"السيسي وأردوغان في السعودية للقاء الملك سلمان.. مصادفة، أم مصالحة". أعجبني هذا العنوان، وهو ليس لي، إنما نقلته عن أحد المواقع، لكني استبقته وما جاء فيه من تفاصيل عندما كتبت فور الإعلان عن خبر زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للسعودية غدا الأحد - وهو سيكون اليوم الثاني لتواجد الرئيس التركي أردوغان في السعودية أيضا ضمن زيارة تستمر ثلاثة أيام تبدأ السبت 28 فبراير وتنتهي الاثنين 2 مارس - كتبت قائلا: " هل هذا ترتيب سعودي لجمعهما معا في نفس البلد، وهل الترتيب أيضا أن يتم جمعهما معا على نفس الطاولة مع الملك سلمان؟، هل السعودية ترتب لمصالحات كبيرة ومهمة وشاملة لرأب الصدع العربي والإسلامي بدل هذا التشرذم والتناحر؟، نتمنى أن يعود الوئام عربيا وإسلاميا فالمخاطر جسيمة والتحديات خطيرة ". أضيف هنا إلى ما كتبته كلاما لافتا نشرته صحيفة "المصري اليوم" أمس الأول منسوبا لمصدر بوزارة الخارجية المصرية بأنه من ضمن أهداف زيارة السيسي للسعودية هو المصالحة مع قطر، لا أعلم مدى إطلاع ذلك المصدر وقربه من ترتيب أجندة المباحثات، ومدى دقة معلوماته حول القضايا التي سيتم مناقشتها في القمة المصرية السعودية حتى يؤكد أن المصالحة بين مصر وقطر ستكون حاضرة في المباحثات، لكن كلامه يعطي إشارة إذا أُضيفت إلى إشارة تزامن وجود الرئيسين المصري والتركي في نفس اليوم بالسعودية فإنها تقدم دلالة على أن السعودية قد تكون بصدد ترتيب أمراً مهما لمحاولة إعادة ضبط الأوضاع عربيا وإقليميا في تلك الفترة التي يتوحش فيها الإرهاب ويتوسع الحوثيون ويهددون السعودية على لسان زعيمهم عبدالملك الحوثي الذي طار عقله بعد إفلات الرئيس هادي من قبضتهم في صنعاء وذهابه إلى عدن وممارسة دوره كرئيس شرعي لليمن فسحب بذلك البساط من تحت أقدام الحوثيين فخرج زعيم المليشيا متوعدا الأحزاب والقوى السياسية اليمينة وبلدانا خارجية ليثبت مجددا أن انقلابه كان بغرض الاستحواذ على السلطة والضغط على السعودية تحديدا لتنفيذ أهداف إيرانية ضدها باعتبار الحوثيين ذراعا ورأس حربة لإيران. لا اتصور أن هناك مصادفة في تواجد أردوغان والسيسي في اليوم نفسه بالمملكة لأن مواعيد الزيارة للرئيسين مرتبة منذ فترة ولولم يكن هناك شيء ما يتم الإعداد له لكان الديوان الملكي السعودي قد رتب المواعيد بشكل لا يتزامن فيه وجود الرئيسين معا في الرياض وهذا أمر سهل وبسيط. السعودية قريبة جغرافيا من تركيا وزيارة أردوغان للمملكة كان يمكن أن تتم في ساعات وتنتهي لكن عندما تمتد لثلاثة أيام فهذا يعني تقديرا من الضيف التركي للسعودية واستضافة كريمة من المملكة للرئيس التركي فلم يمكث كل القادة الذين زاروا المملكة والتقوا خادم الحرمين الملك سلمان منذ توليه السلطة إلا ساعات هي فترة المباحثات بدءا من الرئيس الأمريكي، ثم قادة الكويت والإمارات وقطروالأردن وفلسطين بعكس الرئيس التركي الذي لن تكون زيارته عدة ساعات ولا يوم واحد إنما ثلاثة أيام وهذا يعكس خصوصية الزيارة وأهميتها وضرورات القضايا والملفات التي سيتم تداولها ذلك أن تركيا واحدة من القوى الإقليمية الأساسية والمحورية في المنطقة ولا يمكن تجاهلها أو الاستغناء عنها في تلك الفترة التي تشهد حروبا وصراعات وأزمات وخلافات عنيفة وغير مسبوقة وتركيا والسعودية في القلب منها وهما البلدان المستقران سياسيا وأمنيا وهما مستهدفان في نفس الوقت بدرجات مختلفة مع دول أخرى مما تتعرض له المنطقة من أزمات يتم تغذيتها خارجيا. لم تكن مصادفة أيضا أن تحط طائرة عاهل الأردن في القاهرة الخميس الماضي لعدة ساعات يلتقي خلالها السيسي، وهو كان في لقاء مع عاهل السعودية قبل أيام قليلة، وبين الملك الأردني والسيسي علاقة ود متصاعدة تدشن لخصوصية في التواصل بينهما، وربما تكون زيارته ناقشت ملفات تتعلق بالعلاقات مع تركياوقطر، وما قد يجري إعداده في الرياض من مبادرات لنزع فتيل الأزمات البينية العربية ومع الجار التركي حتى تكون المنطقة على قلب رجل واحد في مواجهة غول الإرهاب والصراعات الداخلية في ليبيا واليمن المنكوب بالانقلاب الحوثي والملف السوري والدماء الغزيرة التي مازالت تنزف، والعراق الذي لا يريد أن يهدأ ويتخلص من مرض الطائفية والدماء التي لا تتوقف، والوضع الداخلي في مصر الذي يزداد تأزما مع غياب الحل السياسي وسيطرت الخيارات الأمنية، وإيران بالطبع ومطامعها للتمدد عربيا وشرق أوسطيا والعامل الخارجي وما يتردد كثيرا عن خطط غربية لتفتيت المنطقة. هل يفعلها الملك سلمان وينجح في جمع أردوغان والسيسي على طاولة واحدة، وهل تكبر المفاجأة لنجد أمير قطر يشارك في قمة رباعية سعودية مصرية تركية قطرية تحتضنها الرياض؟. كل الأخيار والمخلصين والمحبين للسلام والاستقرار العربي يعولون كثيرا على ثقل السعودية ودورها العربي والإسلامي المؤثر والأساسي ويعولون على حكمة وخبرة ووطنية وعروبة وذكاء الملك سلمان في ضرورة إطفاء النيران العربية التي لا تصب في صالح العرب وتهدد بتمزيقهم وخروجهم من التاريخ وتجعل الأعداء سعداء لأن ما يضعونه من مخططات شريرة يجدونها تسير في طريق التنفيذ على أرض الواقع؟. الدور المنتظر من السعودية كبير جدا، فهي عمليا تمسك بمقود القيادة اليوم. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.