إن القيادة الناجحة تعتبر من أهم عناصر نجاح الإدارة في أي مؤسسة من المؤسسات, والقائد الكفء هو ذلك القائد القادر علي تحقيق الأهداف المحددة لمؤسسته بأكبر كفاءة وفاعلية, وأن يكون قادرا علي التعامل مع العاملين وتوجيههم لصالح تحقيق أهداف المؤسسة, كما أن القيادة الناجحة تتطلب من القائد في تعامله مع المرؤوسين أن يتسم سلوكه القيادي بالحزم من غير شدة والمرونة من غير ضعف, وهناك فرق كبير بين المدير والقائد, فكل قائد يكون مديرا ناجحا بينما ليس كل مدير يعتبر قائدا. ويجب أن يكون اختيار القائد للأكثر كفاءة, مع الابتعاد عن المجاملة والمحاباة والوساطة والمحسوبية أو تدخل الأهواء الشخصية في عملية الاختيار, وكذلك التخلي عن أساليب التعيين في تلك الوظائف اعتمادا علي مبدأ الأقدمية فقط دون توافر معايير الاختيار الموضوعية الأخرى, ويسري ذلك علي جميع المؤسسات سواء كانت عامة أو خاصة, لأن دور القائد ومسئوليته ومهامه وخصائصه تكون مستمدة من فهمه الجيد لعلم الإدارة وليس لاقدميته أو لدرجة وساطته, ولا تختلف رسالته من مؤسسة لأخرى. كما أنه لابد أن يكون النظام الجيد لاختيار القيادات العليا قائما علي أساس وجود آليات عملية لتفعيل هذا النظام... فالاختيار في هذا المجال يجب أن يكون من خلال الانتخاب المباشر من قبل العاملين في المؤسسة أو لجان محايدة تضم عناصر من المحكمين القادرين علي التقييم الصحيح للأشخاص, وتقويم أعمالهم, وفحص انجازاتهم, واختبار قدراتهم الإدارية والقيادية, والتعرف علي أنماطهم السلوكية من خلال المقابلات الشخصية وقياسات أخري يتم إعدادها لهذا الغرض, ومدي توافر المهارات الفنية والإدارية والفكرية والثقافية للمتقدمين لشغل تلك الوظائف. ومن ثم فان القرار السليم للتعيين في الوظائف القيادية يجب أن يرتكز علي ضرورة توافر تلك المعايير والضوابط والإجراءات في شغل تلك الوظائف, وذلك من أجل ضمان أن تسند المهام القيادية إلي أهلها من المستحقين لها, باعتبار أن هذه الوظائف تعد احدي الركائز الأساسية في عملية التطوير لتحقيق التنمية والإصلاح الشامل لحال البلد المايل في مواجهة التحديات والمتغيرات التي قد تعصف بمن لا يستعد لها جيدا. والإداري الناجح هو الذي يضطلع بمسئولياته في إدارة الأنشطة والتقسيمات التنظيمية, وقيادة دفة العمل, والقيام بالمهام الإشرافية, وتوجيه الأفراد, واعتماد نتائج الأعمال, ومتابعة الأداء, والرقابة علي التنفيذ, وغير ذلك من الأعمال المحددة في الخطط وبرامج العمل. سألت د ليم (الاستاذ بجامعة شنبوك الوطنية) عن كيفية اختيار رئيس الجامعة فقال: بالانتخاب قلت وما هي مدة الرئاسة قال: المدة 4 سنوات قابلة للتجديد مرة ثانية فقط سألته ومن له حق الانتخاب قال: جميع الأساتذة العاملين بالجامعة بالإضافة لنسبة 10% من عدد الأساتذة من الموظفين يكون لهم حق التصويت أيضا, وعندما سألته عن المعايير التي يجب أن تتوفر في رئيس الجامعة فجاءت إجابته متوقعة ولم تبتعد كثيرا عن الصفات التي ذكرتها من قبل, وقال انه يجب أن يكون قوي الشخصية ويعمل لصالح الجامعة, وسألته عن وضع رئيس الجامعة الحالي البروفيسور (جيو سوك سوه) فقال إن فترة رئاسته تنتهي في شهر سبتمبر 2010 وانه سوف يرشح نفسه لفترة رئاسة ثانية وأخيرة. سألته هل يوجد مرشحون آخرون؟ فقال نعم يوجد اثنان يرغبان في الترشح ولكن د (جيو سوك سوه) هو الأقوي. بعد كل حوار بيني وبين د ليم أو بعد كل موقف أقابله أو أشاهده هنا في كوريا أدرك لماذا تقدمت كوريا بسرعة الصاروخ ولماذا تتأخر بلادنا بذات السرعة أيضا, فمعايير اختيار القيادات لدينا ليست كما هي لدي الدول المتقدمة أو الراغبة في التقدم, باختصار هناك فارق كبير في أسلوب الإدارة, لديهم ديمقراطية ولدينا مهلبية, لديهم الانتخابات هي الوسيلة في اختيار رئيس الجامعة واختيار كافة المناصب القيادية الرفيعة, بينما لدينا التعيين هو السبيل الوحيد لاختيار القيادات الإدارية, ونواب الشورى ونوايب الشعب, ومن وجهة نظري انه لا ضير من التعيين في بعض المناصب القيادية التي يحددها خبراء متخصصون, ولكن يجب أن يكون التعيين بالمعايير التي ذكرتها وبالشروط التي تضمن صالح العمل والوطن معا, ولكن لشديد الأسف أن هذا لا يحدث فلا ضمانات ولا ومعايير ولا شروط ولا كفاءات, ولكن هناك شرط واحد, هو أن من يقع عليه الاختيار يجب ألا يفكر ولا يتخذ قرار, والمعيار الوحيد هو الولاء التام و الطاعة العمياء لولي النعم الذي منَ عليه بذاك المنصب, فيدير صاحبنا ظهره للمؤسسة ويلتفت فقط لتنفيذ الأوامر التي تصله دونما تفكير ودونما تأخير,حتى وإن كان هذا يضر بالمؤسسة, والويل كل الويل لمن يضبط متلبسا بالتفكير, والجلابية البيضاء في انتظار من يجسر ويتخذ قرارا وإن كان تافها, وإذا سألت من أتي بهذا المدير في هذا المكان وعن الأسباب التي جعلته يختاره دون غيره من أقرانه, ستكون إجابته لأنه مطيع و "بيسمع الكلام", انتهي الكلام. ملاحظة: تم كتابة هذا المقال في اغسطس 2010 حينما كنت في زيارة لكوريا الجنوبية وللحديث بقية إن كان في العمر بقية د منتصر دويدار [email protected]