سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 17-9-2024 مع بداية التعاملات    محافظ الغربية يتابع الاستعدادات النهائية لمبادرة «بداية جديدة»    هبوط مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    أسعار اللحوم والدواجن اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024    دونالد ترامب يكشف تفاصيل جديدة عن محاولة اغتياله الثانية    إصابة جندي إسرائيلي في معارك جنوبي قطاع غزة    حزب الله يستهدف تحركات لجنود إسرائيليين في محيط موقع العباد    استثمارات سعودية بمليارات الدولارات في مصر.. تفاصيل    حريق هائل بخط أنابيب في مدينة هيوستن الأمريكية    «حجاجي» ينفى وجود حالات تسمم بسبب مياه الشرب بقنا    طقس اليوم: حار رطب نهارا مائل للحرارة رطب ليلا.. والعظمى بالقاهرة 33    سقوط مُسجل خطر لسرقة محتويات إحدى الجمعيات بمدينة نصر    بتكلفة 300 ألف دولار، تفاصيل الزواج الأسطوري لرجل أعمال سوداني بالقاهرة (فيديو)    ختام ملتقى «ميدفست – مصر» .. «ماما» أفضل فيلم و«بتتذكرى» يحصد جائزة الجمهور    سميرة سعيد تحتفل بمرور 20 عامًا على ألبوم «قويني بيك»    مختار جمعة يرد على فتوى اسرقوهم يرحمكم الله: هدم للدين والوطن ودعوة للإفساد    رئيس الوزراء البريطاني: يجب على الناتو أن يضع أوكرانيا في أفضل وضع ممكن    وزير الخارجية الأمريكي يتوجه إلى مصر لبحث وقف إطلاق النار في غزة    هل يجوز الحلف على المصحف كذبا للصلح بين زوجين؟ أمين الفتوى يجيب    أحمد فتوح.. من الإحالة للجنايات حتى إخلاء السبيل| تايم لاين    مناقشة رواية «أصدقائي» للأديب هشام مطر في مهرجان «فيستيفاليتريتورا» الإيطالي    محافظ قنا يشهد فاعليات اختبارات الموسم الثالث لمشروع كابيتانو مصر    محافظ البحيرة تشهد فعاليات مبادرة «YLY»    استخدام جديد للبوتكس: علاج آلام الرقبة المرتبطة بالهواتف المحمولة    طبيب أعصاب روسي يحذر من آثار تناول القهوة    هبوط مفاجئ ب924 جنيهًا .. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 (تحديث)    عاجل - استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري قبيل اجتماع الفيدرالي الأمريكي    أحمد سليمان: الزمالك يدعم فتوح.. وحسم موقف اللاعب من المشاركة في مباراة السوبر    محمد عبدالله: مباريات القمة مولد النجوم الجدد.. وهذه رسالتي لجوميز    تعرف على أقل سعر لرحلات العمرة هذا العام    استبعاد مدير مدرسة اعتدى على مسئول عهدة في بورسعيد    إصابة شخصين إثر تصادم دراجة نارية وسيارة فى بنى سويف    المجلس القومي للشباب ببني سويف يحي ذكرى المولد النبوي الشريف    خاص.. غزل المحلة ينجح في ضم "بن شرقي" خلال الميركاتو الحالي    كرة نسائية - رغم إعلان الأهلي التعاقد معها.. سالي منصور تنضم ل الشعلة السعودي    عضو الرابطة: الأهلي طلب تأجيل استلام درع الدوري.. واجتماع الأندية سيحسم شكل الدوري    محافظ المنيا يشهد احتفالية الليلة المحمدية بمناسبة المولد النبوي    محسن صالح: كنت أتجسس على تدريبات المنافسين لهذا السبب    "ريمونتادا" رايو فاليكانو تهزم أوساسونا في الدوري الإسباني    تكريم 100 طالب والرواد الراحلين في حفظ القرآن الكريم بالأقصر    الحق اشتري .. تعرف على خارطة استثمار الذهب الفترة القادمة    احتجاج آلاف الإسرائيليين بعد تقارير إقالة "جالانت" من وزارة الدفاع    الشوفان بالحليب مزيجا صحيا في وجبة الإفطار    تعرف على إحصائيات التنسيق الفرعي لمرحلة الدبلومات الفنية بمكتب جامعة قناة السويس    قطر: الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني مثال صارخ لتردي وغياب سيادة القانون    وزير الثقافة يفتتح "صالون القاهرة" في دورته ال 60 بقصر الفنون.. صور    شيرى عادل عن الانفصال: أهم شىء أن يتم باحترام متبادل بين الطرفين.. فيديو    قرار من نقابة المهن التمثيلية بعدم التعامل مع شركة عمرو ماندو للإنتاج الفني    المنافسة بالمزاد على لوحة "م ه م - 4" ترفع سعرها ل 13 مليون جنيه فى 6 ساعات    الإعدام غيابيا لمتهم تعدى على طفلة بكفر الشيخ    مصرع طالب سقط من قطار في منطقة العجوزة    دار الإفتاء: قراءة القرآن مصحوبة بالآلات الموسيقية والتغني به محرم شرعًا    د. حامد بدر يكتب: في يوم مولده.. اشتقنا يا رسول الله    إبراهيم عيسى: 70 يوم من عمل الحكومة دون تغيير واضح في السياسات    الفوري ب800 جنيه.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي 2024 وكيفية تجديدها من المنزل    نشأت الديهي: سرقة الكهرباء فساد في الأرض وجريمة مخلة بالشرف    وكيل صحة الإسماعيلية تبحث استعدادات مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    حصر نواقص الأدوية والمستلزمات الطبية بمستشفى أبوتشت المركزي بقنا لتوفيرها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. حازم حسني: بيان 3 يوليو لم يعزل «مرسي» (حوار)
نشر في المصريون يوم 19 - 03 - 2015

الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة:
- مصر فى طريقها إلى «التحلل»
- مجلس «طنطاوي» العسكري وراء الأزمات التى تحيط بمصر الآن داخليًا وخارجيًا
- اعتبار الإخوان وحماس إرهابيتين «إهانة» بالغة للقضاء المصري
- «النور» في طريقه للتحكم بأجندة الدولة.. والنظام الحالي لا يدرك خطورة اللعبة
خطر "داعش" ليس بعيدًا عن الجيش المصرى.. ولا يمكن توقع ثورة ثالثة
"السيسي" لا يفضل وجود برلمان وسيتم تعطيل الانتخابات لحين الانتهاء من حفر تفريعة قناة السويس
النظام تعمّد تجاهل عوار قانون الانتخابات لتأجيلها.. والمصالحة مع الإخوان بعيدة
قطر وتركيا تمتلكان رؤية ومشروعًا تاريخيًا تفتقر إليهما مصر.. ومؤتمر شرم الشيخ "بروتوكولي"
هناك حتمًا اتفاقات وتفاهمات سرية بين مصر وإسرائيل بشأن سيناء سمحت بمخالفة معاهدة السلام
مصر تحكمها علاقة "تبعية" مع دول الخليج وتتعامل بسذاجة شديدة مع مجلس التعاون
التدخل العسكرى المصرى واسع النطاق فى ليبيا يقود المنطقة إلى "وحل فيتنامي"
الدعم الروسى لمصر "لعبة قصيرة" لا تؤثر فى أمريكا كما يتخيل البعض
التغيير الوزارى غير مدروس وأضر بعضه بالمؤتمر الاقتصادى
مشروع قناة السويس الجديدة غير رشيد وأهدافه سياسية وليست اقتصادية

