منذ قيام الثورة و الجيش يقوم بدوره في حمايتها، رفض الجيش استخدام العنف مع المتظاهرين و أجبر المشير طنطاوي الحرس الجمهوري علي عدم استعمال القوة ضد الثوار الذين حاصروا قصر العروبة فأجبر بذلك مبارك علي التنحي، و بعد التنحي أعلن المجلس العسكري أنه يقوم بتنظيم أمور البلاد في المرحلة الانتقالية و أنه سيسلم الحكم للسلطة المدنية المنتخبة و أنه لن يكون له مرشح في الانتخابات الرئاسية القادمة و أنه يقف علي مسافة متساوية من جميع القوي السياسية و أنه لا يساند و لا يعارض أحدا، حاولت بعض القوي السياسية حمل المجلس العسكري علي الاستمرار لفترة انتقالية لمدة عامين و لكنه رفض. أثناء ادارته لشئون البلاد لم يشأ المجلس العسكري أن يحدث تغييرات راديكالية تاركا ذلك للسلطة المدنية المنتخبة، غير أنه كان يستجيب باستمرار لمطالب الثوار، فبدأت محاكمة رموز النظام السابق و تغيير قيادات الداخلية المتهمين بقتل الثوار، غير أنه ببداية محاكمة مبارك سري في المدينة جدل كبير حول دور الجيش أو شهادة المشير في قضية قتل الثوار أو التباطؤ في نقل السلطة و خاصة بعد اعادة تفعيل قانون الطوارئ سئ السمعة و تعيين وزير للاعلام بعد أن جزم شرف بعدم تعيين وزير اعلام لفترة طويلة باعتبار أن هذه الوزارة غير موجودة في العالم الحر و مهاجمة قوات الأمن لقناة الجزيرة مباشر الفضائية مرتين، كما أن نزول المشير لوسط القاهرة بزي مدني و مصافحة المصريين مباشرة قد اثار ايضا الكثير من ردود الافعال. مصر الأن في حالة توجس من استمرار الجيش تحت أي مسمي مع أن المجلس العسكري يعلن في كل مناسبة أنه حريص علي تسليم السلطة للمدنيين في أقرب فرصة ممكنة. معلوم أن مصر تحت ضغوط داخلية و خارجية شديدة تريد اجهاض الثورة، فداخليا رموز النظام السابق و المستفيدين منه يحاولون العودة للصورة و يحاولون طمس الثورة، ربما أدت محاكمة مبارك و ما يفعله محاميه الي ابتزاز المجلس العسكري و تخويفه من نقل السلطة للمدنيين لكي لا يتعرض أفراد العسكر للمحاكمات باعتبارهم كانوا من رموز النظام السابق لسنوات طويلة. لا يجب أن ننسي دور اسرائيل التي تعمل جاهدة علي احداث فراغ في المشهد السياسي المصري و حالة عدم الاستقرار الراهنة بمحاولة تأجيل كل انتخابات رئاسية أو برلمانية الي أجل غير مسمي لأن أي سلطة منتخبة لن تكون موالية للنظام الصهيوني، و لا ننسي أيضا الدور الأمريكي الذي يحاول بكل قوة أن يجد له دور في مصر الحديثة كما لا ينبغي أن نهمل دور الخليج في معاداة الثورة المصرية حتي لا تكون نموذجا يحتذي به باقي العرب للانقضاض علي التخلف و الطغيان و الفساد و الاستبداد. المجلس العسكري يضع جدولا زمنيا لانتخابات البرلمان بشعبتيه، فيجعل كل انتخابات علي ثلاثة مراحل تنتهي كلها في نهاية مارس أي بعد 6 شهور ثم تتشكل لجنة منتخبة لصياغة دستور جديد للبلاد ثم يستفتي عليه الشعب قبل اقراره ثم تدور رحي الانتخابات الرئاسية قبل أن يسلم الجيش السلطة للرئيس و البرلمان المنتخبين، هذا السيناريو سوف يستغرق فترة زمينة لا تقل عن عام قابل للمد لفترات لا يعلمها الا الله حسب الأحوال الأمنية التي من المتوقع أن تتعكر كثيرا لتعطيل نقل السلطة !!! مصر حتي الأن دولة رئاسية يحكم فيها رئيس و ليست دولة برلمانية، فلماذا اذن البدء بانتخابات البرلمان الماراثونية؟؟؟ في امكان مصر أن تتم فيها انتخابات رئاسية في خلال شهر واحد يمكن للمجلس العسكري أن ينقل اليه السلطة مباشرة و يقوم الرئيس الجديد بالعمل مع حكومة شرف أو يشكل حكومة جديدة أو يحدث بها تعديلات ثم يجري الرئيس الجديد انتخابات الشعب و الشوري و لجنة الدستور بعد ذلك. معظم مرشحي الرئاسة مستقلون غير حزبيين و البرلمان أغلبه حزبي، فلمن سيكون الحكم ؟؟؟. أنا أري أن السبيل الوحيد لكسر حالة عدم الاستقرار الراهن هو انتخابات رئاسية و تصعيد رئيس جديد بدلا من المخلوع ثم يأتي بعد ذلك دور المؤسسة التشريعية ثم دستور جديد، هذا السيناريو يمكن أن يختضر بشدة القترة الانتقالية بكل ما فيها من مخاطر حادثة و متوقعة و يضع البلاد علي عتبة العهد الجديد... هل من مجيب ؟؟. أستاذ جراحة القلب و الصدر بطب الزقازيق