سبعة شهور مرّت والشعب السوري لا يزال يُواجِه الموت.. كل يوم إبادة دموية ومجازر وانتهاك للكرامة والحقوق وآدمية البشر من قِبَل شَبِّيحة الأسد وقوات الأمن النظامية، والتي تستخدم أبشعَ الوسائل والأسلحة الثقيلة، ورغم وجود الانشقاقات بالجيش السوري إلا أن قيادته ما زالت مُتلبِّسة بالروح الطائفية السافِرة فلا تتحرك لحماية هذا الشعب الذي كَرِه حاكمه وتاقَ شوقًا إلى الحرية والعدل.. والعالم كله يكتفي بالمشاهَدَة ولا يتحرك لوقف نزيف الدم الهادِر من هذا الشعب الباسل.. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الحل أمام طغيان الأسد الذي يقف حائلاً دونَ ربيع الحرية الذي ينشده أهل سوريا ليتحقق العدل على ربوع بلاده، كما تحقَّق في مصر وتونس؟ ما الحل والثورة السلمية تقف عاجزةً أمام حماية السوريين من رصاص وبلطجة جنود الأسد وتجنيب البلاد ويلات الحرب والدمار؟! منذ أيام فشل مجلس الأمن في فرض عقوبات على النظام السوري، بعد استخدام كلٍّ من روسيا والصين حقَّ الفيتو، رغم أنه كان يملك وسائلَ ضغطٍ وإغراء لتمرير قرار العقوبات، لكن من الواضح أنَّ أمريكا وأوروبا ينتظران المزيد من المذابح للشعب السوري فهما غير راغبيْن في التدخُّل الفعلي، فنحن نذكُرُ في بداية الثورة الليبية أنَّه في ساعات معدودة تَمّ استصدار قراراً بالتدخُّل العسكري عن طريق حظر الطيران على قوات القذافي، وقصف مقاره بالطيران في كل مكان، مع توقيع عقوبات رادعةٍ وكان هذا التدخل العسكري له أثره المباشر في نجاح الثورة الليبية، والإطاحة بنظام القذافي. ومن المعروف أنَّ نظام الأسد المستبد لا يقلّ طغيانًا ولا دمويةً عن نظام القذافي الهالِك؛ حيث بلغ عدد القتلى والجرحى على يد قوات الأسد الآلاف، فضلاً عن التعذيب الوحشي للرجال والنساء والأطفال وكبار السِّنّ الذين لم يرحمهم الشبيحة نكايةً في الثوار، بل إنَّ بشار الأسد مستعدٌّ لقتل جميع شعبه من أجل الاستمرار في الحكم، ولمجرد وجود من مُنْشقّين عن الجيش تَمّ قصف قرى ومدن بالطائرات والدبابات والمدافع الثقيلة، إذن ماذا ينتظر المجتمع الدولِي ليتحرَّك من أجل شعب يتمُّ قتله بكل وحشيةٍ؟ من الواضح أنَّ أمريكا ترغب في استمرار بشار الأسد في الحكم- وإن كانت لا تعلن ذلك- من أجل الحفاظ على أمن واستقرار إسرائيل، فرغم الشعارات الزائفة للممانعة والمناهضة للمشروع الصهيوني لم يطلق رصاصةً واحدةً لتحرير الجولان.. ومن يضمن لإسرائيل أمنها واستقرارها في حالة وصول الثوار للحكم بعد الأسد وقيام الثوار بتحرير الجولان المحتلة وازعاج إسرائيل, فضلاً عن أنّ القمع والقهر الذي يمارسه الأسد ضد شعبه يأتِي على هوى أمريكا وإسرائيل ويعطِّل الربيع العربي الذي يزحف بقوةٍ إلى المنطقة العربية والذي أصبح كابوسًا بالنسبة لإسرائيل .. الغريب أنَّ الشعب السوري لا يقيم وزنًا لهذا التقاعس الدولي ولا يهتم بالخذلان العربي؛ فالمجازر البشعة التي يرتكبها الأسد ضده تمنح الثوار مزيدًا من الصبر والثبات بل ترفع من وتيرة الانشقاقات في المؤسسات العسكرية والمدنية؛ دفاعًا عن الشعب السوري الثائر مما يُمهِّد لانهيار نظام الأسد وتفكيكه، وهو ما يراهن عليه الثوار لتحقيق حلمهم في نجاح الثورة ليلحقوا بالربيع العربي في مصر وتونس وليبيا... وإنَّ غدًا لناظره قريب.