تثير انتقاداته الشديدة للنظام الحالى كثيرًا من الجدل وردود الفعل المتباينة من خلال مقالاته وكتاباته القصيرة التى لا يرضى عنها سوى القليل ممن لديهم الرغبة والقدرة على "الإنصاف"، بحسب تعبيره الذى ردده أكثر من مرة خلال حوارنا معه، والذى تطرق فيه للعديد من القضايا الساخنة والشائكة التى تواجهها مصر على المستوى المحلى والإقليمى والدولي.
الدكتور حازم حسني، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وكاتب المقالات المثيرة للجدل، يجيب فى حوار خاص أدلى به إلى "المصريون" عن أسئلة يحلل فيها ما جرى بشكل علمى و"منصف"، يقرأ الواقع بموضوعية وحرفية.. ويستشرف الآتى بكثير من الدقة والاحترافية الأكاديمية.
· كيف ترى التغيير الوزارى الأخير فى حكومة المهندس إبراهيم محلب؟
خطوة متعجلة لامتصاص جزء من احتقان الشارع، جاءت قبل انعقاد المؤتمر الاقتصادى الذى يعول عليه النظام حاليًا لإعطاء صورة أفضل عن الأوضاع السياسية بالبلاد، والحكومة من جانبها تعمل على تعزيز موقفها أمام المستثمرين الذين يخشون وضع أموالهم فى بلد مضطرب سياسيًا وأمنيًا، لكنها غيرت بعض الوزراء الذين أعدوا ملفات يفترض أنها ستعرض وتناقش فى المؤتمر الاقتصادي، وتعيين وزراء جدد مكانهم، ليس لديهم الوقت الكافى لدراسة هذه الملفات وتبنيها بطريقة فاعلة كوزيرى السياحة والاتصالات، يبدو لى خطأ، وكان يمكن استبقاؤهم مؤقتًا على الأقل.
· وماذا تتوقع بشأن المؤتمر المنعقد حاليًا بشرم الشيخ؟
هو مؤتمر "بروتوكولي" إلى حد كبير، أتت إليه وفود من دول أو شركات على سبيل التعرف على الواقع وعلى التوجهات فقط وليس لتوقيع تعاقدات أو اتفاقات على استثمارات كما يحلم البعض ويروج الإعلام، فقد دعا إليه الملك عبدالله، ملك السعودية الراحل، لدعم الاقتصاد المصرى فى شكل منح مباشرة وما يشبه "مشروع مارشال" لتعمير أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، ثم تحور الهدف من المؤتمر وأصبح مؤتمرًا استثماريًا، وبالتالى اختلفت الحسابات تماما وصار على الدولة أن توفر للمستثمرين ضمانات ومناخًا مناسبًا هى لا تملكهما الآن، لكن ربما تعقد اتفاقات روتينية خاصة بالبترول أو الغاز لتعطى إيحاءً كاذبًا بنجاح المؤتمر.

· والبرلمان أحد دعائم هذا المناخ المرجو لجذب الاستثمار.. ما تعليقك على تأجيل الانتخابات؟
حتى نكون منصفين فهو خطأ النص الدستورى من الأصل.. فالدستور الحالى كتب بطريقة غير سليمة، ربما كانت مناسبة كى نعبر بها "مستنقع الحاضر" لكن لا يمكن أن نعبر به إلى مستقبل أفضل أبدًا؛ لكن على جانب آخر أرى أن النظام تعمّد ترك هذا العوار الدستورى فى صياغة القوانين رغم تنبيه الأحزاب والفقهاء الدستوريين إليه حتى يتم إلغاء الانتخابات فى الوقت الذى يرى فيه أن البرلمان صار يمثل خطرًا عليه، ومن خلال تحليلاتى لمواقف وتصريحات الرئيس السيسى منذ أن كان وزيرًا للدفاع فهو لا يستريح لفكرة وجود برلمان يحاسبه، وهو يرغب بحسب طبيعته العسكرية، فى الانفراد بالقرار وعدم الخضوع للرقابة المدنية.
· يعنى هذا أنه لن تقوم للبرلمان قائمة طوال فترة ولاية الرئيس السيسي؟
بلى، لكن سيتم تأجيل الانتخابات حتى تستقر بعض الأمور ويصبح هناك أمر واقع يشكل صعوبة بالغة أمام البرلمان لتغيير شيء أو تسليط الضوء على آخر، وعلى الأرجح أنه لن تجرى الانتخابات إلا بعد الانتهاء من مشروع تفريعة قناة السويس ليتم تسويقها كأهم إنجازات النظام فى ظل غياب البرلمان.

