في الوقت الذي يتحدث فيه خبراء سنغاليون و دوليون عن وجود بوادر انفجار سياسي واجتماعي يشعل طرفا فتيله الحزب الحاكم من جهة ، وأكبر أحزاب البلاد من جهة ثانية، بشان الحكم المنتظر اليوم في قضية كريم واد نجل الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد، تشير الوقائع على الأرض إلى أن الحزبين، على الاختلافات التي تفصل بينهما، يتفقان حول حد أدنى مشترك مرتبط بالسعي إلى الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها، رغم الخلافات السياسية. إستنتاجات تأتي في خضمّ التوترات والجو المشحون في علاقة بمحاكمة كريم واد، نجل الرئيس السابق عبد الله واد، وفي وقت يبدو فيه شهر مارس الجاري محمّلا بتهديدات ذات صلة بهذه القضية التي يواجه فيها واد الإبن تهمة "الإثراء غير المشروع"، وهو الذي شغل منصب وزير للنقل بين عامي 2009 و2012.. مشهد يتمزّق -حسب المراقبين- بين "الحزب الديمقراطي السنغالي"، للرئيس السابق عبد الله واد، والذي يتزعم المعرضة في البلاد، وتنتظر قياداته وأنصاره نتيجة محاكمة كريم واد، بتهمة "التربح غير المشروع"، والحزب الحاكم "الإتحاد من أجل الديمقراطية" الحاكم، والذي يجد نفسه مجبرا على إستباق جميع الإحتمالات الواردة بشأن إندلاع مشاكل أمنية تمسّ بالأمن العام للبلاد. ويتوجس الشقان من بعضهما خيفة بعد أن انقطع حبل الثقة وبلغت الشكوك أقصى حدودها في صفوف الحزب الحاكم بشان نوايا المعارضة على إثر العثور على حوالي 100 من العجلات المطاطية لدى "الشيخ ديانغ" رئيس بلدية "دجيدا ثايروي كاو" في ضواحي العاصمة داكار، يشتبه في كونها كانت معدة للإشعال في الطرقات، وبث الفوضى بعد صدور الحكم بشأن كريم واد. "ديانغ" دافع عن نفسه بالقول إن هذه العجلات المطاطية كانت معدة لحماية غرسات الأشجار في المدينة، وهي رواية لم تكن كافية لإقناع السلطات بحسن نوايا "ديانغ"، وفضلت توخي الحذر وحجز جميع هذه العجلات. أمّا محافظ إقليم "بيكين"، فعقب من جهته على هذه الحادثة، في تصريح للأناضول، قائلا: "لقد لاحظنا تواجد عدد كبير من العجلات في الأحياء، لأجل ذلك قمنا بهذه العملية، فالعجلات من شأنها أن تغلق الطريق وتتسبب بأخطار على السكان". أيام معدودة قبل هذه الحادثة، وضعت السلطات المحامي "الحاج أمادو" في الحبس التحفظي، على خلفية التصريحات النارية التي أطلقها ضد الرئيس السنغالي "ماكي سال". ورغم المدّ والجزر الذي يغشى المشهد السياسي المحتقن بين أبرز أحزاب المعارضة والحزب الحاكم، إلاّ أنّ كلي الطرفين يلجأ إلى استراتيجيته الخاصة لتجنيب البلاد السقوط في أتون إلى الهاوية. فقبل أيام من موعد المحاكمة، والمقررة لليوم الإثنين، قامت السلطات برفع درجة التأهب، وعمدت إلى نشر قوات من رجال الأمن في عدد من الأماكن الاستراتيجية في العاصمة داكار لاحتواء أي أعمال عدائية قد تصدر عن جهات المعارضة، فيما فسر وزير الداخلية السنغالي هذه التدابير بأنه لا مجال لأخذ أي مخاطرات بشأن قضية كريم واد. وفي تصريح للأناضول، قال "أبو آبال تيام" رئيس "معهد نواب الهيئة التعديلية للبريد والاتصالات"، والناطق السابق باسم الرئيس السنغالي الحالي ماكي سال: "لقد تلقّت الدولة عدّة تحذيرات، حتى أنّ الأمر وصل بعبد الله واد ومن تبعه إلى إطلاق تهديدات ضدها للتهرب من المسؤولية إزاء أي مشاكل يمكن أن تحدث". وأضاف: "أولئك الذين تقع على عاتقهم مسؤولية الأمن وفرض احترام القانون أن يتحملوا هذه المسؤولية: إذا حصل أي شيء ضد أي شخص، فإنهم بذلك يكونون قد تخاذلوا عن القيام بواجبهم. للجمهورية وسائلها في فرض احترام القانون، وينبغي أن تلجأ إليها". عبد الله واد من جهته، وهو الذي لم تطأ قدميه أروقة المحكمة منذ بداية محاكمة نجله كريم ، يؤكد هذه المرة إنه سيحضر جلسة اليوم، وهو الذي أطلق في تصريحات سابقة تحذيراته للحكومة قال فيها: "فليفعلوا ما يشاؤون، لكني لن أقبل بأن يدان كريم". وفي المقابل، يطرح عبد الله واد جانبا منطق المواجهة أو ذلك الذي لا يتورع عن القيام بأعمال تخريبية، مشيرا، خلال لقاء مع أعضاء حزب "الجبهة الوطنية للدفاع عن الجمهورية"، المعارض، إلى أنه يرفض "حرق البلاد التي بناها" بأيديه، حتى وإن كان لا يتورع عن الرد على الاستفزاز. ورغم إرتفاع بعض الأصوات في أكبر تشكيلات المعارضة معلنة عن مواقف مختلفة عمّا يصرّح به واد الأب، إلاّ أنّ الأخير ما فتئ يطمئن السنغاليين عبر تصريحاته المعتدلة. ومن أبرز التصريحات المثيرة للجدل، كانت لعمر سار، منسق الحزب الديمقراطي السنغالي، والذي نشر على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك: "إن الاشتباك الذي يخشى منه الجميع سيقع بطريقة أو باخرى. لا يمكن اليوم تقدير حجمه أو حدته أو طول المدة التي سيستغرقها. لطالما آمننا بأن المنطق سيجنب مواطنينا هذه المعارك المشحونة بالضبابية". وكانت الهيئة المديرة للحزب قد نشرت بيانا في هذا الاتجاه، بينما قام حزب "النساء الليبراليات" المعارض بالأمر ذاته خلال مؤتمر صحفي عقد في 19 مارس/آذار الجاري، قالت الناطقة الرسمية بإسمه "نافيساتو نغوم"، إنّ "كريم واد بين أيدي الأعداء الذين من شان مخططاتهم الشيطانية أن ترهن مستقبله المشرق. ".