حقق المنتخب الوطني المصري أمس إنجازا تاريخيا كبيرا بفوزه بأعنف بطولة على الإطلاق لكرة القدم في أفريقيا ، حيث حقق الفوز على منتخب كوت ديفوار بضربات الترجيح بعد أن انتهى الوقت الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي ، وتعتبر هذه البطولة هي الأعنف على مستوى القارة نظرا للتطور الكبير في الكرة الأفريقية ، ولأن معظم الفرق الكبرى مثل الكاميرون وكوت ديفوار ونيجيريا والسنغال تلعب بتشكيل كله من المحترفين في أكبر الأندية الأوربية والعالمية ، وبهذا الفوز سجلت مصر رقما قياسيا غير مسبوق في الفوز بكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم بعد حصولها على الكأس للمرة الخامسة بعد تغلبها على منتخب كوت ديفوار 4/2 بضربات الترجيح من نقطة الجزاء بعد انتهاء المباراة بالتعادل السلبي. فبالأمس وفي تمام السادسة بتوقيت القاهرة كان عشاق الكرة المصرية على موعد مع الحدث والحلم الغائب من قرابة عقد من الزمان ، إنه نهائي بطولة الأمم الإفريقية الخامسة والعشرين ، البطولة التي هي بإجماع الخبراء الأقوى من كل نظيراتها السابقة ، فأغلب فرق البطولة تلعب بتشكيلات كاملة من المحترفين حتى الاحتياطي وهو ما سبب قلقاً بالغاً للمصريين قبل البطولة الذين يعاني فريقهم منذ أمد من مشكلة قلة اللاعبين المحترفين ، غير أن عنصر آخر لم يحسب الخصوم أن يكون بهذا التأثير الرهيب كان يلوح في الأفق ، إنه الجمهور المصري العاشق للكرة الذي أرعب كل المنافسين بتشجيع يتواصل لعدة ساعات دون انقطاع وبأربعة وسبعين ألف متفرج ملأوا جنبات استاد القاهرة بثوبه الجديد . والخصم هذه المرة كان منتخب كوت ديفوار الرهيب بأسمائه الكبيرة ومدربه الخبير ، غير أن المنتخب المصري بدا وأنه البرازيل في هذا اللقاء بفضل المؤازرة المرعبة ، وبالفعل كنت بسهولة تستطيع أن تدرك ضخامة الحدث حين ترى هذا العدد من الشخصيات المصرية والإفريقية والعربية رفيعة المستوى التي حرصت على الحضور في الاستاد لمتابعة اللقاء الكبير الذي حسمته ركلات الجزاء لصالح الفريق المضيف بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي دون أهداف ، فأحرز لمصر على الترتيب أحمد حسن ومحمد عبد الوهاب ثم أهدر عبد الحليم علي ثم سجل عمرو زكي وكان لمحمد أبوتريكة شرف إحراز الركلة الأخيرة الحاسمة ركلة البطولة . وبالانتقال لتفاصيل الحدث ؛ فقد بدأ الفراعنة اللقاء بتشكيل مكون من : عصام الحضري _ أحسن حارس أفريقي في البطولة _ وأمامه إبراهيم سعيد "ليبرو" و "قلبي الدفاع" عبد الظاهر السقا ووائل جمعة ومحمد عبد الوهاب "ظهير أيسر" ومحمد بركات "ظهير أيمن" ومحمد شوقي وأحمد حسن ومحمد أبو تريكة "في وسط الملعب" وأمامهم "رأسي حربة" عمرو زكي وعماد متعب ، وأدار اللقاء حكم الساحة التونسي مراد الدعمي والذي _على غير العهد به_ بدا في عدة فترات تائهاً عن المباراة . ومنذ صافرة البداية ضغط المنتخب المصري بقوة على المنتخب الإيفواري الذي توتر لاعبوه بشدة خاصة في الدقائق الأولى وبدا ذلك في الاحتكاكات العنيفة غير المبررة ، غير أن هذا لم يمنع الفريق المصري من فرض السيطرة على إيقاع المباراة ، وفي الدقيقة 12 يشهد اللقاء أخطر فرصة حقيقية من ضربة حرة مباشرة لمصر يتصدى لها عبد الظاهر السقا ويسددها بقوة لتمر بجوار القائم بسنتيمرات قليلة ، وتشهد الدقيقة 17 مفاجأة غير سارة للجماهير والجهاز الفني بسقوط وائل