«الصباغ» و«بيت المقدس» و«التخابر» أبرزها.. الحو: السلطة تستغله للتستر على بعض القضايا.. ورميح: يضر بالقضية "حظر النشر".. جملة واحدة ولكنها تحمل فى طياتها الكثير من التساؤلات، نظرًا لصدورها من شخصية قضائية بيدها القدرة على تكميم وسائل الإعلام وتنحيها جميعًا مسموعة كانت أم مقروءة عن تناول الحدث مهما كانت قوته وثقله. ففى كل يوم تخرج علينا قضايا تحمل من الأهمية ما يجعل رجال الإعلام يركزون بوصلتهم تجاهها، وتختلف هذه القضايا من جنائية إلى سياسية أو حتى قضايا اختلاس، ولكنها تتفق فى زاوية واحدة وهى شهرة صاحبها، ما يجعل قرار حظر النشر فيها، محط تساؤلات الجميع. من أجل ذلك فتحت "المصريون" الملف الشائك، للإجابة عن عدة تساؤلات أهمها مدى دستورية القرار وهل حقًا يفيد فى القضية أم يزيدها تعقيدًا؟ فى بداية الأمر، رصدنا بعض القضايا الهامة التى تم اتخاذ قرار الحظر فيها، ثم نتناول آراء الخبراء فى هذا القرار لمعرفة أبعاده المختلفة. قضية "بيت المقدس" ونجد أن من أخطر القضايا وأهمها فى هذا العام والعام الماضى التى أمر النائب العام بعدم النشر فيها هى قضية أنصار بيت المقدس، حيث صدر قرار يوم السبت الموافق 21 من شهر فبراير للعام الحالي، من النائب العام المستشار هشام بركات، بحظر نشر أى معلومات أو مستندات أو وثائق أو أى أمور أخرى تتعلق بقضية "أنصار بيت المقدس". وأوضح بيان صادر عن مكتب النائب العام، أن ذلك تنفيذًا لقرار محكمة جنايات أمن الدولة العليا برئاسة المستشار حسن فريد بالقاهرة، بحظر النشر فى القضية رقم 21947 لسنة 2014 جنايات مدنية نصر أول والمقيدة برقم 506 لسنة 2014. "الصباغ" على قوائم حظر النشر وفى تطور سريع للأمر فى قضية الناشطة السياسية، شيماء الصباغ، وبعد أن كثر الجدل والحديث فى وسائل الإعلام عن أنباء ترددت كثيرًا حول وصول النيابة إلى المتهم بقتل الناشطة وتلميح الإعلام، أن القاتل يرجح أنه ضابط شرطة جاء بيان يوم الخميس الموافق 12 من شهر فبراير فى هذا العام، من مكتب النائب العام يفيد بحظر النشر فى قضية مقتل شيماء الصباغ، فى كل وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة، لحين انتهاء التحقيقات فى القضية، والاكتفاء بالبيانات التى تصدر من مكتب النائب العام. وقال النائب العام، فى بيان له، إن النيابة العامة تابعت باستنكار ما تداولته وسائل الإعلام من روايات عديدة ومعلومات غير دقيقة ومتناقضة بشأن تحقيقاتها فى مقتل شيماء الصباغ، ما يؤثر سلبًا على سلامة التحقيقات والعدالة التى تنشدها النيابة إعلاء لمبدأ سيادة القانون. قضية رشوة ل"لواء بورسعيد" وفى يوم الرابع عشر من شهر يونيو لعام 2014 أصدر النائب العام المستشار هشام بركات، قرارًا بحظر نشر أى خبر عن واقعة ضبط موظف عام متلبسًا بالرشوة بمدينة بورسعيد والمقيدة برقم 444 لسنة 2014 حصر أمن الدولة العليا. وأهاب النائب العام بجميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، الالتزام بقرار حظر النشر وعدم خرقه تحت أى مبرر حرصًا على حسن سير العدالة وحفاظا على مصلحة المجتمع ولعدم الوقوع تحت طائلة القانون. يذكر أن الرقابة الإدارية، ببورسعيد، تمكنت من ضبط اللواء أحمد نجيب شرف، رئيس هيئة موانئ بورسعيد، متلبسًا فى قضية رشوة لتسهيل تصريح إحدى الشركات بشكل مخالف للقانون. وأكد مصدر أمني، أن معلومات تلقاها قسم الرقابة الإدارية ببورسعيد تفيد بتورط رئيس هيئة موانئ بورسعيد فى قضية رشوة، وبعد الحصول على إذن من نيابة الأموال العامة العليا بالقاهرة، وبعد تأكيد التحريات صحة المعلومات، تم وضع اتصالات رئيس هيئة الميناء تحت المراقبة، حيث تم تسجيل واقعة اتفاقه على الرشوة، وتمكن قسم الدعم الفنى بالرقابة الإدارية من تتبع المتهم وتصويره أثناء تلقيه الرشوة، وألقى ضباط الرقابة القبض عليه.
