60 مليار دولار حصيلة مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، منها 36.2 مليار دولار حجم عقود الاستثمارات المباشرة التي تم توقيعها و18.6 مليار دولار عقود لمشروعات ممولة من القطاع الخاص، وفق تصريحات المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، أبرزها في قطاعات البترول والكهرباء والإسكان، بجانب مذكرات تفاهم في قطاعات النقل والزراعة والخدمات اللوجستية بلغت قيمتها 92 مليار دولار وفق تصريحات وزير الاستثمار المصري أشرف سالمان. وتحتاج الحكومة المصرية إلى اتخاذ اجراءات وخطوات عملية متعددة حتى تتحول تلك الاتفاقات إلى مشروعات على أرض الواقع، تضيف إلى المعروض من السلع والخدمات، وتستوعب عددا من الأيدي العاملة، وتمتد تلك الاجراءات إلى مجالات التمويل وتوفير الطاقة والتدريب وحل المنازعات والضرائب. البيئة التشريعية قانون الاستثمار أولى تلك الاجراءات تتعلق بالمنظومة التشريعية، ومنها التطبيق العملي لتعديلات قانون الاستثمار، الذى أقر قبل يوم واحد من انعقاد المؤتمر، 13- 15 من مارس الجاري، وذلك عبر إصدار اللائحة التنفيذية للقانون، والتي تم إحالة كيفية تطبيق الاجراءات الواردة بعشر مواد من قانون الاستثمار إليها، وكذلك صدور القرار الجمهوري الذى يحدد المجالات الاستثمارية، التي ستتولى هيئة الاستثمار استيفاء تراخيصها من خلال نظام الشباك الواحد. الخريطة الاستثمارية وتتضمن تلك الخطوة انشاء المركز القومي لتنمية وترويج الاستثمار، المنوط به إعداد الخريطة الاستثمارية للبلاد، وكذلك صدور عدة قرارات من رئاسة مجلس الوزراء المصري لتفصيل أحوال التصرف في الأراضي والعقارات، من خلال البيع والتأجير، والتأجير المنتهى بالتمليك والترخيص بالانتفاع، والمشاركة بالأراضي كحصة عينية. كما تتضمن تلك الخطوة صدور قرارات وزارية منها ما يتعلق بإنشاء لجنة التظلمات من القرارات الإدارية لهيئة الاستثمار، وقيام هيئة الاستثمار بعد اعادة تشكيلها بعرض الأراضي والعقارات المتوفرة لديها أو لدى الجهات الادارية، لعلاج مشكلة نقص الأراضي الصناعية والاستثمارية، التي يشكو منها المستثمرون منذ سنوات، وأيضا قيام مجلس الدولة بمراجعة نماذج عقود البيع والإيجار وحق الانتفاع. الشباك الواحد وهكذا فإن البيروقراطية المتمثلة في تعامل المستثمر مع 78 جهة حكومية للحصول على التراخيص للمشروع، سيتم مواجهتها بتعامل المستثمر مع شباك واحد بهيئة الاستثمار، وهذا الشباك يتطلب توحيد نماذج التراخيص بين الجهات المختلفة، وتحويلها إلى الشكل الإلكتروني خلال عام ونصف من صدور اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار، بالتعاون مع خبرة البنك الدولي في هذا المجال. ومع شكوى المستثمرين من عدم التزام الحكومة المصرية بالعقود المبرمة معها، فقد قامت الحكومة بإجراء تعديل تشريعي يقصر حق الطعن في العقود، التي تكون الحكومة طرفا فيها على أطراف العقد نفسه، كما نصت تعديلات قانون الاستثمار على جواز تسوية منازعات الاستثمار بالطريقة التي يتم الاتفاق عليها مع المستثمر، وإمكانية اللجوء للتحكيم. ولحل مشكلة ارتفاع معدلات الضريبة على الدخل والتي بلغت 