على الرغم من الشعارات البراقة التي ترفعها الحكومة من إنها تحمي حقوق العمال وتحافظ عليها من تعسف رجال الأعمال ، إلا أن الوقائع تثبت دوما أن المسألة لا تتعدى مجرد شعارات تطلقها الحكومة ورجال الأعمال للاستهلاك المحلي ولا تمت للواقع بأي صلة .. ومن أمثلة الاعتداء الصارخ على حقوق العمال ، ما قامت به الشركة العربية السويسرية للهندسة " أسيك " التي يمتلكها رجل الأعمال الملياردير أحمد هيكل نجل الكاتب الكبير حسنين هيكل ، بطرد وتشريد 12 عاملا من العاملين بمصنع أسمنت سيناء دون مبرر واضح لهذا الإجراء حيث قامت الشركة بإجبارهم على تقديم استقالتهم بعد تهديدهم بتلفيق عدة قضايا لهم وبفصلهم دون منحهم مكافأة نهاية الخدمة إذا لم يوقعوا على الاستقالات .. وذلك حسب ما جاء على لسان العمال المفصولين وهو ما اضطرهم للتوقيع على الاستقالات خوفاً من ضياع حقوقهم ، أو أن يقوم مسئولي الشركة بتلفيق قضايا للتخلص منهم ، رغم أن هؤلاء العمال من العاملين القدامى بالشركة ، إلا أن ذلك لم يشفع لهم لدى الشركة . والغريب في الأمر أن فصل هؤلاء العمال لم يكن بهدف التوفير في النفقات بل لتعيين آخرين بدلاً منهم ممن ينتمون بصلة قرابة لبعض قيادات الشركة . وبعد أن أفاق العمال من هول الصدمة وعرفوا أن مصيرهم التشرد مع أسرهم ، قاموا بالعدول عن استقالتهم قبل أن ينتهي الموعد القانوني المحدد لسريان الاستقالة طبقاً للمادة 19 من قانون العمل الموحد .. وذهبوا بالفعل للشركة لتقديم طلبات العدول عن الاستقالة ، ولكنهم منعوا من الدخول مما اضطرهم لإرسال طلباتهم عن طريق مكتب بريد الحسنة ، ولكن مسئولي الشركة رفضوا استلام الخطابات وهو ما أثبته العمال في محضر إثبات الحالة الذي حرروه بقسم شرطة الحسنة ، وبالشكوى المقدمة إلى مكتب العمل الحسنة والذي قام أحد مندوبيه في اليوم التالي بالتوجه إلى مقر الشركة بمصنع أسمنت سيناء بصحبة قوة من الشرطة وقام بتسليم مدير المصنع إنذارات بضرورة عودة العمال المفصولين لعملهم ، وهو ما لم يتم حتى الآن وما زال الأمر منظور أمام اللجنة الخماسية والتي ستبت في أمر عودة هؤلاء العمال لعملهم أو إلزام الشركة بصرف تعويضات لهم . ويقول الدكتور محمود حمدي أمين عافية " طبيب " وهو أحد المفصولين إنهم حاولوا مقابلة رئيس مجلس إدارة الشركة إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك وذهب أحدهم لمقابلة وزيرة القوى العاملة إلا أنه لم يتمكن من مقابلتها واكتفى مدير مكتبها بكتابة المشكلة لعرضها على الوزيرة في أقرب وقت . والمفصولون هم : الدكتور محمود حمدي أمين عافية ومحمد عبد المنعم الخواص ومحمد أحمد بشير وسيد مصطفي وعلاء سيد أحمد وأحمد أحمد ورد وشوقي السيد ولطفي أيوب وأشرف دسوقي وخالد عبد الباسط ومعوض أحمد السيد . ويقول أشرف الحفني رئيس اللجنة الشعبية لحقوق المواطن بشمال سيناء أن هذا الفصل والتشريد هو إثبات أخر على أنه لا يوجد قانون في هذه البلد إلا قانون البلطجة والمال ، مؤكدا أن تلك هي سياسة الخصخصة التي لا تخضع إلى أي قانون ولا أي مؤسسة قضائية أو حكومية فرجال الأعمال أصبحوا أسياد البلد وحكامها .. وأكد أن مصر أصبحت إقطاعيات منذ حكمها القطاع الخاص قائلاً إننا أصبحنا مثل أوربا في القرن السابع عشر .. وقال إن العامل أصبحوا يعاملون كالعبيد في ظل ضعف الحكومة وغياب القانون وسيطرة أصحاب رأس المال على مقدرات البلاد . وتساءل الحفني : من الذي يحمي هؤلاء الناس ، هل لأن صاحب المصنع عضو بلجنة السياسات أم لأنه يصدر الاسمنت إلى إسرائيل يفعل ما يشاء ويضطهد من يشاء . وأشار الحفني إلى أن الحل الوحيد لتلك المشكلة أن يطالب العمال بتشكيل نقابة تطالب بحقوقهم في التأمينات وفي الحماية من الفصل التعسفي . وأوضح الحفني أن هناك حكم مهم أصدرته المحكمة الدستورية العليا عام 1995 يقر بأحقية العمال في تكوين نقابات اختيارية لهم يعدوا هم لائحتها ونظامها. ووجه الحفني نداء للعمال عبر " المصريون " بأن يتحدوا ويكونوا نقابة لهم تحميهم وتدافع عن حقوقهم ، مؤكداً أن اللجنة الشعبية لحقوق المواطن بشمال سيناء لن تسكت عن هذه الانتهاكات التي وصفها بالقذرة وسيتم الرد عليها سواء بالإضراب أو التظاهر حتى عودة الحق لأصحابه .