رغم اختلافى الفكرى مع د./ البرادعى إلا أننى كنت أحمل له تقديراً خاصاً لوقوفه فى وجه " مبارك " وإحداثه حالة من الحراك السياسى بإعلانه حينها نيته فى الترشح لانتخابات الرئاسة رغم أن الطرق القانونية والدستورية كانت مغلقة فى وجهه آنذاك ولكن الرجل صمم على المضى قدماً فى طريق ترشحه وساهم بجهد غير منكور مع الجمعية الوطنية للتغيير فى النضال ضد النظام السابق . ولكن د./ البرادعى تغير ووضع نفسه فى زاوية لم أكن أتمنى أن يحشر فيها بتحالفه مع القوى العلمانية المتطرفة من الليبراليين واليساريين وهؤلاء بدورهم لهم تحالفات غير مخفية مع الدوائر القبطية المتطرفة والدوائر الخارجية التى تقوم بدور الممول منذ قيام الثورة وحتى الآن . هذا الحلف يضم فى جنباته مثقفين ومفكرين وصحافيين وإعلاميين وكل هؤلاء لهم دور محدد وهو إفساد العملية الديمقراطية والحيلولة دون إتمام الاستحقاق الانتخابى القادم منعاً لوصول الإسلاميين الذين من المتوقع أن يشغلوا أكثر من 30% من مقاعد البرلمان القادم . والمأزق الكبير الذى وضع فيه د./ البرادعى نفسه هو أنه بمثابة رأس الحربة فى هذا السيناريو المخيف ففى اعتصام 9/7 حاول هذا الحلف احتلال مبنى رئاسة الوزراء والمناداة بالدكتور البرادعى رئيساً للوزراء وعندما فشل ذلك المخطط لجأوا بعدها بعدة أيام إلى محاولة اقتحام مقر وزارة الدفاع لإسقاط المجلس العسكرى وتنصيب مجلس رئاسة مدنى برئاسة البرادعى . ومنذ أيام خرج علينا د./ أسامة الغزالى حرب أحد العرابين المهمين فى سيناريو إنتاج الديكتاتورية ليطالب بتنصيب البرادعى رئيساً للوزراء وبصلاحيات مطلقة !! وبما أننا نعيش فى عصر الفضائيات فيمكنك معرفة المؤامرات المقبلة من خلال متابعة برامج " التوك شو " التى تضبط نفسها مع مؤشر الفتنة والمنظرين لها فعقب أحداث ماسبيرو انطلقت " الجوقة " فى وقت واحد تقريباُ تطالب بإقالة " شرف " وتعيين حكومة جديدة يتولاها د./ البرادعى تستمر حتى نهاية 2013 !! والبرادعى من جانبه لم يتأخر لحظة وأعلن أنه مستعد لتولى أى منصب يخدم من خلاله المواطن . وهذا العرض غير برىء لمن له أدنى فهم إذ إن البرادعى من المرشحين المحتملين لمنصب الرئاسة ومعنى قبوله رئاسة الوزراء فى هذه الأجواء الصعبة يعد انتحاراً سياسياً وحرق مؤكد لفرص فوزه فى انتخابات الرئاسة القادمة فى ظل تردى الأوضاع الاقتصادية والأمنية فى البلاد . هذه اللهفة الواضحة على التسلق على منصب رئاسة الوزراء لا يجب أن ننظر إليها من زاوية " عبده مشتاق " فالبرادعى " شبع " من المناصب كما يقال وليس منصب رئيس الوزراء هو الذى يرضى نهمه فالأمر يتجاوز حدود المنصب . أظن أننا هنا أمام سيناريو متكامل أو لنقل أمام مؤامرة تستهدف تعطيل المسار الديمقراطى عبر إثارة القلاقل والفتن ، ومن يتابع الأحداث الكبرى التى مرت بنا منذ اندلاع الثورة وحتى الآن من محاولة اقتحام وزارة الدفاع ، والهجوم على السفارة الإسرائيلية ، وأخيراً أحداث ماسبيرو يجد أنها تأتى عقب تصريحات يطلقها د./ البرادعى محذراً من ثورة دموية آتية وهى النبوءة التى تتحقق عقب تحذيراته مباشرة . ومن هنا يمكننا فهم أحداث ماسبيرو التى جرى فيها توظيف قسم كبير من عموم أقباط مصر لإشعال البلاد والتمهيد لاعتلاء البرادعى كرسى رئاسة الوزراء أو رئاسة مجلس مدنى بدلا من المجلس العسكرى خاصة وأن فرص البرادعى فى الفوز بكرسى الرئاسة عبر انتخابات نزيهة باتت محدودة فى ظل غيابه عن الشارع المصرى لصالح التواجد المكثف على الفيسبوك والتويتر . أطراف المؤامرة لن يهدأ لهم بال ولن يسلموا بسهوله وقد يدفعون بكل أوراقهم فى المرحلة المقبلة التى يعلمون أنها الأخيرة ولكن متى بدأت عجلة الانتخابات ستجرف أمامها كل هذا الزبد وقد يكتشف البرادعى حينها أنه خسر كثيراً . [email protected]