تجميد العضوية فى التحالف وتشكيل كيان موازٍ وطرح مبادرة لتحقيق المصالحة الوطنية على رأس أولويات «العمومية الطارئة» تسابق "الجماعة الإسلامية" الزمن، لعقد جمعية عمومية طارئة، خلال أسابيع قليلة، وذلك في أعقاب إعلان القيادي في الجماعة ومؤسسها في محافظة قنا بدري مخلوف، عبر بيان أصدره، انسحابه من "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، المؤيد للرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي، ومطالبته لرموز الجماعة وفى مقدمتهم الدكتور عصام دربالة، رئيس مجلس الشورى، ونائبه المهندس أسامة حافظ، بالانسحاب من التحالف، فضلاً عن مناشدته للمهندس عاصم عبدالماجد بالعودة إلى أرض الوطن. وأشعلت تصريحات مخلوف موجة واسعة من الجدل داخل الجماعة وداخل ما يطلق عليه "جبهة الإصلاح" داخلها التى استغلت مطالبتها بالانسحاب من التحالف لتزعم صوابية مواقفها، وتحمل دربالة مسئولية ما تعرضت لها كوادر الجماعة من قتل واعتقال وملاحقات أمنية، فضلاً عن المطالبة باستقالته بعد انتهاء ولايته، مجددة رفضها الاستمرار فى تحالف مع جماعة "الإخوان المسلمين" وشن حملات وصفت بالشخصية على رئيس مجلس الشورى الحالي. وتعكس حملة "جبهة الإصلاح"، ضد عصام دربالة، بحسب مراقبين، حالة من العجز لدى الجبهة وفشلها فى تحقيق أى اختراق داخل الجماعة، وفى ظل حالة اللفظ التى يعانى منها رموزها الذين يواجهون اتهامات ب "العمالة للأمن الوطنى"، وبالمسئولية عن تسليم مفاتيح الجماعة للرئيس المخلوع حسني مبارك وأجهزته على يد الشيخ كرم زهدي وناجح إبراهيم وفؤاد الدواليبي، وهى الحالة التى يوظفها شورى الجماعة لتعزيز موقفه عبر دعوة أعضاء الجمعية العمومية لعقد اجتماع طارئ لمراجعة الموقف من التحالف وبحث الاستمرار فيه من عدمه. وطرحت شخصيات نافذة داخل "الجماعة الإسلامية"، مقترحات للخروج من الأزمة، منها، كما يؤكد الشيخ جمال شمردل، أمير الجماعة ببنى سويف، عدم اقتصار الموقف على الاستمرار أو الانسحاب من التحالف من عدمه، بل إن مقترح تجميد عضوية الجماعة فى التحالف وارد بقوة بشكل يتيح لها طرح مبادرة لتحقيق المصالحة الوطنية بين الدولة والقوى المنضوية داخل التحالف وفى القلب منها جماعة الإخوان. وأضاف "الجمعية ستدرس كذلك إمكانية تشكيل تحالف موازٍ للتحالف الوطنى لدعم الشرعية تحت قاعدة تحقيق أهداف ثورة 25 يناير، بحيث يضم جميع القوى التى تتبنى هذه الأهداف وبشكل متساوٍ دون هيمنة لأى قوة على أخرى ولا يشترط عودة الرئيس محمد مرسي". ورجح شمردل أن "تشهد أعمال الجمعية العمومية تبنى الجماعة مواقف جديدة لاتتوقف حول مراجعة الموقف من التحالف كما جرى خلال العموميات السابقة أو تضع شروطًا للاستمرار فى ظل رغبة شخصيات نافذة داخل الجماعة فى تبنى مواقف تخرج البلاد من الأزمة السياسية التى تعانى منها منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي". غير أن عقد جمعية عمومية شاملة، ليس هو المقترح الوحيد أمام الجماعة للخروج من هذا المأزق فى ظل تعقيدات المشهد الأمنى مما حدا بالبعض للاكتفاء باستطلاع رأى أعضاء الجمعية العمومية ال 300 حول الموقف