· هل لديك مآخذ على مشروع قناة السويس الجديدة؟
هو مشروع غير مدروس وليست له دراسة جدوى واضحة، ويجب أولًا أن نميّز بين "اللوجستيات" الموجودة على خط القناة وبين مشروع حفر التفريعة، فمشروع اللوجستيات تراجع الرئيس عنه وهو كان الأولى والأجدى اقتصاديًا البدء به، لكنه بدأ بمشروع حفر التفريعة الذى لن يضيف جديدًا لأنه ليس مؤثرًا فى حجم الإيرادات على عكس ما يدعى البعض، لأن حركة السفن لن تتغير مع افتتاح هذه التفريعة وإنما قد ترتاح من تقليل فترة الانتظار وهو ما ينعكس إيجابًا على شركات السفن ولا ينعكس على اقتصاد الدولة، صاحبة هذا المشروع، بأى حال، وكان الأجدر بنا عمل توسيع وتعميق للقناة الحالية فتزداد قدرتها على استيعاب سفن جديدة، أما المشروع بشكله الحالى فأهدافه الحقيقية تبدو سياسية لا اقتصادية.
· وكيف ترى دور الأحزاب والحركات السياسية فى المشهد السياسى الحالى؟
الأحزاب تدار بطريقة قبلية تمامًا، أدمنت مهادنة السلطة ولا تملك أى برامج سياسية حقيقية تتميز بها عن بعضها، بالإضافة إلى أن رؤساء هذه الأحزاب يتعاملون بنرجسية شديدة ويسعون فقط إلى الظهور كقيادات تدعى لمؤتمرات واجتماعات وحوارات غير مؤثرة إطلاقًا فى الحقيقة، أما الحركات والكيانات الثورية الشبابية فللأسف لا يملكون نضجًا سياسيًا كافيًا وعجزوا عن إقناع الجماهير بقدرتهم على الإمساك بدفة الحكم، واختياراتهم دائمًا تسير ببعض العشوائية إلى جانب أن بعض الوجوه بينهم أساءت التصرف وحاولت الاستفادة بشكل شخصى من الأحداث فانسحب ذلك بالضرورة على الفئة الثورية الحقيقية لتفقد جميعها ثقة وتأييد الرأى العام وتفقد بالتالى القدرة على تكوين قواعد شعبية.

· حدثنا عن رؤيتك لواقع ومستقبل حزب "النور" مثلًا باعتباره المشارك الأقوى والأبرز فى المشهد منذ ثورة 30 يونيو وحتى الآن..
حزب النور يلعب الآن نفس الدور الذى كانت تلعبه جماعة الإخوان المسلمين سابقًا كفزاعة بيد النظام، فالسلطة فى مصر لديها استعداد دائم للتعاون مع أحزاب دينية لا مدنية، لكنها تعمل دائما "تحت جناحها"؛ وحزب النور يقدم هذه الخدمة حتى هذه اللحظة، فلا يصطدم بها بل ويتخذ دائمًا مواقف تتماهى بشكل كبير مع توجهات الرئيس حتى يتمكن الحزب من خلال البرلمان مثلًا إذا حصل على أكبر كتلة برلمانية من "ملاعبة" الدولة ليحصل على امتيازات يتوغلون من خلالها فى شرايين المجتمع من خلال الدين بشكل أكثر مكرًا من الإخوان، وهى لعبة شديدة الخطورة ولا يدرك النظام الحالى عواقبها التى قد تصل إلى حد أن يتحكم ذلك الحزب والجماعات السلفية فى أجندة الدولة، وللأسف فالنظام الحالى ليست لديه المهارة السياسية اللازمة للتصدى لمثل هذه السيناريوهات.. عمومًا فإن التحالفات غير المدروسة تؤدى دائمًا لنهايات مأساوية تمامًا كما كانت الحال مع هذا التحالف الذى عقده "الإخوان" مع الجماعات السلفية – وخاصة السلفية الجهادية – وكان من أفدح أخطاء الإخوان التى قادتهم إلى نهايتهم فى السلطة، فوجود الجماعات الجهادية السلفية مع "الإخوان" فى صورة واحدة أضر بالجماعة كثيرًا، ورسّخ لدى الشعب والجيش ومؤسسات الدولة عمومًا صورة ذهنية مقلقة على كيان الدولة.
· على صعيد السياسات الخارجية.. كيف ترى العلاقات بين مصر ودول الخليج؟
هى علاقة "تبعية" إلى حد كبير تظهر لنا من خلال قرارات مصر التى تتعلق بمواقفها من دول مثل قطر مثلًا، فلم تكن مصر لتتخذ أى موقف يتعلق بالملف القطرى بعيدًا عن قرارات مجلس التعاون الخليجى وعن توجهات الملك عبد الله – رحمه الله – تحديدًا؛ كذلك موقفنا من الأزمة السورية الذى كان سيختلف تمامًا عن موقفنا "المائع" الحالي، وذلك بلا شك ناتج عن تقييد الدولة المصرية بمعونات يدفعها أصحابها للحفاظ على كيان الدولة المصرية الذى يصب فى صالحهم؛ وإذا كان البعض يعتقد خطأ أنهم قد يستمرون فى ذلك الدعم حتى تصبح مصر فى غنى عنهم أو مستقلة فى قراراتها فهو يرتكب خطأ استراتيجيًا جسيمًا، وهو ما بدأ يتضح من خلال تقليص الدعم الخليجى المادى بعد وفاة الملك عبدالله لترويض مصر التى أراها فى موقف شائك وملتبس وتحكمه سذاجة مصرية غير عادية مع دول مجلس التعاون.