جمعة مصاباً في كرة مشتركة مع زكورا مدافع الضيوف ليضع حسن شحاتة في موقف صعب للغاية غير أنه تجاوز الأزمة بإشراكه المدافع أحمد فتحي بدلاً من جمعة وتحمل أحمد فتحي عبأ كبيراً في رقابة المهاجم الخطير أرونا كونيه غير أنه نجح لحد بعيد في مهمته ، وتمر الدقائق التالية في سيطرة مطلقة للمصريين وإعتماد شبه تام للإيفواريين على الهجمات المرتدة معتمدين على المهارة الفائقة لنجمي خط الهجوم ديديه دروجبا وأرونا ، وفي الدقيقة 33 تمر كرة عرضية من محمد عبد الوهاب تصل لبركات الذي يردها مرة أخرى لعمرو زكي الذي يسدد مباشرة قوية بجوار القائم ، وفي ظل الضغط المصري تظهر مناوشات مزعجة من قلبي هجوم الضيوف في محاولة البحث عن هدف مفاجئ ، ومن ركلة ركنية للإيفواريين في الدقيقة 38 تمر الكرة عرضية بغرابة شديدة لتصل مفاجئة لحبيب كولو المدافع الذي يتفاجئ هو الآخر بها لتصطدم بقدمه وتخرج خارج الملعب ، وتألق محمد بركات في الناحية الدفاعية بشكل كبير وظل سداً من الناحية اليمني وإن كان على حساب الجانب الهجومي . ومع مطلع الشوط الثاني وفي الدقيقة 47 تأتي أخطر فرص مصر على الإطلاق من تبادل للكرات بين أبو تريكة وعمرو زكي قبل أن يمرر الأخير الكرة عرضية على رأس أبو تريكة الخالي تماماً ليهدرها بغرابة شديدة وتنخلع قلوب المتابعين ، وبعدها بثلاث دقائق فقط تكرر نفس الفرصة وبنفس الخطورة ولكن مع عماد متعب الذي يسدد الكرة برأسه مهدراً فرصة سهلة لإحراز هدف السبق ، وفي الدقيقة 55 يسجل الحكم الدعمي أول أخطائه في المباراة بعد احتسابه خطأً لمصر على ايمانويل ايبوي ومنح الأخير انذارًا على الرغم من أن الكرة لم يكن بها أي شئ ، ومنذ الدقيقة 70 سادت حالة من التوتر على مجريات المباراة وبدأ الإيفواريين في سحب البساط من الفريق المصري دون خطورة ، غير أن الدقيقة 77 شهدت كرة خطيرة للغاية بعد أن وصلت كرة ضالة إلى أرونا كونيه ليمرر كرة عرضية أرضية لدروجبا الذي يضعها فوق القائم في ظل مضايقة من محمد بركات وسط ذهول جهازه الفني واللاعب نفسه ، وأجرى المنتخب تغييراً آخر في الدقيقة 81 بإشراك لاعب الوسط حسن مصطفى بدلاً من عماد متعب المرهق الذي استسلم في النهاية للرقابة المحكمة عليه ، وفي الدقيقة 84 أتت لحظة اشتعال المدرجات عندما سدد أحمد حسن كرة صاروخية سقطت من يد الحارس الإيفواري جان جاك تيزيه ليتابعها محمد شوقي وسط إعاقة الدفاع له غير أن الحارس يخرج لإبعاد الكرة فيتدخل عمرو زكي ويستخلص الكرة ويضعها في المرمى محرزاً هدفاً صعباً ويحتفل الجميع وتشتعل المدرجات غير أن الحكم مراد الدعمي يطلق صافرته بعد فترة معلناً عدم احتساب الهدف وتسود حالة من الهرج والمرج حيث أن الهدف لم يكن به أية شبهة غير أن الحكم أعلن أنها ضربة حرة غير مباشرة وعلى أغلب الظن أنه قصد أنه تسلل على الرغم من أنه تأخر كثيراً جداً ولم يعلن عنها ، عموماً فقد أثر هذا الأمر في تركيز لاعبي المنتخب المصري بوضوح بعد أن سلموا أمرهم أنه هدف ومرت الدقائق المتبقية من عمر الوقت الأصلي دون جديد ليعلن الحكم "انتهاء" الشوط الثاني بالتعادل السلبي ليلجأ الفريقان للوقت الإضافي . وقد أتى الشوط الإضافي الأول يحمل في طياته عدداً من المفاجآت ففي الدقيقة 96 يحتسب مراد الدعمي ضربة جزاء مشكوك في صحتها للمنتخب المصري بعد احتكاك كواسيه المدافع بمحمد بركات وكان الأجدر أن تحتسب ضربة حرة غير مباشرة داخل