30 % للشركات، التي تزيد أرباحها السنوية عن المليون جنيه، فقد أعلن وزير المالية المصري هاني قدري دميان موافقة مجلس الوزراء على خفض الضريبة على الدخل للشركات إلى 22.5%، ويبقى صدور القانون الخاص بذلك الخفض. كما قامت الحكومة بخفض نسبة ضريبة المبيعات على الآلات الرأسمالية إلى 5%، مع رد الضريبة على الآلات التي تستخدم في انتاج سلعة أو أداء خدمة عند تقديم أول اقرار ضريبي. ورغم تلك الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لتحسين البيئة التشريعية التي ستعمل فيها المشروعات الجديدة، لكنها لن تكتفى بتعديلات قانون الاستثمار، بل أن هناك التزام حكومي بإجراء تعديلات بقانون العمل وبالقانون التجاري، واصدار قانون الصناعة والكهرباء وقانون تنمية منطقة قناة السويس. مشكلة التمويل تظل مشكلة التمويل مثار شكوى من المستثمرين خلال السنوات الأخيرة، وتفضيل البنوك تمويل الحكومة، حتى بلغ نصيب الحكومة من الإقراض المحلى بنهاية العام الماضي 65% من الإجمالي، مقابل نسبة 23 % للقطاع الخاص. وثاني الإجراءات التي يجب أن تتخذها الحكومة هي توفير التمويل بجانب إتاحة بدائل أكثر تنوعا للمستثمرين. وأبدى كثير من قيادات البنوك المصرية ترحيبهم بتمويل الاستثمارات الجديدة، قائلين إن نسبة القروض إلى الودائع، تصل إلى 40.5%، مما يعنى وجود سيولة بالبنوك يمكن توفيرها لإقراض المشروعات الجديدة. وتشير التقديرات إلى أن حجم الودائع بالبنوك المصرية وصل إلى 1.559 تريليون جنيه. ومع شكوى الشركات المصرية من ارتفاع نسبة الفائدة على القروض المصرفية مقارنة بمعدلها بالدول الأخرى، مما يزيد من التكلفة ويضعف من المنافسة بالأسواق الدولية، فقد اتجه البنك المركزي المصري مؤخرا إلى خفض سعر الفائدة. ودعا رئيس البورصة المصرية محمد عمران إلى تنويع أشكال التمويل غير المصرفي، من خلال التمويل من خلال أطروحات الأسهم بالبورصة، إلى جانب إصدار السندات والصكوك، والاستفادة من الشركات المصرية العاملة بمجال التمويل التأجيري. وقال وزير المالية المصري هاني قدري دميان إن الانتهاء من التعديلات التشريعية للصكوك ستكون بحلول يونيو المقبل. ولجأت الحكومة المصرية إلى التمويل الأجنبي، حيث أعلن رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب أن قيمة المشروعات الممولة من الخارج، من بين مشروعات المؤتمر بلغت قيمتها 18.6 مليار دولار، منها مشروعات بقطاع الكهرباء، إلى جانب الحصول على 5.2 مليار دولار قروض من جهات خارجية بالمؤتمر، أبرزها البنك الاسلامي للتنمية وبنك الاستثمار الأوروبي. أزمة الطاقة ويعد نقص الطاقة من الأمور الجوهرية التي ستواجه الاستثمارات الجديدة خاصة الكهرباء والغاز الطبيعي، حتى أن عددا من الصناعات كثيفة استخدام الطاقة تعمل بجزء من طاقتها الانتاجية، مثل السماد والحديد والاسمنت، ولهذا حظرت تعديلات قانون الاستثمار الأخيرة الترخيص بإقامة مشروعات، أسمدة أو حديد وصلب وغيرها من الصناعات كثيفة استخدام الطاقة بالمناطق الحرة. وثالث الإجراءات التي يجب على الحكومة اتخاذها هي توفير الطاقة للمشروعات الجديدة والقائمة بالفعل، ولهذا تعاقدت الحكومة