طالب بيتر ماورر، رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر (إنسانية غير حكومية دولية) مجلس الاممالمتحدة لحقوق الانسان بالاضطلاع بدور مهم في المساعدة على سدّ الفجوة الفاصلة بين ما ينصّ عليه القانون الانساني الدولي وما يحدث على أرض الواقع من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان في كافة المجالات وعلى نطاقات واسعة. وأوضح ماورر في بيان اللجنة أمام الجزء رفيع المستوى من أعمال الدورة ال28 لمجلس الاممالمتحدة لحقوق الانسان أن ما يجري على أرض الواقع يتناقض مع التقدّم المحرز في مجال وضع القواعد القانونية، والمتمثّل في اعتماد مختلف الاتفاقيات الخاصة بالقانون الدولي الإنساني وبالقانون الدولي لحقوق الإنسان خلال السنوات الستين الماضية. وشدد المسؤول الانساني في البيان الذي وصل الأناضول نسخة منه على أن هذا الاخفاق لا يعني ضرورة تأييد الرأي القائل بعدم جدوى القانون بل يجب تعزيز الالتزام السياسي والتوافق الاجتماعي اللذين ثبت أنّهما عاملان فعالان للغاية في تطبيق القوانين واحترامها. كما طالب بضرورة التوصل إلى مفهوم مشترك للإنسانية والتمكن من استخدام هذا المفهوم المشترك بطريقة عصرية وموضوعية وتوافقية ليكون حافزاً على تنفيذ كل من القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان تنفيذاً فعلياً. واعترف بوجود تحديات تعترض المساعي الرامية إلى إقامة حوار جديد بشأن مفهوم الإنسانية، وضمان إقرار الدول بمسؤوليتها عن وضع نتائج هذا الحوار موضع التطبيق على الصعيدين القانوني والعملي، وذلك رغم أن الإنسانية تُهدَّد ويُعتدى عليها ولا يُعدّ هذا الأمر ظاهرة جديدة، بل هو جزء من خطة حرب نشهد فصولها منذ عقود، ويجب علينا أن نتصدّى لثقافة العنف اللامحدود بحزم ولكن بدون أي وصم، بحد قوله. وطالب ماورر ب"العمل على نشر المعرفة بالقواعد القانونية وتشجيع المساعي الرامية إلى تهيئة الظروف المواتية لضمان احترام أرواح وكرامة المتضررين من النزاعات المسلحة وحالات العنف الأخرى وإدماج القواعد القانونية المتعلقة بهذه الأمور في الأُطر العملية". وأضاف "ترى اللجنة الدولية للصليب الاحمر صعوبة بلوغ هذه الغاية إلا عن طريق إقامة حوار متواصل مع كافة الأطراف الحاملة للسلاح، سواء أكانت جيوشاً أم قوات أمن أم جماعات مسلحة غير تابعة لدولة معيّنة، ولا يمكن بلوغها أيضاً بدون تأييد الناس المتضررين من النزاعات المسلحة وحالات العنف الأخرى لمساعينا الرامية إلى ذلك وبدون مشاركتهم الفعالة في هذه المساعي". وأوضح أن المجتمع الدولي يرى كيف يُنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني انتهاكاً صارخاً وواضحاً، ونرى كيف يُهان الناس وكيف تُمتهن وتُسلب كرامتهم وإنسانيتهم. ويبدو التوصل إلى حلول سياسية عاجلة أو إلى اتفاقات مستدامة لوقف إطلاق النار أمراً بعيد المنال – إن لم يكن مستحيلاً – في معظم تلك الأماكن التي تعصف بها النزاعات وحالات العنف الأخرى. واعرب ماورر عن رغبته في "الشروع في حوار جديد يرمي إلى تحسين أحوال وظروف الأشخاص المتضررين من النزاعات". وأبدى اقتناعه بأن مجلس الاممالمتحدة لحقوق الانسان يستطيع إيجاد القوة الدافعة اللازمة لذلك، استناداً إلى القِيَم المشتركة التي ينصّ عليها ويحفظها القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وقال ماورر إن واقع النزاعات في الوقت الحاضر يوضح سجلاً حافلاً بالممارسات اللاإنسانية. فقلّما يمضي يوم بدون تعرّض الناس للتهديد، أو للمعاملة الوحشية أو للتعذيب أو للقتل، أو لغير ذلك من الممارسات والأفعال التي ترقى إلى مستوى الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني. كما أشار إلى تأثير العنف الجنسي الذي يُمارس بحقّ النساء والرجال والأطفال، والذي يُستخدم استخدامًا متعمّداً ومتواصلاً كوسيلة أو أسلوبا للحرب من أجل إذلال أفراد معيّنين ونزع الصفة الإنسانية عنهم، وصولا الى عواقب وخيمة على عائلات ومجتمعات الناجين ما يجعل المشهد الراهن مفزعاً فعلاً. وأوضح أن التغيّرات التي لا تفتأ تطرأ على النزاعات المسلحة في الوقت الحاضر (مثل تزايد عددها وطول أمد النزاعات المسلحة وتفاقم عواقبها الإقليمية) تؤدي إلى اشتداد المعاناة وأوجه الضعف الناجمة عنها وتعدّد أشكالها وصورها. واعتبر أنه نتيجة لذلك تتزايد أعداد اللاجئين والنازحين من جرّاء العنف والدمار وتشتد دوامة العنف والفقر وضعف التنمية ويستفحل شرّها عندما تُدّمر البُنى التحية والأساسية أو عندما لا تكون هناك أيّ بُنى تحتية وأساسية، كما تتضرّر الخدمات العامة تضرّراً شديداً أثناء الحروب، فلا يستطيع الملايين من الناس الحصول على المياه الصالحة للشرب، وتنشأ أجيال من الأطفال الذين لا يتلقون إلا النذر اليسير من التعليم أو لا يتلقون أيّ تعليم، ويتعذّر الحصول على خدمات الرعاية الصحية الأساسية، وتصبح المساكن غير لائقة في أحسن الأحوال. وأضاف "لنرى الآن رأي العين الكلفة البشرية الباهظة المترتبة على استخدام تلك الأسلحة والأساليب غير المشروعة. وتبيّن إفادات عديدة ما يُدرج في عِداد الخسائر والأضرار العَرَضية وما ينجم عن الهجمات العشوائية من الوفيات والإصابات، ومن الأضرار الجسيمة التي تصيب البُنى التحتية والأساسية الضرورية لتمكين المستشفيات من مواصلة عملها وتمكين الناس من البقاء على قيد الحياة". وانطلقت أعمال الدورة ال28 لمجلس الاممالمتحدة لحقوق الانسان في 2 مارس / آذار بجلسات رفيعة المستوى يتحدث امامها وزراء خارجية وعدل وحقوق انسان ومسؤولون دوليون، وتستمر حتى الاربعاء ثم تتواصل اعمال المجلس في تناول اكثر من 100 تقرير متخصص حول حقوق الانسان كافة وذلك حتى ال27 من مارس/آذار. وتأسست أن اللجنة الدولية للصليب الاحمر قبل 152 عاما بهدف مساعدة ضحايا الحرب والنزاعات وتتخذ من مدينة جنيف السويسرية (جنوب غرب) مقرا لها. وتعمل اللجنة في بؤر الصراعات والكوارث الطبيعية والانسانية حيث تتمتع بخصوصية زيارة المعقتلين والاسرى وتسهيل التواصل مع ذويهم وفق شروط صارمة تفرض عليها الالتزام بسرية معلومات الاشخاص.