أعتقد أن بعضًا من شركائنا في الوطن من الأقباط على نوعين، نوع كالطفل الذي يريد أن يقفز من أعلى بناية شاهقة ويظن أنه يستطيع الطيران مثل (سوبر مان) لمجرد أنه يرتدي ملابس (سوبر مان) !!، وإذا حاول أحد منعه مما يريد حماية له فإنه يعتبره من الخصوم، ويعتبر منعه من (التحليق) أمرًا عدائيًا !!. وهناك نوع آخر من أعزائنا الأقباط يريد القفز من ذات الارتفاع ولكن هربًا وفرارًا من (أُمنا الغولة) !!، وإذا حاول أحدهم منعه والتوضيح له أنه (أمنا الغولة) لا توجد إلا في خياله، وأن ما يراه ويسمعه ليس إلا ظلالًا وصفير ريح ليس أكثر فإن رعبه يزداد ويحاول التملص من مانعه بأي وسيلة ليلقي نفسه فرارًا من أمنا الغولة !! الحمد لله أن كلا النوعين يمثل شريحة ليست كبيرة من المجتمع القبطي، ولكن للأسف هي شرائح موثرة لأنها تتحرك، أما إقدامًا بتهور، أو تراجعًا بذعر، وكلها حركات خاطئة مدمرة. أما النوع الأول (السيد سوبر مان) فهو نوع ممثل بكثير من رجالات الكنيسة للأسف ممن أشربوا نهج البابوية الحالي القائم على تحدي السلطة وتحويل الكنيسة إلى الراعي السياسي للأقباط في مصر، وهم يرون أن تحقيق أهداف " الشعب القبطي" !! إنما يكون بالضغط ومزيد من الضغط على الحكومة عن طريق الإبتزاز وتكبير وتضخيم كل حدث يحدث هنا وهناك والإستقواء بالخارج والإستعانة بأقباط المهجر في الضغط الخارجي، وهم بذلك يظنون أنهم يستطيعون إلى الأبد فرض سلطانهم على الدولة المصرية والشعب المصري، فهم يرون أن أقباط المهجر ومن ورائهم الدول الغربية يمثلون حماية أكيدة وضمانة حاسمة لهم، وهم في ذلك – في رأيي – كمن يريد أن يقفز من مكان مرتفع ظنًا منه أنه يستطيع الطيران لمجرد أن يرتدي رداء الطيران أو يغطي نفسه بالريش، ولا يعلم أن الذين يمنعونه إنما يريدون له الخير، وسيعلم لحظة تدك عنقه أن الرداء لم يمنحه القدرة على الطيران !!. وأما النوع الآخر فقد تأثر بتهويلات النوع الأول، فأصبحت عنده فوبيا ليس لها سند من الواقع، هذا النوع يمر صباح مساء على كنائسه فإذا هي عامرة، ومحروسة بأفراد الأمن وجلهم مسلمين، ويرتاد كنيسته ويلعب أولاده في ملاعبها ويقرأون في مكتباتها ويحضرون القداسات والأفراح في قاعاتها حيث تجد محجبات كثيرات جئن يشاركن صديقاتهن المسيحيات فرحة الخطبة أو الزفاف، وتجد المسلم إلى جوار المسيحي في قاعة العزاء....يعايشون كل هذا يوميًا ثم يشعرون بهاجس أن الكنائس تحرق وتهدم !!، تذهب بناتهم وابنائهم إلى المدرسة ويعودون كل يوم، ثم ينزلون في المساء ليشاركوا جيرانهم لعب الكرة في الشارع والحارة، ثم يعيشون هاجس أن الفتيات تخطف والولدان تختفي !!، لمجرد أن أخبارًا تأتيهم من هنا وهناك بعد أن تطبخ وتنضج وتوضع عليها البهارات في مطابخ النوع الأول !!، هؤلاء تدفعهم الفوبيا- فوبيا أمنا الغولة التي لم يرها أحد لكن الجميع يؤمن بوجودها – إلى تكذيب أعينهم وتصديق آذانهم !!، ويريدون أن يفروا مذعورين إلى النافذة، ولو كانت سترديهم من شاهق، يريدون أن يتبعوا سوبر مان، وهو في ذلك أبأس من النوع الأول، على الأقل النوع الأول يظن أنه يستطيع الطيران، لكن هؤلاء يعرفون إلى أين يندفعون، لكن الخوف من (أُمنا الغولة) يدفعهم للتردي، وما كان موقفهم ليكون صحيحًا لو كانت أمنا الغولة أصلًا موجودة، فإن مواجهتها أفضل من القفز من النافذة، فكيف وهي مجرد وهم في العقول. الحل من وجهة نظري ليس سهلًا لأن الأمر يتعلق بملف حساس للغاية، لكنني أراه في أربعة محاور متوازية لا غنى عن أحدهم، أولًا تحقيق العدل الشامل على مستوى الدولة للمواطن المسلم والمسيحي على السواء، والملتحي والعلماني كل يأخذ فرصته، والمحور الثاني فرض النظام والقانون بكل حسم وعدم الإنصياع للإبتزاز الطائفي مهما كانت النتائج، والضرب على أيدي المهيجين مهما تدثروا بعباءات القساوسة أو المشايخ ومهما كانت مرتبتهم الكنسية أو الأزهرية، وثالثًا الشفافية وتوضيح الصورة للشعب، ورابعًا إنتظار إنتهاء عهد البابوية الحالي لعل العهد القادم يأتي برجل مثل البابا كيرسل السادس الراحل المسالم الذي كانت فترته فترة رعوية دينية وليست فترة سلطوية سياسية. وكلمة أخيرة إلى السادة (سوبر مان)، يوم أن يقع ما تريدون- لا قدر الله ولا شاء- وتحترق مصر فإن البسطاء الذين يريدون العيش في سلام من جيراننا ومواطنينا المسيحيين هو أول من سيتلظى بنارها، وأمريكا لن ترسل أساطيلها لحمايتكم، لقد نزلت في لبنان عام 1983 وخرجت سريعًا بعد مقتل المئات من جنودها، ستكتفي الولاياتالمتحدة بأن ترى مصر تحترق، وستسعد بأن ترى المسيحيين والمسلمين يقتلون، وستعلمون ساعتها وأنتم تتردون من شاهق أن أدوات طيرانكم ليست إلا قماشًا وريشًا، وستعلمون ساعتها- لا قدر الله- إلى أي مصير قدتم أنفسكم وأهاليكم ومواطنيكم من المسيحيين والمسلمين إليه. م.يحيى حسن عمر [email protected]