المصرية على استيراد عدد من شحنات الغاز الطبيعي لسنوات قادمة لسد العجز، وهو ما يتيح تشغيل محطات الكهرباء بطاقتها الكاملة. كما سمحت الحكومة المصرية للقطاع الخاص باستيراد احتياجاته من الغاز الطبيعي، مع السماح له باستخدام السفينة المستأجرة من النرويج، والتي تحول الغاز المستورد من حالته السائلة إلى الحالة الغازية، وكذلك استخدام الشبكة القومية لنقل الغاز الطبيعي إلى أماكن المشروعات بالمحافظات. ومن ناحية أخرى كان لاتفاقات استخراج الغاز الطبيعي والبترول نصيب واضح بالمؤتمر الاقتصادي، إلى جانب التزام الحكومة بسداد مستحقات الشركات الأجنبية في منتصف العام القادم، الأمر الذى سيزيد من الكميات المنتجة محليا، كما وقعت الحكومة قرضا مع البنك الاسلامي للتنمية خلال المؤتمر، لتمويل الواردات المصرية من المنتجات البترولية. وفيما يخص الكهرباء فإن عدة اتفاقات تم ابرامها بالمؤتمر الاقتصادي، مع أكثر من شركة لإنشاء محطات توليد الكهرباء، تعمل بعضها بالفحم أو بطاقة الرياح أو بالطاقة الشمسية إلى جانب الغاز الطبيعي، كما اتخذت الحكومة عدة إجراءات لترشيد استهلاك الكهرباء بالمنازل الذى يستحوذ على النسبة الأكبر من الاستهلاك، من خلال استخدام اللمبات الموفرة وغيرها من الأساليب. العمالة الماهرة وتشكل العمالة الماهرة إحدى الصعوبات التي ستواجه الاستثمارات الجديدة. واستحدثت الحكومة المصرية مؤخرا وزارة للتعليم الفني لتوفير العمالة الصناعية، كما قامت دولة الامارات العربية بالتعاون مع الحكومة المصرية، بإنشاء مشروع "بإيدك" للتدريب من أجل التشغيل، والذى يستهدف تدريب 100 ألف شخص. الحالة الأمنية والاستقرار السياسي يظل تحسن الحالة الأمنية والاستقرار السياسي، عاملا رئيسيا في تحسين المناخ الاستثماري، ومحفزا لبدء نشاط المشروعات الجديدة من قبل المستثمر المحلى أو الأجنبي. النقد الأجنبي تستمر شكوى العديد من الشركات المحلية والمستورين من عدم تلبية البنوك المصرية لاحتياجاتهم من العملات الأجنبية، لاستيراد الخامات والسلع الوسيطة والرأسمالية. وقام البنك المركزي المصري مؤخرا بخفض سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية، للقضاء على السوق الموازية، وكذلك أصدر تعليمات للبنوك بالمرونة، فيما يخص الحد الأقصى اليومي، للودائع الدولارية والبالغ 10 ألاف دولار، والذى لا يتناسب مع الشركات المستوردة لدفع مستحقات الجهات الموردة. كما ستساعد الودائع التي أعلنت الامارات والسعودية عند وضعها بالبنك المركزي المصري، على زيادة قدرته على تلبية طلبات الشركات، كما سيساهم التحسن الجزئي في السياحة الواردة خلال الشهور الأخيرة، في توفير قدر من العملات الأجنبية. - وهكذا يحتاج تحويل الاتفاقات الاستثمارية التي تم الاعلان عنها، خلال المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ إلى بعض الوقت، لإنجاز القوانين واللوائح والقرارات الوزارية المطلوبة لتحسين البيئة التشريعية، وبدء الشباك الواحد نشاطه لإنجاز التراخيص، وتحسن قدرات شبكة الكهرباء وتوفير الأيدي العاملة والنقد الأجنبي بما يتيح للمشروعات الجديدة الحصول على احتياجاتها من الكهرباء.