من المسئول؟، كان هذا هو التساؤل الذي طرحه المصريون عقب الأحداث الدموية بمنطقة "ماسبيرو" مساء الأحد الماضي، في ظل حالة الجدل الواسع التي تفجرت في أعقاب أسوأ الحوادث وأكثرها دموية منذ الثورة، مع محاولة إلقاء كل طرف النأي بنفسه عنها وإلقاء المسئولية على الآخر، وبين هذا وذاك تحدث كثيرون عن "أطراف خارجي" اندست بين المتظاهرين الأمر الذي أثار لغطًا واسعًا وتساؤلات لم تنته حتى بعد مضي أسبوع على تلك الأحداث. وأكد اللواء رضا يعقوب الخبير الأمني، أن ما حدث خروج عن التظاهر السلمي المشروع الذي يكفله القانون ولابد من محاسبة كل من تسبب في إسالة دماء المصرين، مشيرًا إلى وجود "أياد خفية" قال إنها تريد العبث بأمن مصر، وهناك أموال تضخ في سبيل التخريب وإثارة القلاقل في أسوان وماسبيرو. واتهم ما دعاهم ب "متطرفين" في الجانبين المسلم والمسيحي بأنهم يحصلون على تمويل خارجي من أجل إثارة الفتنة وهؤلاء لهم مصادر تخريبية ومن المرجح أن تكون هي التي اصطدمت بعناصر الجيش خلال أحداث ماسبيرو. وحذر من أن "هذه القلة المندسة إذا غفلنا عنها فإننا نفتح بابا من أبواب الفساد والتخريب مرة أخرى"، وأشار إلى ضرورة اضطلاع الفئة العاقلة من الجانبين بمسئوليتها في التهدئة والتخفيف من حدة التوتر، وأن يعود الوضع كما كان في بداية الثورة: "الشعب والجيش إيد واحدة". وأضاف: لابد للأجهزة الأمنية أن تنتبه لملف التمويل الخارجي للتظاهرات والتحريض، وطالب وزير العدل بأن يكشف عن نتائج التحقيقات التي تجرى مع العديد من منظمات المجتمع المدني التي حصلت على تمويلات مشبوهة من الخارج، والتي حملها المسئولية في إشعال نار الفتنة وتأجيجها. وشدد على ضرورة تفعيل القانون ومحاسبة الخارجين عنه، مؤكدًا أن جهاز الداخلية بحاجة إلى تفعيل لأن دوره منقوص وغير مكتمل حتى الآن. من جهته، حمل محمد ربيع، لواء الشرطة المتقاعد، وزارة الداخلية المسئولية عن حدوث مصادمات بين المتظاهرين والجيش، باعتبار أن تأمين المنشآت الحيوية في البلاد، ومنها مبنى الإذاعة والتلفزيون يدخل في صميم اختصاصها، مفضلاً عدم تحميل القوات المسلحة هذه المسئولية. وشدد على أن دور الجيش هو تأمين الحدود من الاعتداء الخارجي، وطالب بعدم توريطه في مهام غير مهامه وتفعيل وتقوية أداء الداخلية، مؤكدا أن الملف الأمني وتأمين المنشآت الحيوية من اختصاص وزارة الداخلية وهي ذات عدة وعتاد ومؤهلة لفض الشغب والتصدي للمظاهرات الغير سلمية. وأوضح ربيع أن تحول الأحداث والتظاهرات إلى أعمال العنف وخروجها عن السليمة يأتي في ظل وجود عناصر مندسة من فلول النظام البائد دائمة التدخل لإشعال الفتنة والفوضى بالبلاد، بالإضافة إلى استهداف إسرائيل لمصر ومحاولة تنفيذ مخططاتها من خلال عملائها بالبلد. فيما ألقى الكاتب أبو إسلام أحمد عبد الله، مدير مركز التنوير الإسلامي باللائمة على ما دعاهم ب "الإسلاميين الضعفاء" والذين يتحملون مسئولية، لأنه لم يكن لهم دور قوي في التصدي لمحاولات الأقباط المستمر في إهانة المسلمين. وأبدى تعجبه من عدم تقديم أي بلاغ للنائب العام ضد القمص متياس نصر، أحد القيادات الدينية المسيحية التي قامت بالتحريض في أحداث ماسبيرو قائلاً إنه لا يجد تفسيرا يجعل المسلمين يظهرون بموقف الضعيف. وقال إنه كان يأمل استغلال الفضائيات الإسلامية في التصدي للهجوم الشرس الذي تبناه متياس والقمص فلوباتير جميل وغيرهما والدور التحريضي الذي مارسه المتطرفون الأقباط لتحويل المظاهرات السلمية إلى تخريب وعنف وقتل لجنود الجيش بغية إحداث فرقة بين الجيش والشعب. في حين أكد الدكتور عماد الفقي أستاذ القانون الجنائي، أن عقوبة المحرض في جريمة التحريض علي القتل العمدى تصل إلي السجن المؤبد والمشدد، لأن المحرض علي الفعل يعد شريكا فيه. وقال إنه ليس من الضروري أن يقوم أحد بالإبلاغ عن المحرض، إلا أنه من حق النيابة العامة كجهة تحقيق في الواقعة أن تستدعي أي شخص يثبت لها تحريضه على الخروج عن التظاهر السلمي واستعمال العنف. وطالب الفقي بمحاكمة كل من ساهم في إشعال الفتنة ومن بينهم وزير الإعلام أسامة هيكل الذي اعتبره سببا في إشعال حماس ومشاعر المصريين وتفاقم الأزمة، على حد قوله. فيما أكد القمص صليب متى أن تعاليم الكنيسة ضد أن يحمل يحمل القبطي سلاحا، وقال إن سلاحنا هو الصليب، وليس لدى الكنيسة سلاح تستخدمه ضد المواطنين. ونفي أن يكون قد شاهد الأب متياس وهو يقوم بتحريض المتظاهرين الأقباط على حمل السلاح، وقال إن التظاهر حق للجميع بشرط أن يكون سلميا، وعدم اللجوء إلى التخريب، وإنه ليس من سمات رجال الدين المسيحي التخريب أو التحريض عليه، والقس مثله مثل أي متظاهر آخر. بدوره، وجه الدكتور عبد الله الاشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية أصابع الاتهام إلى جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" بالوقوف وراء أحداث ماسبيرو. وقال إن جنود الجيش والمتظاهرين الأقباط كانوا في حالة سليمة إلى حين ظهور مجموعة من البلطجية من الممكن أن تكون حضرت بالتنسيق مع عناصر النظام السابق و"الموساد" الإسرائيلي وبعض المتطرفين الأقباط. وأوضح أن الجيش كان يحمي مبنى ماسبيرو ولم يبدأ بالاعتداء وأكبر دليل أن الجنود الذين كانوا متواجدين لم يكن بحوزتهم أسلحة تحمل ذخيرة حية، ما دفعه لإبداء الاستغراب والتساؤل حول أن شهداء الحادث ماتوا بطلق ناري، وتساءل: من أين جاءت الأعيرة النارية التي استقرت في جسد المتظاهرين؟.