في مبادرة فردية "من أجل تصحيح خلل في المجتمع"، سعت اللبنانية نوال فرحات عبدو إلى امتهان عمل "إنساني" تقوم من خلاله بجمع الحيوانات من الطرقات والاهتمام بها وعرضها لاحقًا للتبني من محبي تربية الحيوانات في منازلهم. عبدو، التي تعمل في مجال التجارة، تسكن في بلدة الوردانية في جبل لبنان، بدأت هذه المبادرة منذ 4 سنوات، جمعت خلالها الكثير من القطط والكلاب وأمّنت لها منازل، وأشخاصًا يهتمون بها بالشكل المطلوب بعد أن يتم إبرام عقد معهم. هي اليوم لا تبالي بالمواقف المستغربة من عملها "الإنساني" ولا تعير اهتمامًا لمنتقديها بل تدعوهم ل"العودة إلى إنسانيتهم من جديد". عبدو، التي تربي حاليا 12 قطة وكلبًا واحدًا في منزلها، قالت، للأناضول، إن ما دفعها لأخذ زمام المبادرة بجمع القطط والكلاب من الطرقات وتربيتها "ما أراه من أذى لهذه الكائنات، وإنسانيتي"، معتبرة أن الإنسانية "لا تكفي أن تكون تجاه الإنسان فقط.. فنحن والحيوانات شركاء على هذه الأرض". ورأت أن الإنسان خلق وهو المميز عن بقية المخلوقات بإنسانيته "لكنه انحرف عنها لأمور لا يقبلها العقل ولا الدين"، معتبرة أنها تقوم بهذا العمل "من أجل تصحيح خلل أصاب هذا المجتمع". وعن بداية هذه التجربة، قالت عبدو إنها بدأتها منذ 4 سنوات أبرمت خلالها عشرات العقود مع مربين تبنوا العديد من الحيوانات لديها، مشيرة الى أنها تنسق حاليا مع عدد من الجمعيات المهتمة بالحيوانات من أجل تأمين المأوى المناسب لما تجمعه من قطط وكلاب وغيرها. ولفتت الى أنها عندما تجد قطة في الطريق وهي تعاني من مرض ما، تأخذها إلى الطبيب البيطري من أجل العلاج ومن ثم توضع على لائحة الحيوانات الجاهزة للتبني، مشيرة إلى أنها تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت لعرض ما عندها من حيوانات. وأكدت عبدو أنه لا يقبل كل طلب لتبني أحد الحيوانات، "فهناك معايير يجب توافرها بطالب التبني، أهمها أن يكون محبًا للحيوانات ويهتم بها بالقدر المطلوب". وأوضحت أن فكرة التبني أتت بعد أن تزايدت أعداد المهتمين بالحيوانات، لافتة إلى وجود عقد "شبه قانوني" يتم توقيعه مع المتبني لأحد حيواناتها، "والشرط الأبرز إعادة الحيوان إلينا إن أراد المتبني التخلي عنه يوما ما وعدم رميه في أي مكان". وعن تكاليف هذه المهمة، قالت عبدو إن الكثير من الأشخاص "يدعمون بالمال وغيره من أجل الاستمرار". وأضافت عبدو أنها تربي حاليا في منزلها 12 قطة، وكلبًا واحدًا، لكل منها اسم خاص، وطبع مختلف عن البقية، "وتبقى القطط التي ولدت عندي في المنزل هي الأهم"، مشيرة إلى أن لهذه الحيوانات "أكلا خاصًا بها، ومواد تنظيف تستخدم بشكل دوري، وزيارات للطبيب". وختمت عبدو بالإشادة ببلدية مدينة إسطنبول التركية، التي زارتها سابقا، ل"اهتمامها المميز بالقطط والكلاب في شوارع المدينة، من تأمين الرعاية الصحية لها، والبيوت والطعام والنظافة"، متمنية أن "يتم تطبيق جزء من هذه المعاملة للحيوانات عندنا". ولا يختلف الاهتمام بالحيوان عن الاهتمام بالإنسان، من الناحية الصحية، فالحيوان أيضا يصاب بالأمراض ويتعرض للحوادث، ولذلك يبقى الطبيب البيطري ذا اهتمام من قبل مربي الحيوانات في منازلهم. الطبيب البيطري، جاد شعيا، أكد، للأناضول، أن الاهتمام بالحيوانات المنزلية من الناحية الطبية "أمر ضروري"، مشيرًا إلى وجود لقاحات معينة يجب إعطاؤها لهذه الحيوانات "من أجل حمايتها وحماية مربيها من أي مرض". وأشار شعيا إلى أنه يستقبل في عيادته كثيرًا من الحيوانات منذ ولادتها مع متابعة طبية دورية لها، لافتا إلى أنه يقدم مساعدات طبية "مجانية وشبه مجانية" للكثير من الحيوانات التي يتم جمعها من الطرقات. وأكد أن الاهتمام بالحيوان المنزلي، من الناحية الطبية، "لم يعد مكلفا من الناحية المادية، كما كان الحال سابقا".