· وماذا عن عودة العلاقات المصرية الروسية.. حجمها وأبعادها الحقيقية فى رأيك؟
مجرد لعبة تشترك فيها مصر وروسيا ضد أمريكا، فالدولتان تلوحان بعلاقتهما كورقة ضغط وتحريك سياسى للمواقف مع الولايات المتحدة، لكن روسيا فى الواقع لن تتحالف بجدية مع مصر فتمنحها سلاحًا يهدد علاقتها مع أمريكا مثلا إلا إذا كانت على استعداد لمواجهة ساخنة جدًا مع الولايات المتحدة، وهى فى الحقيقة تدخر أدواتها كلها للدفاع عن أوكرانيا باعتبارها الأولوية رقم واحد للأمن القومى الروسي، لكن للأسف الإعلام المصرى مستمر فى تضخيم الصورة وإعطائها ملامح غير حقيقية بالحديث عن اتفاقات على أسلحة ومعدات كذّبها السفير الروسى أكثر من مرة.
· وما رؤيتك لحجم ودور كل من قطر وتركيا فى أزمات المنطقة الحالية؟
للأسف مع كل هذا الهجوم فى الإعلام المصرى على الحكومتين والدولتين فأنا، رغم كل اختلافاتى مع توجهاتهما وتحفظاتى عليهما، يحزننى جدًا أن أراهما دولتين لديهما رؤية واضحة ومشروع تاريخى تفتقر إليهما مصر، فنحن لا نملك رؤية قطر ولا مشروعًا تاريخيًا بوزن المشروع الذى تسعى إليه تركيا بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا مع كل منهما، وبسبب هذه الرؤية وهذا المشروع فإن دورهما الآن صار مؤثرًا جدًا فى المنطقة.

· إلى أين تتجه الدولة المصرية الآن؟
مع غياب الرؤية والدور المؤثر والفاعل فى صياغة التاريخ، تتجه مصر الآن لتكون دولة استثمارية شبيهة ب"هونج كونج"، فى الوقت الذى تصر فيه على أن يكون للمؤسسة العسكرية دور حاكم، وهو ما يمهد ل"تحلل الدولة المصرية" فتصبح مجرد قطعة أرض يعيش عليها مجموعة من البشر الذين يُنظر إليهم ك"عالة" على العالم يجب التخلص منها.

