الأيتام والمحتاجين والأرامل. وأن المؤسسة عندما بدأت في تسليم 340 مسكنا للمحتاجين، أمر ببناء مطار مؤقت لنزول طائرته في منطقة نائية، حتى يسهل على الناس هناك لقاءه وطلب ما يريدون وعرض مشاكلهم وأحوالهم. لم يرد أي معاملة قدمها محتاج. بل كان يضاعف المبلغ فوق حاجة من يقدم الطلب. رحم الله الأمير سلطان بن عبدالعزيز وألهم الشعب السعودي الصبر. [email protected]