لا يملك عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين كاريزما أو حضورا خاصا يجلب له قبولا وجماهيرية من خارج كتلة أنصاره في اليمن، وهو بلا شعبية خارج اليمن لدى الرأي العام العربي والإسلامي، ربما باستثناء الفئات التي يقترب منها مذهبيا وطائفيا. الحوثي يتكلم طويلا في كل ظهور تلفزيوني، ولا يقول جديدا حيث يكرر نفسه ويكرر عباراته عن المؤامرات والدسائس والعملاء والخونة والمجرمين، ويقصد بهم من كانوا شركاء له في العملية السياسية قبل أن ينقلب عليهم ويحتل صنعاء ويوقف المسار السياسي الانتقالي ويسعى لابتلاع اليمن كله ويتوج نفسه ملكا أو إماما جديدا عليه. واهاناته واتهاماته لم تعد تقتصر على الداخل اليمني أحزاب وقوى سياسية ورئيسا، بل صارت تشمل دول الجوار الخليجي وأمريكا بعد أن فشلت مغازلته لهم في مرات سابقة لمباركة خطواته العسكرية التي أدخلت اليمن في دائرة جديدة للمجهول أسوأ مما كان وزادت تمزيقه وجعلته عمليا في حالة حرب أهلية أخرى. لا يمل الحوثي أيضا من الحديث عن ثورة الشعب اليمني، ويكثر من تلك العبارة حتى الملل، وكأنه نصّب نفسه وصيا على هذا الشعب ، لكن المؤكد أنه لا يمثل الشعب اليمني ، فلم ينتخبه اليمنيون زعيما لهم ولم يطلبوه لقيادتهم ، وهو لا يملك وصاية على اليمنيين إلا على أنصاره فقط، فهو فرض نفسه على اليمن دولة وشعبا عبر السلاح فقط، واليمن الدولة، والشعب الذي يعاني اقتصاديا واجتماعيا يصعب على أي مغامر أو ديكتاتور أن يسيطر عليهم طويلا، ومالم يكن هناك رضا من القبائل على من يريد أن يكون حاكما لليمن فإن عمره السياسي يكون قصيرا، وكان الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح مدعوما بالقبائل إلا أنه في لحظة تخليها عنه فإنه لم يجد بدا من ترك السلطة التي يريد العودة إليها مرة أخرى عبر التحالف مع الحوثي عدوه السابق. والثورة التي يتحدث عنها زعيم الحوثيين وأسقطت صالح في 2011 كانت جماعته شريكة فيها مثل بقية فئات وأحزاب الشعب اليمني، بل هى كما الحالة المصرية كانت ثورة الشباب ثم استدارت عليها القوى القديمة واستفادت منها ولم تحافظ عليها فيما بعد حتى اختربت والتف عليها الحوثي ويريد مصادرتها، لكن الحوثي عندما يتحدث عن الثورة فإنه يقصد بالأساس يوم 21 سبتمبر 2014 عندما غزا صنعاء بقوة السلاح والتواطؤ واحتلها، وهذه أغرب ثورة، فلم يخرج حتى اليمنيون من غير أنصاره مرحبين بها مهللين لها، بل هم يحتجون على إسقاط العاصمة وممارسة القمع الاعتيادي في مثل هذه الحالات من أي متسلط ، ولو كانت ثورة تريد تخليص الشعب من حكم مستبد مثلا لكان سمح بالحرية للمواطنين لكنه يقمع الحرية ويمنع الاحتجاجات ويفرق المظاهرات بقوة السلاح، ويمارس كل أشكال التعسف بحق القوى السياسية الرافضة له وحق بيوتهم وأملاكهم ومصالحهم ، والرئيس عبد ربه منصور هادي نفسه لم يسلم من التنكيل عبر فرض الإقامة الجبرية عليه وكذلك رئيس الحكومة والوزراء وكثير من الشخصيات السياسية والحزبية، فأي ثورة تلك التي تكون تحت حراب السلاح وتتحدث بلغة السلاح وتتمدد بالسلاح، ولا جمهور لها غير جمهور السلاح الطائفي المعروف، لماذا لا يتوقف عن الحديث باسم الشعب اليمني ، ولماذا لا يكون صريحا ويقول إنه انقلب على السلطة الشرعية في البلاد ممثلة في الرئيس هادي ورئيس الحكومة خالد بحاح والبرلمان المنتخب من الشعب ومخرجات الحوار الوطني والشراكة السياسية؟. الحوثي في ظهوره التلفزيوني المتكرر وفي طبيعة خطاباته الطويلة يقلد حسن نصرالله زعيم حزب الله اللبناني الذي مهما كان رفضنا لتحول سلاحه من مواجهة إسرائيل إلى صدور الداخل اللبناني وترهيبه للشركاء السياسيين وهيمنته على القرار وتعطيل المؤسسات الرسمية ومنع انتخاب رئيس حتى اليوم لكنه يملك مقومات وكاريزما الزعامة والحضور، ومع ذلك فإن لمعانه تراجع كثيرا مثل شعبيته وخطاباته التي لم تعد جاذبة للشعوب العربية والإسلامية كما كان الحال خلال حرب 2006 بين حزبه وبين إسرائيل ودفع فيها لبنان ثمنا فادحا من الخسائر. كثيرون وأنا منهم أشاحوا بوجوههم عن هذا الرجل منذ أن انقلب على شركائه واستباح بيروتالغربية والمناطق الأخرى التي تتواجد فيها أكثريات من الطوائف اللبنانية المعارضة لتصفية الخلافات بالسلاح والمناوئة لمحاولاته ابتلاع لبنان، وكذلك منذ أعلن صراحة عن تبعية حزبه لإيران وارتباطه بها تمويلا وتسلحيا وتخطيطا وافتخاره بأنه يتبع الولي الفقيه في طهران، حزب نصرالله مجرد لواء في الحرس الثوري الإيراني، لواء عناصره لبنانية شكلا ولهجة لكنه إيراني أفكارا وأهدافا، وقائده العسكري الحقيقي هو الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وسليماني هو المسؤول عن الميليشيات ذات التوجه المذهبي والطائفي في البلدان العربية التي تسير في الفلك الإيراني وهى بمثابة ألوية في الحرس الثوري. الحوثي لا يقيم ديمقراطية ولا ينشر حرية في اليمن ولا يقوده للتنمية والخروج من البؤوس الذي يعيش فيه بل هو يقود البلاد إلى آتون حرب أهلية مدمرة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.