قضية "انتخابات الرئاسة" وفى يوم الرابع عشر من شهر أكتوبر لعام 2014، أمر النائب العام المستشار هشام بركات، بحظر نشر أى أمور تتعلق بتزوير انتخابات 2012، حيث شمل الحظر جميع الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية، وكذلك جميع الصحف والمجلات القومية والحزبية اليومية والأسبوعية المحلية والأجنبية وغيرها من النشرات أيا كانت وكذلك المواقع الإلكترونية، وذلك لحين انتهاء التحقيقات فيها عدا البيانات التى تصدر من مكتب النائب العام بشأنها. وقد أكد البيان، حظر نشر أى معلومات أو مستندات أو وثائق أو أى أمور أخرى متعلقة بالقضية رقم 654 لسنة 2014 حصر أمن الدولة العليا، على أن يكون الحظر فى جميع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وكذلك جميع الصحف والمجلات القومية والحزبية اليومية والأسبوعية المحلية والأجنبية، والمواقع الإلكترونية، وذلك لحين انتهاء التحقيقات فيها. وكانت قد أجريت انتخابات 2012 بين الفريق أحمد شفيق، ومحمد مرسى مرشح جماعة الإخوان، وانتهت بفوز الثانى بنسبة 51%، وتم تقديم طعون فى نتيجتها واتهام الإخوان وجهات سيادية بتزويرها فى ذلك الوقت. "أيمن الدسوقى" حظر نشره فظهرت جثته!! أصدر المستشار هشام بركات، النائب العام، فى يوم الاثنين الموافق الثانى عشر من شهر يناير للعام الحالي، بيانًا يأمر فيه بحظر النشر فى قضية ضابط سيناء الذى تم خطفه وظهور جثته بعد ذلك، ويدعى "أيمن الدسوقى"، وكان يعمل بهيئة أمن الموانئ بمعبر رفح، والذى تم اختطافه أثناء عودته من إجازته. وقال البيان حينذاك، عن مكتب "بركات"، إن قرار حظر النشر يأتى بمناسبة التحقيقات التى تجريها النيابة العامة فى حادث الاختطاف، بالقضية رقم 10 لسنة 2015 إدارى رفح. وأوضح البيان، أن قرار حظر النشر يشمل جميع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وكذلك الصحف والمجلات القومية والحزبية اليومية والأسبوعية، المحلية والأجنبية وغيرها من النشرات أيًا كانت، وكذا المواقع الإلكترونية وذلك لحين انتهاء التحقيقات، عدا البيانات التى تصدر من مكتب النائب العام بشأنها. قضية "كمين الضبعة" فى السادس من شهر أغسطس لعام 2014، أصدر النائب العام قرارًا بحظر النشر فى حادثى كمين شرطة الضبعة وبرج العرب، وذلك فى القضيتين رقمى 295 لسنة 2014 الخاصة بالاعتداء على أفراد كمين شرطة الضبعة، والقضية رقم 360 لسنة 2014 عرائض برج العرب الخاصة. يذكر أن كمين شرطة مطروح قد تعرض لحادث إرهابي، وأسفر عن استشهاد ضابط الشرطة طارق سامح مباشر، و4 مجندين آخرين، وتزامن معه إطلاق الشرطة الرصاص على سيارة وقتل 4 من مستقليها على بعد 90 كيلومترًا من الحادث الأول بدعوى أنهم إرهابيون، وتبين أنهم 4 كانوا فى طريقهم لبيع وشراء قطعة أرض.