· كيف ترى العلاقات المصرية الإسرائيلية خلال الأعوام القليلة السابقة؟
توارت كثيرًا هذه العلاقة بالنسبة للأجندة المصرية، لكن ربما لا يكون الأمر كذلك بالضرورة فى الأجندة الإسرائيلية، فهى ولا شك تنتهز فرصة الارتباك فى مصر لخلق وضع "جيوستراتيجي" يخدمها فى المستقبل عن طريق تأزيم الوضع فى سيناء مثلا وتحويلها إلى منطقة توتر قد يكون علاجها عند دولة مرتبكة هو أن يتم التخلص منها؛ لكن ما يقلقنى حاليًا هو تعمق الجيش المصرى داخل سيناء المخالف لبنود معاهدة السلام، وما يمكن أن يكون قد تم من تنازلات أو اتفاقات سرية مقابل أن تسمح إسرائيل بذلك، وهو ما لا أستنكره فى حد ذاته، بل هو قطعًا عمل مشروع لحماية الأراضى المصرية، لكن السرية هنا مقلقة لأننا لا نعرف ما إذا كان كل شيء محسوبًا ومدروسًا مع كل هذه الرؤية الضبابية المرتبكة لدى السلطة.
* إلى أى مدى ترى إسرائيل متورطة فى أعمال الإرهاب فى سيناء إذًا؟
لا يمكن أن نتصور أن إسرائيل أو أمريكا أو غيرهما وراء تشكيل وتنظيم هذه الجماعات الإرهابية فى سيناء، أو حتى تنظيمات ك "داعش" أو "القاعدة"، كثير يخطئون ويظنون ذلك.. لكن الحقيقة أن هذه التنظيمات تنشأ تمامًا كما تنشأ "العصابات"، فهى مجموعة من الأفراد المسلحين الذين يعرضون على الدول والأنظمة خدماتهم فى إرباك دول أخرى لإثارة القلاقل فيها داخليًا فتتعاون معهم بعض الأجهزة الأمنية الدولية وقد تمدهم بمعلومات استخباراتية عن دول وأنظمة تريد إشعالها لمصلحتها، لكن نفس هذه الدول تقوم عادة بمحاربة هذه التنظيمات إذا ما عملت لصالح أجهزة ودول أخرى تتعارض مع مصالحها وأهدافها ومخططاتها.. تمامًا كما حدث مع القاعدة وكما يمكن أن يحدث مع "داعش" فى يوم ما.

· إلى أين يمكن أن يصل الخطر الداعشى على مصر؟
هذه الأمور غير قابلة للتنبؤ، ولست أوافق الرأى الذى يستبعد حدوث سيناريوهات مأساوية وكارثية كالعراق وسوريا استنادًا إلى عدم وجود طائفية داخل الجيش مثلا، فهناك خطر بالتأكيد، ولا يمكن أن نتجاهل هنا انضمام عدد من الشباب المصرى للتنظيم سواء بالسفر والانضمام فعليًا أو تبنى أفكاره والاقتناع بممارساته والدفاع عنها فى الداخل.
· وما تعليقك على اعتبار حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" حركة إرهابية بحكم قضائى؟
رغم إيمانى العميق بخطر هذه الحركة على الأمن القومى المصرى، وأنها تسعى دائمًا لتوريط مصر فى حساباتها التى ليست بالضرورة متوافقة مع الحسابات المصرية، إلا أن الحكم لن يقدم ولن يؤخر، وهو فى حد ذاته "إهانة" للقضاء المصرى أمام القضاء الدولى، إذ بدا الحكم وكأنه يقول للعالم إن القضاء المصرى صار مسيسًا!.. أمر "حماس" يتعلق بالأمن القومى المصرى وبالسيادة المصرية ولا يجوز للقضاء التداخل فيه مع الأجهزة السيادية التى يمكنها التعامل مع هذا الأمر وفق حسابات أخرى لا علاقة لها بالحسابات القضائية، تمامًا كما حدث مع جماعة الإخوان التى أرى أن مشكلة الدولة المصرية معها أعمق وأعقد كثيرًا من اعتبارها إرهابية، والدليل على ذلك أن الأزمة تصاعدت ولم تخفت حدتها بعد هذا القرار، فالأزمة مع حماس أو الإخوان تحتاج لرؤية ومعالجة بشكل مختلف أبسطها أن يعمل النظام بالمثل الشعبى القائل "امشى عدل يحتار عدوك فيك".