من التحالف سواء بالاستمرار فى عضويته والانسحاب أو الاكتفاء بالتجميد، وفضلاً عن إمكانية تأسيس تحالف موازٍ أو البحث فى إمكانية عقد جمعيات عمومية لكل ثلاث محافظات ونقل نتائجها لمجلس الشورى وتكليفه بإعلان موقف الجماعة. ويراهن الدكتور عصام دربالة، على أعمال الجمعية العمومية للخروج من المأزق الحالى الذى فجرته دعوة مخلوف للانسحاب من التحالف، للرد على الاتهامات الموجهة له من قبل جبهة الإصلاح ب"الديكتاتورية" وتسيير الجماعة بإرادة منفردة، رغم أن الجميع يعلم أن قرار الاستمرار فى التحالف الوطنى صدر من قبل الجمعية العمومية للجماعة التى راجعت القرار عدة مرات، واتفقت الأغلبية على الاستمرار فى التحالف لحين إشعار آخر. إلى ذلك، انتقد عدد من رموز الجماعة موقف الشيخ بدرى مخلوف، وطرحه موقفه على الإعلام، رغم أنه تمتع بحرية تامة فى عرض مطلبه للانسحاب من التحالف، على الجمعيات العمومية المتتالية فى هذا الصدد، بحسب تأكيدات الشيخ عبدالمقصود عبدالرازق، عضو الهيئة العليا لحزب "البناء والتنمية"، والذى رفض موقف مخلوف، قائلًا: "كان من المفترض عليه أن يبلغ الجماعة أو أن ينتظر الجمعية العمومية التى ستعقد خلال أسابيع وإبداء رأيه بدلاً من أن يتناول الإعلام رأيه بالمزيد من السخونة وتقليب الرأى العام ضد الجماعة فى هذا التوقيت. ونفى وجود أى اتجاه عام لدى الجماعة حول الانسحاب من تحالف دعم الشرعية، مؤكدًا أن هذا الأمر لم يطرح داخل الجماعة، مشددًا على أن الموقف من التحالف ستحسمه الجمعية العمومية والتى تعد المرجعية للجماعة فى كل قراراتها الحاسمة. وشاطره الرأي الشيخ إسماعيل أحمد "أبو يحيى الأسواني"، القيادى فى "الجماعة الإسلامية"، مرجحًا استمرار الجماعة فى عضوية "تحالف دعم الشرعية" خلال الفترة القادمة على أقل تقدير، مشيرًا إلى أن الانسحاب من التحالف ستكون له تداعيات سلبية على الجماعة. وتابع، فى تدوينة له على شبكة التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، أن "الانسحاب من تحالف دعم الشرعية لن يحمل للجماعة سوى حالة التكلس والقعود والضعف الشديد التى أعقبت خروج الآلاف من سجون ومعتقلات مبارك، وربما تثبت الأحداث أن المرحلة القادمة تحتاج حسم الجماعة لمواقفها وحيويتها وعمق معالجاتها للأمور". وأشار إلى وقوف الجماعة مع الإخوان ليس حبًا لهم وانحيازًا لقضيتهم ودورانًا فى أفلاكهم، ولكنه موقف يرتبط بمبادئ ومصالح الجماعة حول رفض الانقلاب على إرادة الشعب بغض النظر عن اعتبارات الآخرين". من جانبه، قال الدكتور طارق الزمر، رئيس حزب "البناء والتنمية"، الذراع السياسية للجماعة، إن "المواقف والقرارات الحاسمة للجماعة تصدر عبر جمعيتها العمومية ووفقًا لآليات الشورى والأغلبية وليس عبر مواقف فردية"، مبديًا فى الوقت نفسه تقديره للشيخ بدرى مخلوف باعتباره من رموز "الجماعة الإسلامية". ورجح الزمر فى تصريح خاص إلى "المصريون"، دعم الجمعية العمومية للاستمرار فى التحالف الوطنى فى ظل انعدام الأفق السياسى فى مصر، مبديًا ثقته فى قدرة التحالف على تطوير آلياته ومجالات عمله لتحقيق أهداف، وفقًا لاستراتيجيته السلمية.