ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن عددا متزايدا من السياسيين على جانبي الصراع في ليبيا يرون الآن أن التهديدات المزدوجة من تنظيم الدولة "داعش", والانهيار الوشيك للاقتصاد, قد تصل بالبلاد إلى الحضيض, ويتكرر بها نموذج الصومال، وهو ما حدا بهؤلاء القادة السياسيين للقيام بأول محاولة جادة للخروج من هذه الدوامة, داعين إلى مفاوضات غير مشروطة وتنازلات متبادلة. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 15 إبريل أن الفصائل المتناحرة في ليبيا, لجأت إلى السلاح, بدلا من التنازلات, في معركتها لملء الفراغ الناجم عن سقوط العقيد الراحل معمر القذافي، وهو ما أدى إلى انقسام البلد نهاية المطاف إلى ائتلافين متحاربين, يرى كل فريق أحقيته في الحكم. ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسئولين في حكومتي طبرق وطرابلس قولهم إن حربهم الحالية هي ضد التطرف، وإن حكومة الوحدة هي السبيل الوحيد لهزيمته, موضحين لأنه لا يمكن لأي من الطرفين أن يفوز في المعركة ضد الإرهاب، وقالوا :"دون حكومة وحدة وقائد واحد، سيكون لدينا دول المدن وسيناريو الصومال". وانتهت "نيويورك تايمز" إلى القول إن جهود هؤلاء السياسيين تعطي بارقة أمل لمحادثات المصالحة, التي ترعاها الأممالمتحدة والجارية الآن في الجزائر. واستضافت الجزائر في 13 إبريل الجولة الثانية من الحوار الليبي بمشاركة أكثر من عشرين شخصية سياسية من قادة أحزاب ومستقلين، وذلك لبحث تشكيل حكومة وحدة وطنية وسبل وقف العنف، وسط تفاؤل أممي أعرب عنه مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا برناردينو ليون بقوله "نحن قريبون جدا من الحل السياسي". وإلى جانب ليون، ترأس جلسة الافتتاح عبد القادر مساهل نائب وزير الخارجية الجزائري المكلف بالشئون المغاربية والإفريقية، حيث دعا في كلمته كل الأطراف إلى تغليب المصلحة العليا للشعب الليبي، وأن يكونوا في مستوى التضحيات الجسام التي قدمها الشعب، وأن يوحدوا جهودهم ويخلصوا النية لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وتابع "أناشد الأشقاء في ليبيا وضع حد للاقتتال ووقف إطلاق النار، كما دعا إليه مجلس الأمن"، معتبرا أن عدو ليبيا هو الإرهاب وعدم الاستقرار والفوضى، وهي أمور ينبغي التصدي لها بالتوحد. ومن جانبه، قال ليون "نحن قريبون جدا من الحل السياسي في ليبيا، لكن ما زال أمامنا الكثير من التحديات". وأضاف المسؤول الأممي في كلمته "نحن هنا اليوم لإرسال رسالة قوية بأنه لا مزيد من القتل في ليبيا، وسنستمع لآراء المشاركين حول الوثائق، وسنناقش الأوضاع على الأرض"، مؤكدا أن الحوار مفتوح للجميع ما عدا أولئك الذين أقصوا أنفسهم عن الديمقراطية ويدعمون الإرهاب والتطرف. ونقلت "الجزيرة" عن البعثة الأممية في ليبيا قولها في 12 إبريل إن هذا الاجتماع على قدر كبير من الأهمية، حيث ستتاح خلاله الفرصة أمام قيادات الأحزاب السياسية والنشطاء لتحليل وإثراء الوثائق التي تتم مناقشتها، وذكرت البعثة أن اجتماعا سيعقد قريبا في مصر ويضم قيادات وزعامات قبلية ليبية, بحثا عن حل للأزمة. وتوّجت الجولة الأولى من الحوار في 10 مارس الماضي ببيان سمي "إعلان الجزائر"، حيث تضمن 11 نقطة تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار والتمسك بحل سياسي للأزمة يبدأ بتشكيل حكومة توافقية من الكفاءات وترتيبات أمنية تشمل وقفاً دائماً لإطلاق النار وانسحاب التشكيلات المسلحة من كافة المدن الليبية ووضع جدول زمني لجمع السلاح. وبالتوازي مع المسار الجزائري، تقود الأممالمتحدة متمثلة في رئيس بعثتها ليون منذ سبتمبر من العام الماضي جهودا لحل الأزمة الليبية، إذ عقدت جولة الحوار الأولى في مدينة غدامس غربي ليبيا، ثم تلتها جولة أخرى في مدينة جنيف السويسرية، قبل أن تجلس الأطراف في مدينة الصخيرات المغربية في مارس الماضي.