قضية "التخابر" فى الثالث والعشرين من شهر نوفمبر لعام 2013، أصدر النائب العام قرارًا بحظر النشر فى قضية التخابر المتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسى وآخرون من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان. اللواء فراج وحقيقة قتله وقرار النائب العام وفى الثالث والعشرين من شهر نوفمبر لعام 2013، أصدر النائب العام المستشار هشام بركات، قرارًا بحظر النشر فى قضية مقتل اللواء نبيل فراج، مساعد مدير أمن الجيزة، أثناء اقتحام قرية كرداسة لضبط المتورطين فى مذبحة أفراد قسم الشرطة. الضابط محمد مبروك يدرج على القائمة وفى يوم الثلاثين من شهر نوفمبر لعام 2013، أصدر النائب العام المستشار هشام بركات قرارًا بحظر النشر فى قضية مقتل الضابط محمد مبروك، بقطاع الأمن الوطني، واستمرار التحقيقات التى تباشرها نيابة أمن الدولة العليا فى قضية اغتياله. وتضمن قرار النائب العام، أن يستثنى من حظر النشر، البيانات التى تصدر عن مكتب النائب العام فى القضايا، وجاء قرار حظر النشر، حفاظا على سلامة التحقيقات وسريتها لحين الانتهاء منها وإعلان نتائجها. آراء الخبراء فى قرار "حظر النشر" رميح: يضر بالقضية لتفعيله على المحامين أيضًا فى البداية يقول مؤمن رميح، المحامى والحقوقي، إن قرار حظر النشر فى أية قضية، يعد بمثابة سلطة تقديرية للقاضي، يقرره فى إطار القضية المنظورة أمامه، ويرجع ذلك لعدم تأثير القاضى بأية منشورات أخرى غير المقدمة له، مضيفًا أنه فى حالة ما إذا كانت القضية فى حوزة النيابة العامة، فسلطة حظر النشر يختص بها النائب العام وحده. وأضاف رميح، فى تصريحات ل"المصريون"، أن قرار حظر النشر، يضر بالقضية أكثر ما يفيد، وليس له أى قيمة، خاصة أن حظر النشر يفعل على المحامين أيضًا وليست وسائل الإعلام فقط، ولذلك لا يستطيع الدفاع، تقديم دفوعه كاملة لهيئة المحكمة، لأنه يمنع من الحصول على تحقيقات النيابة والأمن الوطني. وأكد رميح، أن قرار حظر النشر يفعل فى الغالب الأعم، حينما يكون من بين المتهمين سلطة سيادية أو أحد المسئولين فى الدولة، ولذلك تمنع المحكمة النشر فى القضية لأسباب يعلمها الجميع، أهمها محوها من ذاكرة الرأى العام، مثلما حدث فى قضية مقتل الناشطة السياسية "شيماء الصباغ" وقضايا أخرى كثيرة. واستطرد المحامى الحقوقي، قائلًا: "قد يكون مبررًا صدور قرار بحظر النشر، مسندًا إلى حماية الجمهور من أى تأثير سلبى يحدث من جراء نشر تفاصيل الواقعة أو حماية للمتهم ولأطراف الواقعة من التشهير بهم، لكن لا مبرر لحظر النشر عندما يتعارض مع الحق فى المعرفة". الحو: تستغله السلطة للتستر على بعض القضايا فى السياق ذاته، قال عماد فؤاد الحو، المحامى والحقوقي، إن قانون حظر النشر سليم من الناحية الدستورية ويقرره القاضى فى حالات الضرورة ووفقا لرؤيته، لكن فى بعض الأحيان تستغله السلطة الحاكمة للتستر على بعض القضايا التى تقلب الرأى العام ضدها، مثلما حدث فى قضية الناشطة السياسية شيماء الصباغ. وأضاف الحو، فى تصريحات ل"المصريون" أن اطلاع الرأى العام على كواليس القضية أولًا بأول يحييها فى أذهانهم، نظرًا لوجود بعض القضايا التى يتعمد فيها القضاء حظر النشر لنسيان الرأى العام لها وبراءة المدانين فيها، وهو ما يجعل القاضى يحظر النشر بها. وأشار إلى أن هناك قضايا لا يجوز النشر فيها، لأنها تضر بسير التحقيقات، خاصة أقوال بعض الشهود الذين يتخوفون من قول الحقيقة للتربص بهم، ففى هذه الحالات من الممكن أن يصبح شاهد الجريمة شاهد نفى على وقوعها، ولذلك فمن حق القاضى فى هذه الحالات إصدار قراره بحظر النشر.