· هل تتعرض الدولة المصرية لمؤامرة كبرى دولية وإقليمية لتفتيتها بدأت فى 25 يناير 2011؟
لا يمكن أن نعتبر أن ثورة يناير مؤامرة، كما يدعى البعض، فهى ثورة شعبية على نظام فاسد ترك الأمور تزداد سوءًا والأزمات تتفاقم، فكان يجب أن يرحل، ومن الممكن أن تستغل ذلك بعض الدول التى من مصلحتها أن تزيد الوضع الداخلى ارتباكًا كما ذكرنا سابقا، فمنذ أن تولى المجلس العسكرى إدارة شئون البلاد وهو يتبنى توجهات وسياسات خاطئة ويدخل فى تحالفات ومواجهات خاسرة، ولم يكف عن ارتكاب الأخطاء وأكثرها فداحة تخوفه من أن يقوى التيار المدنى، وتجاهله أو رفضه الصريح للنصائح وأهمها أنهم لا يملكون خبرة سياسية تسمح لهم بالتعامل مع التيارات الدينية بالحكمة الواجبة.
* هل تحمّل المجلس العسكرى خلال توليه شئون الرئاسة مسئولية الوضع الحالى للدولة المصرية؟
نعم، فى الحقيقة هو السبب الرئيس فى وصولنا إلى هذا الوضع والمشهد المعقدين، فقد ارتكب أخطاءً فادحة بدأها بتأخير اعترافه بثورة يناير حتى الذكرى الأولى لها، ثم بتهميش القيادات المدنية الحقيقية وإجراء تفاهمات مع جماعة الإخوان أدت لوصولها للحكم ثم كل ما جرى بعد ذلك ونرى آثاره وانعكاساته حتى اليوم.. وغيرها من الأخطاء.

· كيف رأيت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى وترشح الرئيس السيسى؟
تم عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى بعد اهتزاز شرعيته فعلا برفض غالبية الشعب له، والشرعية لمن لا يزال يطالب بها هى مفهوم "ديناميكي" وليس "استاتيكيًا"، فهى تسقط بعد انحراف صاحبها عن شروط العقد الذى تم بينه وبين غيره، وخصوصا عندما استشعر الشعب وجميع مؤسسات الدولة خطر تحكم الجماعة فى شرايين الدولة وأنها تحكم عن طريق الرئيس المنتخب الذى لم يكن الحاكم الفعلى للبلاد، أما ترشح الرئيس السيسى للرئاسة فهو استمرار آخر لسلسلة الأخطاء التى أوصلتنا للأزمة الحالية، وكان يجب أن ينأى بنفسه عن الحكم حتى لا يعطى صورة ذهنية خاطئة عن ثورة 30 يونيو بأنها انقلاب عسكرى يصعب إثبات عكسه الآن.

· هل للرئيس المعزول محمد مرسى شرعية حتى الآن؟
استمرت شرعية مرسى بالفعل خلال فترة تولى الرئيس المؤقت عدلى منصور وحتى انعقاد الانتخابات الرئاسية التى تولى بها الرئيس السيسى الرئاسة، ففى بيان 3 يوليو الذى ألقاه السيسى بتولى رئيس المحكمة الدستورية لشئون الرئاسة لم ترد كلمة واحدة عن عزل مرسي، وهو ما يعنى أن بيان 3 يوليو قد اعتبر الرئيس غير قادر على الحكم لفترة ما بسبب الأزمة قد يعود بعدها لمواصلة الحكم، وهو فى رأيى كان بمثابة باب مفتوح للجماعة والرئيس وقتها للنزول من عليائهم وتسوية الأمر مع الجيش لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
· هل يعنى ذلك أن المؤسسة العسكرية لم تخطط للاستيلاء على السلطة وأن الرئيس السيسى لم يسع ليكون رئيسًا؟
أنا أصدق ذلك فعلا، وأعلم يقينًا أن السيسى مع كل انتقاداتى له ومعارضتى لأدائه حاليًا لم يقم بما قام به فى واحد أو ثلاثة يوليو إلا بضغط من الجيش الذى استشعر خطرًا جسيمًا على الدولة المصرية ولم يعد يقبل بمحمد مرسى قائدًا أعلى له، ولهذا فأنا فى الحقيقة لا أرى السيسى بكل هذه الجرأة التى يصورها البعض، فهو كان يقدم ساقًا ويؤخر الثانية.. فيلقى بيان 3 يوليو ويولى المستشار عدلى منصور بينما هو يواصل التفاوض مع محمد مرسي، وهو ما أراه مستمرًا بالشكل نفسه فى كثير من القضايا حتى الآن.