المنطقة فسادت حالة شديدة من الغضب في الجهاز الفني الإيفواري واللاعبين الذين اعترضوا مدة طويلة على الحكم وبعد حالة الفوضى المؤقتة هذه تصدى أحمد حسن لركلة الجزاء غير أن القائم منعها من معانقة الشباك ، وفي الدقيقة 99 يراوغ البديل مكاري كونيه محمد عبد الوهاب ويسدد كرة قوية يخرجها عصام الحضري ببراعة لينتهي بذلك الشوط الإضافي الأول . وفي الشوط الإضافي الثاني وضح الإرهاق البالغ على لاعبي مصر وتحمل خط الدفاع عبأ هذا الشوط الذي لم يشهد سوى فرصة واحد لأيمانويل إيبوي من تبادل الكرة مع دروجبا لتتهيأ الكرة داخل منطقة الجزاء لإيبوي غير أن مدافع الأرسنال الإنجليزي يلعبها فوق العارضة ، ثم يسقط إبراهيم سعيد مصاباً هو الآخر ليغادر الملعب ويشترك بدلاً منه عبد الحليم علي الذي حاول تقديم شئ دون جدوى ليلجأ الفريقين لركلات الجزاء الترجيحية . وشهدت ضربات الجزاء تألقاً لعصام الحضري فأحرز لمصر أحمد حسن ثم أضاع دروجبا ركلته بعد أن تصدى لها الحضري ببراعة ، ثم سجل محمد عبد الوهاب لمصر قبل أن يسجل حبيب كولو توريه للضيوف ، ثم أهدر عبد الحليم علي ركلته بعد أن وضعها بعيداً عن المرمى غير أن مكاري كونيه لم يشأ أن تطول أحزان عبد الحليم فأضاع بدوره هو الآخر ليخرجها عصام الحضري ، ثم يسجل عمرو زكي وإيمانويل إيبوي على التوالي ، ليدخل محمد أبو تريكة معلقاً بأنظار الملايين وبالفعل لم يخب رجاءهم ليسجل هدف الحسم ....... لتنطلق الإحتفالات في ربوع مصر . * حضر المباراة الرئيس المصري وقام بتسليم الجوائز للفريقين * حضر وفد من كبار السياسين ورجال الدولة يتقدمهم عمرو موسى وأحمد نظيف وعدد كبير من الوزراء * فاز أحمد حسن بلقب أحسن لاعب بالبطولة * فاز عصام الحضري بلقب أحسن حارس مرمى * فاز النيجيري جون ميكيل بلقب أحسن لاعب صاعد جدير بالذكر أن مصر كانت قد فازت بأول كأس بالسودان عام 1957 بعد الفوز في النهائي على أثيوبيا 2/1 وبالكأس الثانية بمصر عام 1959 بالفوز على السودان في النهائي 2/1. وفازت مصر بالكأس للمرة الثالثة بمصر عام 1986 بعد التغلب على الكاميرون في المباراة النهائية بضربات الترجيح من نقطة الجزاء والكأس الرابعة في بوركينا فاسو عام 1998 بعد فوزها على جنوب أفريقيا في النهائي 2/صفر. ومن ناحية أخرىأعرب اجوافين اوجاستين المدير الفني الوطني لمنتخب نيجيريا عن سعادته بحصول فريقه على المركز الثالث فى بطولة كأس الأمم الأفريقية بعد فوزه على السنغال بهدف مقابل لا شيء وقال اوجاستين أتينا هنا للفوز بالكأس وكانت الفرصة مهيأة أمامنا للوصول للنهائي لكن الظروف حالت دون تحقيق هذا لكنى سعيد بالمركز الثالث. وأضاف أن الفرق الأربعة التي تأهلت للدور قبل النهائي للبطولة كلها تستحق الفوز بالكأس وأعتقد أن وجودنا ضمن أفضل أربعة فرق بالقارة شيء جيد. وردا على سؤال عن رأيه فى المباراة النهائية التي جمعت بين منتخبي مصر وكوت ديفوار أكد اوجستين أن مصر وكوت ديفوار كانت لديهما فرصا متساوية لإحراز اللقب إلا أن منتخب مصر كانت فرصته أفضل بسبب عاملي الأرض والجمهور مضيفا أن اللعب على ملعب ممتلئ بالجماهير المتحمسة أمر ليس هينا مشيرا إلى أن لاعبي كوت ديفوار واجهوا ضغطا عصبيا شديدا خلال المباراة. ونفى اوجستين ان تكون هناك بعض المشاكل التي نشبت بعد الخسارة من كوت ديفوار فى الدور قبل النهائي وقال "كان هناك شعور بالحزن داخل الفريق لكن لم تكن هناك مشاكل".