تظاهر بضع آلاف أمس بميدان التحرير في جمعة: "شكرا عودوا لثكناتكم"، والتي تدعو الجيش إلى الإسراع بتسليم السلطة إلى المدنيين والعودة إلى ثكناته، بعد مضي نحو ثمانية شهور من توليه المسئولية بالبلاد إثر الإطاحة بنظام حسني مبارك في 11 فبراير. ومن بين المشاركين "الهيئة العليا لشباب الثورة"، التي تضم 20 حركة وائتلافا وحزبا سياسيا، من بينها "الجبهة الحرة للتغيير السلمي"، و"تحالف القوي الثورية"، و"تحالف الثوار الأحرار العرب"، و"شباب الحزب الناصري"، و"اتحاد شباب حزب العمل"، و"اتحاد شباب الثورة"، و"شباب حزب الغد". في حين تغيبت العديد من القوي السياسية والأحزاب الأخرى وفي مقدمتها "الإخوان المسلمون"، وحزبها "الحرية والعدالة"، و"الجماعة الإسلامية"، وحركة "6 أبريل" التي أعلنت عدم مشاركتها لعدم التنسيق المسبق، وقررت المشاركة في التوعية بضرورة إنهاء حالة الطوارئ وإنهاء المحاكمات العسكرية والمرحلة الانتقالية. لغاء حالة الطوارئ والمحاكمات العسكرية للمدنيين وتفعيل قانون الغدر علي رموز النظام السابق الذين شاركوا في إفساد الحياة السياسية خلال عهد النظام السابق . وشهد الميدان وجود ثلاث منصات للمتظاهرين، أحدهما لحملة دعم حازم صلاح أبو أسماعيل لرئاسة الجمهورية، والأخري لعدد من المستقلين، والثالثة للحزب العربي الاشتراكي تحت التأسيس. ونظم مئات المتظاهرين عدة مسيرات جابت بالميدان حملوا خلالها لافتات كتب عليها: "الشعب يريد رئيسا للجمهورية من ثوار 25 يناير الذين أزالوا النظام البائد" ، "شكر الله سعيكم عودوا إلي ثكناتكم"، في إشارة لضباط الجيش ، "الشعب يريد الإفراد عن المعتقلين في أحداث السفارة الإسرائيلية". وطالب الشيخ مظهر شاهين "خطيب الثورة" في خطبة الجمعة بضرورة أن ينهي المجلس العسكري الفترة الانتقالية وأن يضع جدولا زمنيا للانتخابات، وأكد أنه من الضروري أن يحلف رئيس مصر القادم اليمين في ميدان التحرير وأن تستمد الشرعية لأي حاكم من الميدان رمز الثورة المصرية. وأضاف إن الثورة المصرية ليست بحاجة إلى أن يتفاوض باسمها، إلا من تم مبايعته من الميدان، مقترحا تشكيل لجنة مستقلة للتفاوض مع المجلس العسكري تأخذ شرعيتها من الميدان، وتكون مهمتها تحديد جدول زمني لانتقال السلطة إلى المدنيين، فضلا عن إصدار قرار فورى للعزل السياسى لأعضاء الحزب "الوطني" المنحل، إضافة إلى إلغاء العمل بقانون الطوارئ وغحلال قانون رادع ضد البلطجية الذين يستحقون قطع يديهم ورقبتهم والإحراق. وحمل شاهين بشدة على القنوات الفضائية التي تهاجم الثورة، وقال إن "هناك قنوات دينية تسمى إسلامية ممولة من دول للأسف إسلامية يحاربون الثورة ويريدون أن يقضوا عليها خوفا من انتقالها لأراضهم". وتوجه لأحد شيوخ هذه القنوات قائلا: "اتق الله فى ثورة مصر"، مهددًا تلك الفضائيات بالضغط من أجل إغلاقها لمحاولتها المستمرة فى مهاجمة الثورة وتشويهها، والذى اعتبره حديث فيه تجرؤ على الأمن القومى المصري، وتوعد تلك الفضائيات: "سأفصح عن أسامى هذه القنوات في الجمعة القادمة مالم تكف عن هذا الحديث المهاجم للثورة لصالح الملوك والأمراء". وقال "خطيب الثورة" إن على "الإسرائيلين أن يستيقظوا وينزعجوا من الأن، حيث أن الشعب المصرى بات حر آبي، مرددا هتاف: "الموت للخونة"، ومتهما النظام السابق بالتعامل والتعاون مع الكيان الصهيونى فى الوقت الذى رفض فيه إلصاق هذه التهمة للمجلس العسكرى". ووجه شاهين تساؤلا إلى وزير الداخلية اللواء منصور العيسوى: "هل لديكم قناصة فى الوزارة"، مناشدا الكف عن التحدث خلف الأبواب المغلقة واتباع الشفافية. من جانبه، عزا أمين اسكندر القيادي بحزب "الكرامة"، قلة اعداد المشاركين في المظاهرة قياسا بالمظاهرات السابق بأنه يأتي لأسباب عدة منها عدم وضوح رؤية للمستقبل، وعدم وجود قيادة للثورة حتى الآن. وانتقد اسكندر في تصريحات لقناة "النيل للأخبار"، طريقة التفاوض مع المجلس العسكري، مما أدى إلى ارتباك في الرؤية السياسية، بسبب ما دعاه ب "الفصال" في النسبة في انتخابات مجلس الشعب وكأنها "تجارة تجزئة". وأكد أنه لا توجد استجابة من المجلس فيما يتعلق بمطالب الثوار، منتقدا أعضاء المجلس يلأنهم "ديرون البلاد بمفردهم ولا يستمعون لأحد غير صوتهم، وهناك تخوف حقيقي من استمرارهم في حكم مصر". وشدد على ضرورة تطبيق العزل السياسي على قيادات وأعضاء الحزب "الوطني" المنحل، باعبتارها "مسألة واجبة وتعطي طمأنينة للمصريين"، خاصة وأنه صدر قرار من المحكمة بحل الحزب "الوطني". وقال إنه على الرغم من ذلك صدر لهم قرار بتشكيل ستة أحزاب للحزب الوطني، فيما اعتبرها "مفارقة غريبة جدا وتدعو للدهشة فلابد من حرمانهم من ممارسة السياسة، لكونهم أفسدوا الحياة السياسية طوال سنوات طويلة، من تزوير للانتخابات، وتزييف لإرادة الشعب والسيطرة على الحياة السياسية في مصر، وهو ما انعكس بالسلب على المجتمع ككل. في حين أكد الدكتور وحيد عبد المجيد مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام" أن المطالبة بعودة المجلس العسكري لثكناته ليست بحاجة لتظاهرات ومليونيات وإن هذا الأمر بحاجة إلى تفاوض مع المجلس، وأشار إلى أن السرعة في نقل السلطة لا تتحقق بمظاهرة بل تتحقق بتغيير في الجدول الزمني لإنهاء المرحلة الانتقالية وفي وجود برنامج زمني بديل. وقال إن المشكلة هو أن البرنامج البديل لم يتغير بشكل كامل حتى الآن، وهناك خلاف بين الأحزاب حول بعض ترتيب الخطوات فيه، الأمر الذي يعطي سببا وجيها لبقاء المجلس دون تحديد نهاية للفترة الانتقالية. وشدد على أن هناك حاجة لحوار عام منظّم لجدول زمني بديل، وتنظيم حوار بين القوى السياسية والمرشحين المحتملين للرئاسة، للتوافق على الجدول الزمني وذلك أن يكون هناك اتفاق عام عليه، للتفاوض بشأنه مع المجلس العسكري، لتكون مبادرة جماعية وفي حال الرفض يتم حشد مليونية يشارك فيها كل فئات الشعب. من جهته، اعتبر أبو العز الحرير البرلماني السابق، أن تواجد المتظاهرين يمثل ضغطا ويسرّع من تسليم السلطة، لكن الحرية في وجهة نظري ليست في تسليم السلطة، ولكن كيفية انتقال السلطة من العسكريين للمدنيين. وأضاف إن الأحزاب الشبابية التي تتلمس طريقها في الحياة السياسية في حاجة لاستكمال ترتيباتها واستعداداتها، وأن نقل السلطة للمدنيين يتم من خلال وضع ترتيبات وإعطاء فترة كافية لكي تأتي بعدها الرئاسة معبرة عن الرأي العام بدون استعجال. وانتقد القوى السياسية التي قال إنها ترتكب خطأ بالغا في صراعها الكبير على السلطة، وقال إنه كان يجب عليها مراعاة مصلحة مصر وليس مراعاة مصالحهم، مؤكدا أن ولاءها للأحزاب أقوى من ولائها لمصر. وبحسب الحريري، فإن التصارع على تقسيم الكعكة ينحصر بين فلول الحزب "الوطني" والعسكر بصفتهم من النظام القديم و"الإخوان المسلمين" والسلفيين بينما القوى الشبابية والفلاحين والجامعيون والمهنيين وهم من الطبقة الوسطى والمثقفين تم تهميشهم وهم غير جاهزين لممارسة السياسة وخوض الانتخابات القادمة. وحذر من "أننا مقبلون على مرحلة يتم فيها تجزئة الثورة وسيحدث صراع داخلي في المجتمع المصري بين القوى السياسية، وأغلبية المصريين في حاجة لحياة اجتماعية هادئة ومريحة بينما المجلس العسكري والسلفيين والإخوان وفلول الوطني لن يطبقوا الديمقراطية وهم المسيطرون على المرحلة المقبلة".