· هل مصر على أعتاب ثورة ثالثة؟
أتوقع أن يحدث شيء ما ضخم بعد كل هذه "اللخبطة" الحالية سواء داخليًا أو خارجيًا، لكن أستبعد قيام ثورة بمفهوم 25 يناير أو 30 يونيو، فمنطقيًا.. لم يعد هناك رهان للمصريين على مؤسسة تدعمه وتحميه إن هو قام بثورة كما فعل الجيش فى الثورتين، وكذلك لم يعد هناك بديل أو خيار أمام المصريين سوى الإبقاء على النظام الحالى أو العودة للنظام السابق والارتماء فى حضن الإخوان، وهو ما أراه مستحيلًا بعد كل هذا الرفض الشعبى الذى رأيناه ونراه حتى الآن، وبدأ يطال بعض من كانوا يؤيدون الجماعة نفسها ويرونها الآن تضر بالمشروع الإسلامى ضررًا شديدًا، مع الأخذ فى الاعتبار أننا لم نكن نتوقع فى المرتين السابقتين أن تحدث ثورة، على الأقل بالشكل الذى تم.

· وكيف تقرأ المشهد المصرى الليبى بعد الأحداث الأخيرة والحديث عن تدخل عسكرى؟
التهديدات الليبية للأمن القومى المصرى، وأعنى بها التهديدات التى مصدرها الأوضاع القائمة على الأرض الليبية، تفاقمت أيضًا بسبب فترة تولى المجلس العسكرى وإهمالها من قبل المشير حسين طنطاوي، لكن أى تدخل مصرى على نطاق واسع الآن فى الشأن الليبى سيكون ثمنه فادحًا جدًا، فيجب أولًا عقد تفاهمات كثيرة جدًا مع قوى عديدة ومتناحرة أصبحت لها الكلمة داخل الشأن الليبى مثل القبائل والعشائر الليبية، قبل مزيد من التدخل حتى لا تغرس أقدامنا فى "وحل فيتنامي" أشك فى أن الدولة تملك مهارات وأدوات التعامل الآمن معه.

· هل ترى فى الأفق مصالحة وشيكة بين الإخوان والسلطة الحالية؟
لا أعتقد ذلك، فجماعة الإخوان وأنصارها متشبثون بعودة مرسى للحكم ولو لمدة يوم واحد كرد اعتبار وتصحيح للمسار بحسب رؤيتهم له، وهو ما لن يقبل به الجيش ولا قطاع عريض من الشعب، وعلى الجانب الآخر أرى النظام الحالى مستعدًا لقبول عودتهم ومشاركتهم فى الحياة السياسية، على الطريقة المباركية، ولكن بعد أن تعقد الوضع أكثر باعتبارها جماعة "إرهابية" وبعد شحن الشارع المصرى ضد أعضائها ومؤيديها.. لكن فى النهاية لا أحد يمكنه التنبؤ بشيء الآن ونحن لا نعلم ما يجرى وراء الستار.

· إلى أى مدى يمكن أن يصل تأثير استخدام الفن والإعلام لتوجيه الرأى العام الداخلى حاليًا؟
الإعلام لن يستمر كثيرًا فى "التطبيل"، فهو يعبر عن رؤية أصحاب القنوات والإذاعات من رجال الأعمال، وهى تخدم مصالحهم فى المقام الأول، ومن ثم فتأثيره لاشك سيتراجع فى وقت ما، وهو ما قد نستشعره الآن مثلًا من مواقف بدأ يتخذها رجل الشارع البسيط من بعض مقدمى البرامج، أما استخدام الفن كالأغنيات الجديدة مثل "بشرة خير" وغيرها فهى مجرد تقليد أعمى لفترة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذى كان مع كل أخطائه يحاول صنع إرادة تاريخية للمصريين فيستغل الملكات العليا لديهم كالحس الوطنى مثلا أما الآن فيتم استغلال الملكات الدنيا لديهم بتحريك الغرائز كحب المصريين للرقص و"الفرفشة" فى أغنية "بشرة خير" مثلا.. وشتان بين الرؤيتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.